من قتل الوالي .. الاخوان المسلمون أم الموساد ؟ جثث لتفريخ الموت / نارام سرجون

دام برس : دام برس | من قتل الوالي .. الاخوان المسلمون أم الموساد ؟ جثث لتفريخ الموت .. بقلم : نارام سرجون
خليفة الإخوان المسلمين الشيخ أردوغان



نارام سرجون ( سورية ) الأربعاء 19/6/2019 م …

من مساوئ الاقدار اننا نقف اليوم أمام حالة رفضنا فيها مقولة خصومنا وبينا بالدليل القاطع والحجة والبينة انها مقولات مسمومة ومدسوسة وملفقة .. ولكن فوجئنا في كثير من الاحيان ان خصمنا تنطبق عليه مقولته وفريته هو لاعلينا .. وأننا اذا اتهمناه بما اتهمنا هو به من قبل فاننا نكون على صواب .. وان كنا نلبس رداءه ونستعمل منتجاته ونأكل من طبقه التي قلنا يوما انها مسمومة ..
اليوم مات محمد مرسي .. وبمجرد وفاته نجد ان الاخوان المسلمين كانوا جاهزين لاستعمال جثته على الفور منذ الدقيقة الاولى .. وسماه اردوغان شهيدا .. وسرعة الاستعمال هذه والاتهام تدفعنا الى التوجس من أن وفاة مرسي تشبه وفاة رفيق الحريري .. وتشبه اعدام صدام حسين وقتل القذافي .. كل واحدة جرت معها الحروب المديدة ..

فالموت في الشرق صار جسرا للموت .. وصار الموت منتجا للموت على شكل متوالية هندسية رهيبة .. فأحداث الربيع العربي انطلقت من خلال قصة رويت عن البوعزيزي الذي مات قهرا وحرقا ولانعرف حتى هذه اللحظة مصداقية تلك الحكاية التي انتشرت كالنار في الهشيم .. وأحرقت الاخضر واليابس .. وتحولت جثة البوعزيزي المحترقة في يد الغرب الى آلة انتاج للموت سميت الربيع العربي الذي حصد مئات الالاف وشرد الملايين ونكب البلدان وضيع الثروات ..

وفي العراق قتل الاميريكيون صدام حسين شنقا ولكن جثة صدام حسين استعملها الامريكيون حتى آخر لحظة .. فقد وضعوا في صورة اعدام صدام حسين الاكراد والعراقيين (الشيعة) .. ونهضت من موت صدام حسين آلة انتاج الموت الرهيبة (داعش) الحاقدة الناقمة التي تشرب الدماء ولاتشبع ..

وفي مكان آخر قتل الاميريكيون والاسرائيليون رفيق الحريري .. وساعدت جثة الحريري اميريكا واسرائيل في اخراج الجيش السوري من لبنان وفي التحضير لحرب عام 2006 والتحضير للحرب السورية التي اشترك فيها تيار (المستأبل) بحجة البحث عن (الحئيئة والاستئلال والثأر لرفيء الحريري) .. فتحولت جثة الحريري الى حدود طبيعية أهم من سلسلة جبال لبنان الشرقية لتفصل بين سورية ولبنان .. بعد ان كادت خطوط سايكس بيكو تتلاشى .. ونهض من موت رفيق الحريري موت حصد مئات العمال السوريين الابرياء الذين لانعرف مصيرهم حتى الساعة .. وكره لبنان نصف لبنان .. بسبب جثة رجل واحد ..

وفي ليبيا سيبقى خيال القذافي الذي قتلته المخابرات الغربية باسم ثوار الزنتان يدور في الصحراء مثل هاملت في مسرحية شكسبير .. يبحث عن الثأر من قتلته ويحرض القبائل على القبائل .. ولاشك ان من صمم طريقة قتله واخفاء جثمانه على درجة من الخبث انه يدري ان هذه الحادثة ستبقى سببا لاضرام النار بين الليبيين في اي وقت عندما تستدعي الحاجة ..

وفي الحرب السورية كانت كل جثة تفيد في اضرام الحرب بين الناس بل ان قضيب حمزة الخطيب قد جند بسببه آلاف المقاتلين الذين جاؤوا للانتقام لقضيب حمزة الخطيب ..

