حرب نفسية أمريكية تلوح بالأفق هدفها ايران / د. حمزة البلاونة




د. حمزة البلاونه ( الأردن ) الإثنين 1/7/2019 م …

الحرب النفسية (العمليات النفسية ) هي جزء لا يتجزأ من الإستراتيجية العسكرية الكلية للمعركة عبر التاريخ ، وهي السلاح السابع من أسلحة الحرب الحديثة بعد سلاح المشاة، والبحرية، والجوية، والاقتصادية، والدبلوماسية، والسياسية. و تتوجه الحرب النفسية إلى الجمهور المستهدف بها من أجل كسب قلوبهم وعقولهم وبالتالي السيطرة عليهم دون قتال أو خسائر في الأرواح والمعدات. وتستخدم الحرب النفسية قبل المعركة، وأثنائها، وبعدها. كما وتعد الحرب النفسية من أهم أشكال حرب المعلومات فهي تستهدف أيضاً زعزعة كيان المجتمع سياسياً، ونفسياً، واجتماعياً، وثقافياً ،عن طريق صناعة ونشر ثقافة الخوف والذعر واليأس والإحباط والقلق في قلوب العسكريين والمدنيين وبالتالي السيطرة عليهم من خلال التأثير على معنوياتهم وتدميرها وأخيراً الاستسلام والرضوخ ، وهنا تكمن أهمية وخطورة العمليات النفسية التي أصبحت تحتل مكاناً بارزاً في الفكر العسكري والدعائي لدى الدول المتقدمة وخاصة أمريكا،

تقوم استراتيجية الحرب النفسية الأمريكية على ترابط أدوات السياسة من دبلوماسية، واقتصادية، وعسكرية، ودعاية في شن حرب شاملة على جميع الجبهات لتحقيق الأهداف السياسية والاقتصادية والعسكرية ، وترتكز على سياسة محددة الأهداف ومعلومات استخبارية شاملة وموثقه، كما ترتبط بالاستراتيجية العسكرية والاقتصادية، وتتسم بالعلنية، والسرية، والخداع، والتعتيم، والتضليل، لتشكل رأياً عاماً على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي. وتخطط الحرب النفسية وتنفذ في السلم والحرب لتحقيق الأهداف الوطنية للبلد، وتتوجه إلى العدو الأجنبي، والمحايد، والصديق، والحليف، وتتضافر فيها الجهود الدبلوماسية،والعقوبات الاقتصادية، والأسلحة العسكرية، والضغوط النفسية، من أجل كسب المعركة سياسياً، وعسكرياً، ونفسياً وتختلف طبيعة الحرب النفسية باختلاف الجمهور المستهدف والأهداف الإستراتيجية للمعركة.

لقد استخدمت أمريكا الحرب النفسية في معظم حروبها وزاد استخدام الأمريكان لها بعد إعلان الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب عام 1991 تدشين النظام العالمي الجديد استناداً إلى أحادية القطب، التي تحققت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، و استناداً إلى التفوق الأمريكي المطلق، و خصوصاً في المجال العسكري وقد أكدت خبرة الحروب الأمريكية السابقة أن العمليات النفسية سلاح قوي وفعال في إجبار العدو على الاستسلام والتنازل عن قدر كبير من مطالبه من ناحية، وقهر الدوافع السلبية ورفع الروح المعنوية للقوات بالدول الصديقة والمتحالفة، وقد برز ذلك بصورة واضحة خلال حرب الخليج الثانية 1990-1991،وبشكل أكثر تحديداً خلال عاصفة الصحراء ومن البداية قامت القيادة المشتركة لقوات التحالف الدولية بزعامة أمريكا بتخطيط حملة استراتيجية إعلامية ونفسية قائمة على عدة اعتبارات أهمها: توظيف الأحداث والظروف لخدمة أهداف الدعاية خاصة مع تلاشي الحاجز بين الدعاية والإعلام وصعوبة التمييز بينهما.

إن المتتبع لمجريات الأحداث في الآونة الأخيرة بين أمريكا وايران يجد أن هناك حرب إعلامية نفسية يقودها الرئيس الأمريكي ترامب تجاه ايران ويبدو أنها ستكتسب مصداقية لدى حلفاء الأمريكان بالشرق الأوسط في ظل وجود تربة خصبة وأجواء سياسية مواتية وتتمثل مؤشرات الحرب النفسية الأمريكية ضد ايران بما يلي:

1. إرسال حاملة طائرات أمريكية للمنطقة (حوالي سبع سفن حربية) بالإضافة إلى مدمرتين من طراز “آرلي بورك” مزودة بأسلحة صاروخية موجهة يمكنها حمل 90 صاروخ “توماهوك” وصواريخ أخرى.

2. التهديد والوعيد بتدمير ايران في حال دخولها حرب عسكرية.

3. استخدام المفاهيم والمفردات ذات البعد الترهيبي والمتكررة في خطابات الرئيس ترامب بنهاية ايران .

4. إرسال الأمريكان طائرات مسيرة الى الاجواء الايرانية وقيام ايران بإسقاط إحداها لتكون هدف مستقبلي فيما لو حدثت حرب عسكرية.

5. التأكيد على دعم المملكة العربية السعودية في مواجهة ايران باعتبارها حليف استراتيجي لأمريكا.

6. دعم العقوبات الاقتصادية وغيرها من العقوبات وتعزيزها ضد الايرانيين وقد جاء ذلك من خلال قرار أمريكا بعدم تجديد الإعفاءات الممنوحة للدول التي تشتري النفط الخام الإيراني كنوع من العقوبات الاقتصادية.

7. ردع القوات الايرانية عن المبادأة أو التدخل في الصراعات القائمة في منطقة الشرق الأوسط أو محاولتها من هجوم المصالح الأمريكية هناك.

8. إحداث حالة من القلق لدى الايرانيين بعدم الجدوى من الدخول في حرب مع أمريكا.

9. شرح السياسة الخارجية الأمريكية وأهدافها للدول الحليفة والصديقة والمحايدة.

هذا وسيستمر مسلسل الحرب النفسية الأمريكية على ايران حتى تؤتي هذه الحرب ثمارها فقد تكون موازية لحرب عسكرية في المستقبل أو تكتفي بتجاوب الايرانيين أو نجاحهم في التعامل مع محتوى هذه الحرب النفسية.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.