الإسلام والدِّين والثورة في فكر الدكتور علي تقي شريعتي / موسى عباس
موسى عبّاس ( لبنان ) الأربعاء 19/6/2019 م …
موسى عباس
“المهم هو أداؤنا لرسالة الله وقيامنا بواجبنا تحت كلّ الظروف وفي مواجهة جميع الإحتمالات ، فإذا انتصرنا نرجو من الله أن يقينا شرّ الغرور ونزعة الظُلمْ واضطهاد الآخرين،وإذا هُزمنا نرجو من الله أن يَقِيَنا الذُلّ والهوان والخضوع.”
تلك هي الكلمات التي كانت آخر ما كتب المفكّر والفيلسوف الإسلامي الدكتور علي شريعتي في رسالة وجّهها إلى ولده قبل بضعة أيّامٍ من إغتياله عام 1977 على أيدي رجال السافاك الإيراني في لندن .
القول بأن د.علي محمد تقي شريعتي هو ملهم الثورة الإسلامية الإيرانية لم يُجاوِز الحقيقة والواقع ،فقد عاش بوادرها وساهم فعلياً في إنتصارها من خلال تلامذته الذين تعلّموا على يديه أُسُسَ الثورة ،أغتيل قبل أن تكتحل عيناه برؤية شاه إيران شرطي الخليج وحليف الصهاينة والأمريكيين يسقط وتتهاوى معه إحدى أهم دول الإستبداد التي كانت مثالاً للطغيان ، الشاه الذي وحسب اعترافه الشخصي أنّه لم يكن يعلم أن هناك آلافاً من الإيرانيين يعيشون على بُعد كيلومترين من أحد قصوره ولا يجدون ماء.
اعتبره الرئيس الإيراني السابق هاشمي رفسنجاني مُعلّماً أساسياً في إرساء الثورة الإيرانية فقد قدّم إرثاً فكرياً هامّاً ساهم في تعبئة ملايين الإيرانيين ضد نظام الشاه محمد رضا بهلوي.
الدكتور علي شريعتي أحد مؤسسي “حركة حريّة إيران “عام 1961 التي انتسب إليها عشرات الآلاف من رجال الدين والتي ساهمت مساهمة فعّالة في الثورة الإسلامية وهو المتخصص في تاريخ الإسلام وفي علم الإجتماع كان فريداً تقريباً في نقد النزعة الشعوبية لدى رجال “التشيُّع الصفوي” ولدى “التسنُن الأموي”بشدّة ، وسعى إلى توحيد الصفوف بين “التسنُن المُحمدي” ” والتشيُع العلوي”كما أسماهما، وقال مُوَصّفاً للخلاف:
“إنّ الحرب بين المسلمين ليست حرباً بين التشيُّع والتسنُن ولا من أجل العقيدة وإنّما هي معركة بين مصالح دول ضحيتها العوام من السُنّة والشيعة”.
“مشكلتنا نحن المنتسبين للإسلام ومنذ قرون لا تكمن في عدم تطبيقنا للإسلام بل في أننا لم نفهمَهُ بعدْ”.
كان يقول عن المساجد:
-“إنّ المسجد في زمن رسول الله (ص) كان له ثلاثة أبعاد:بُعدٌ ديني (للعبادة) وبُعدٌ تربوي فكان (مدرسة)وبُعدٌ سياسي فكان (برلمان) كل مواطنٍ عضوٌ فيه ، أما الآن فقد أصبح قصراً فخماً لا أبعاد له”.
وعن الدِّين ورجال الّدين :
-” إنّ الدِّين الذي لا ينفع الإنسان قبل موته لن ينفعه بعد موته”.
“يجب ان نعيد القرآن مرّة ثانية من القبور والتعازي إلى الحياة ونقرأه على الأحياء لا على الموتى”.
-“إني أفضّل المشي في الشارع مفكّراً في عَظَمَة الله على أن أجلس في المسجد وأنا أُفكر في حذائي “.
-” حين يتخلى رجال الدِّين عن مسؤولياتهم ويتحولون إلى عوامل تخدير للناس فمن المتوقع أن يبتعد الناس عن الدِّين ويبحثون عمّا يحقّق طموحاتهم “.
-“ليعلم تجّار الدِّين أنّه سيأتي اليوم الذي تثور فيه الناس عليهم وأنا أخشى أن يذهب الدِّين ضحية تلك الثورة”.
وعن الثورة والناس قال:
-“إذا لم يكن الناس على وعيٍ وثقافة قبل الثورة فلا يلوموا أحداً حينما تُسرقْ ثورتَهُم”.
-“إذا أردت أن تُخرِّب أي ثورة أعطها فقط بُعداً طائفياً أو دينياً وستنتهي إلى هباء”.
-“إن شئت التمرُد على الديكتاتورية وعدم الرضوخ للظلم ما عليك إلا أن تقرأ وتقرأ وتقرأ”.
-“إن كنت لا تستطيع رفع الظلم فحدّث الجميع عنه على الأقل”.
-” عندما تقف ضد الظلم فستُشتم وتُخوّن وتُكفّر، لكن إيّاك أن تسكت عن الظُلمْ لأجل أن يُقال عنك أنّك رجل سلام”.
-“عندما يسقط جدار الخوف ، حتى المستحيل يصبح سهلاً”.
-“لا تقول للباطل نعم مهما كانت المصلحة”.
-“إيّاك أن تُنافِق، فإن يكرهك الناس لصراحتك أفضل من أن يُحبوك لنفاقك”.
-“لا فرق بين الإستعمار والإستحمار سوى أنّ الأوّل يأتي من الخارج بينما الثاني يأتي من الداخل”.
الدكتور علي شريعتي أحد القلائل في العصر الحديث الذي عبّر قولاً وفعلاً عن حقيقة الإسلام المُحمدي الأصيل ، الإسلام الحقيقي الذي يقود الثورة وينتصر للحق ويُسقِط الطُغاة دون أن يُرتهَن لا لشرقٍ أو لغرب بل يُصبح هو مركز إستقطاب ودعم وانتصارٍ لكل من يُعاني من الظلم والإستبداد مهما كان دينه أو مذهبه، يرفض التطرّف والإرهاب كما يرفض الخضوع والإنصياع ،يُنازل فيما لو فُرِض عليه النّزال دون أن يتجبّر أو يتكبّر ويُهادن دون مساومةٍ على حقّ أو تَخَلٍّ عن مظلوم.
التعليقات مغلقة.