اليوم مات محمد مرسي .. وقد أكون مع كثيرين ناصبوه العداء تمنينا له نهاية قاسية عندما كاد يأخذ مصر ليبدأ الحرب الدينية التي ستنطلق من سورية فيما لو انخرطت مصر في الصراع انخراطا كان يراد له ان يكون مذهبيا .. ولكن ككل الذين يموتون في الشرق الاوسط سيتم استثمار موته في مصر كما استثمر دم الحريري ودم صدام حسين والقذافي .. وقد يتلو موته حرب ثأر طويلة .. ستسبقها حملة تقديس وتطويب بداها الاخوان المسلمون شكل يدعو للريبة لأنهم على الفور اعادوا انتاج سيناريو رفيق الحريري .. فالاتهام جاهز للعسكر والانقلابيين والسيسي وكل المفردات التي يكررونها .. فالموت في الشرق هو وسيلة من وسائل اشعال الحروب والازمات ومحرك للسياسة ..

ورغم انني لاأحس انني مضطر للدفاع عن الرئيس السيسي لكنني لاأظن انه مضطر لتنفيذ عملية القتل هذه لأن ضررها اكبر من فائدتها .. فمحمد مرسي صار شبه منسي وانتهت امكانية الاستفادة منه في مصر صد الدولة .. وهو في موته اكثر خطرا وأذى على الدولة المصرية مما هو في حياته ..

ربما مات مرسي ميتة طبيعية .. ولكني في السياقات التي ذكرت اجد انه لم يمت بشكل طبيعي بل انه تعرض لعملية تصفية او تسميم من قبل مقربين اليه .. الا ان من نفذ هذه العملية هو الذي سيستفيد منها .. وحتما لن يكون المستفيد هو الرئيس السيسي .. ومهما فعل الرئيس السيسي للدفاع عن نفسه فانه لن يقدر ان يرد الحملة الاعلامية التي تستعد لنهشه وتمزيقه .. فهو ان قبل التحقيق الدولي وكشف ان مرسي تعرض للتسميم فان الاخوان جاهزون للقول ان مرسي كان في عهدة السجون المصرية وحراسة المخابرات المصرية وهي لاشك من تولى تسميمه .. كما انهم الامن السوري انه هو من كان يسهل مرور السياسرات المفخخة الى دمشق لتبرير قمع الثوار .. وان لم يقبل بتحقيق مستقل اعتبره الاخوان يتهرب من كشف المستور ويبدو رفضه للتحقيق المستقل اعترافا غير مباشر بمسؤوليته عن القتل .. والاخوان المسلمون تنظيم شديد الانضباط والتماسك والانصياع لقرارات القيادات العليا .. ويبدو من قصة الخاشجقجي (التي أدارها التنظيم الاخواني التركي وعزفت معه كل اوركسترا الاخوان في العالم نفس اللحن ورقصت على نفس الالحان ) كيف تتم عملية الترويج المتقنة والتنسيق المدهش وقوة منظومة السيطرة على الفروع الاخوانية والافراد .. والاستثمار السياسي على الجثث لانتاج الموت ..

أميل شخصيا للظن ان مرسي لم يمت بشكل طبيعي الا ان الاتهام يقع بين احتمالين لاثالث لهما الاول هو تنظيم الاخوان المسلمين نفسه .. والثاني هو الموساد الاسرائيلي .. ولكل اسبابه ودوافعه ..

