باختصار .. جهنم “الربيع” العربي / زهير الماجد
زهير ماجد ( الخميس ) 3/9/2015 م …
رغم جهنم التي نزلت بالعرب منذ خمس سنوات تقريبا، فإن الاستفادة من سعيرها دخل عقل من ظن أنه موعد “الخلاص”. ولن يتوهم أحد بعد اليوم، أن تسمية “الربيع” تنطبق على الواقع الجهنمي الذي عصف بالأمة.
على الرغم من ذلك، تحرك الواقع اللبناني بعدما ظن أنه لن يتحرك .. دفعت أزمة النفايات التي تسقط دولا كبرى، شبابا غير مفهومي الاتجاه إلى التعبير عن تلك الأزمة دون أن يفهم ما يختبئ وراء الحراك، وما هي القطبة المخفية فيه .. ثمة من يقول إن محرك هؤلاء الشباب متوار عن الأنظار، يجلس في برجه العاجي ومن بعيد يكتب تقاريره حول كل تصعيد أين وصل، دون أن يعني أن في جعبته خططا أخرى من أجل الوصول إلى هدف بعينه، والهدف ليس واضحا حتى الآن، رغم أن التظاهرات تنادي بإسقاط النظام، فإذا أضفنا إليها جملة رددها المتظاهرون في سوريا وهي “سلمية”، ومن رددها هو من حمل السلاح لاحقا.
من جهتي يئست من أي حراك مهما كان نوعه، وخصوصا في لبنان بكل مورثاته الخارجية، والتي بدل أن تغيرها حربه الطويلة، عادت بأسلوب وبأساليب أخرى، وهي اليوم تنمو تحت ظلال “سلمية” ليس معلوما ما إذا ستذهب مذهب السوريين، فنكون أمام جهنم جديدة في المنطقة يراد لها أن تطول مكوناته القائمة، وفي الطليعة منها حزب الله .. وقديما قال أحد سفراء أميركا في لبنان وهو جيفري فيلتمان: لدينا أكثر من أسلوب ضد حزب الله.
الجنرال ميشال عون مستاء من المظاهرات ومتخوف من نتائجها، ورجل بهذه القامة والتجربة والخبرة الطويلة لا يمكنه إلا أن يرى إلى أين ستصل البوصلة التي تتجه إليها. ونحن بدورنا نشاركه الرأي، كما يشاركه حزب الله أيضا، خصوصا أن بعض وجوه تلك التظاهرات لها علاقات مشبوهة.
إذا تمادى المتظاهرون واتسعت رقعة التظاهرات، ونحت منحى متدرجا في أجندة من يحرك، نقول إن لبنان في خطر، ومثلما انساق الشعب الليبي في مؤامرة عليه وبعض السوري أيضا وأيضا المصري والتونسي وربما بعض العراقي، فإن محطة المؤامرة تكون قد بلغت مشارف لبنان، ومن ثم اقتحمته، وأفرغت في داخله ما هو المراد من وراء هذا التحرك.
ففي الوقت الذي لم نزل نعيش جهنم “الربيع” العربي، ونتألم لما وصل إليه عند بعض الإخوة العرب، يأتينا خبر من لبنان أنه يريد الانضمام إلى هذا الجحيم وإلى أبعاده، لكنه محمل بما قد يتجاوز جهنم نفسها إن هي وقعت الواقعة، ونجحت الخطط الموضوعة لهذا البلد العربي الصغير.
لبنان بلا رئيس للجمهورية منذ أكثر من سنة، والوزارة التي تحكم ليست توافقية ولا وفاقية، بل اسمها كما أطلقه عليها رئيسها تمام سلام وزارة المصلحة الوطنية، ومجلسه النيابي الذي مدد لنفسه، عاطل عن العمل .. هنالك إذن شبه انهيار في النظام، الذي تحكمه سلطات أمنية تكاد تكون المسؤولة عن بقائه حيا.
فهل يتعلم اللبنانيون مما جرى لإخوانهم العرب؟ أم أنهم أسرى من يحرك ومأخوذون بالشعارات إلى خراب بلد يمكنه الاحتراق بسرعة؟
التعليقات مغلقة.