فتنظيم الاخوان المسلمين وصل الى مرحلة من الافلاس لم يبلغها من قبل بعد خسارته في مصر وسورية وتقهقره في تركيا وتونس وانحساره عن ليبيا تدريجيا بسبب العامل المصري في المعركة .. وهو بحاجة الى تفعيل جمهوره والى اعطائه منشطات سياسية ومحرضات ولايمكن لشيء ان يضاهي عملية تعرض والي مصر للقتل .. خاصة ان مرسي لم يعد يضر ولاينفع التنظيم وهو عبارة عن جثة محنطة يحتفظ بها النظام المصري .. الا انه صار رمزا .. وقتل الرمز سيعيد جمهور الاخوان الى حافة المواجهة بعد ان اضطر جمهورهم للانسحاب اثر التظاهرات التي خلعتهم من الحكم .. وقد يكون جسرا لاعادة الاخوان الى المشهد السياسي بقوة .. وضبط تحركات السيسي في المنطقة فيضطر لابعاد نفسه عن التدخل في الحرب الليبية ضد التواجد الاخواني مثلا .. كما ان تركيا ستجدها فرصة لاحراج مصر كما فعلت مع السعودية في قضية الخاشقجي .. رغم ان الخاشقجي خدم اجندات تركيا في الاقليم وكثيرا ماقيل انه اخواني الهوى .. ومع هذا فقد نحرته المخابرات التركية بالمنشار بعد ان استدرجت المخابرات السعودية الى فخ القنصلية الشهير ..

اما اسرائيل فان لها سياسة لاتحيد عن مبدأ مستمد من قلقها الوجودي منذ درس صلاح الدين الذي وحد سورية ومصر والعراق واستعاد القدس .. ولذلك فان الدول الثلاث الخطرة هي الدول الكبرى التي تحمل الثقل الحضاري والفكري والسياسي للشرق وهي سورية والعراق ومصر .. ومن غير المقبول ان يكون هناك دولة كبيرة بعد اليوم قريبة من اسرائيل وعلى حدودها .. فالعراق يتم تقسيمه بدستور طائفي والهاؤه بالحروب البينية .. وسورية يراد تقسيمها واشغالها مع تركيا وصراعاتها مع الاسلاميين.. ولم تبق الا مصر .. التي رغم انها خرجت من الصراع مع اسرائيل الا انه خروج غير مأمون .. فربما يأتي ناصر جديد ويعيد الى مصر ذاكرتها .. ولذلك اذا عاد اي ناصر فعليه ان يجد مصرين او ثلاثة امصار او على الاقل بلدا ممزقا لايشبه مصر التي نعرفها .. ومن هنا فان افضل وصفة هي عملية اغتيال لشخصية خلافية وازنة .. مثل محمد مرسي والي مصر الاخواني الذي عينه الخليفة اردوغان .. الذي طبعا لم يفوت لافرصة وحمل جثة مرسي وعلقها على باب استانبول وهو يدعو للتحقيق والثأر للشهيد محمد مرسي او .. رفيق حريري مصر .. ولن أستغرب ظهور شعارات (الحئيئة) .. في مصر ..

عندما تجوع الضواري فانها تفتك بأحد أفراد القطيع كي لايفني بقية افراد القطيع .. ولاشك أن الفرد الاضعف هو القربان وهو الضحية التي تمزقها انياب القطيع .. وهنا في موضوع وفاة محمد مرسي أجدني قلقا جدا من أن الضواري الاخوانية اما انها قتلت أحد أفرادها لاستقمار موته سياسيا أو انها تدرك ان جثة محمد مرسي بغض النظر عن سبب موتها او قاتلها الذي قد يكون الموساد الا انها جثة مكتنزة باللحم والشحم .. وهو مايريده هذا القطيع الجائع من الضباع ..

المشكلة في هذا القطيع انه لايشبع .. لعق الدم من عدة شعوب ودول .. وسيلعق .. والحرب بيننا وبينه سجال لأنه تنظيم لاينتمي الينا ولا الى أوطاننا .. انه ينتمي الى نفسه فقط وأنانيته ورؤيته الاحادية .. ومنظوره العنصري للمجتمع .. واذا كلن هذا مايحركه ايديولوجيا فان ايديولوجيته الحقيقية هي ان الغاية تبرر الوسيلة .. ووسيلة الاخولان اليوم هي دم مرسي .. وغايتهم الدنيا وسلطانها .. ومن أجل الدنيا وسلطانها يدفع مرسي حياته ثمنا لهم .. ويعلق في استانبول مثل قميص عثمان ..

* الوالي هو ممثل الخليفة في ولاية من الولايات العثمانية .. وباعتبار ان اردوغان كان هو الخليفة فان ولاته كانوا في كل الامصار التي دخلها الربيع الاخواني ..فلمصر واليها .. ولفلسطين واليها .. ولتونس وليبيا ووو …

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.