خيط حرير على حيط خليل … / صبري اربيحات

 

صبري ربيحات ( الأردن ) الخميس 3/9/2015 م …

من الصعب ان تجمع عشرة اشخاص حول فكرة لكنك تستطيع ان تجمع الاردن بالكامل على طبخة…في كل مرة تحدث فيها الانتخابات يتجه الناخبون المحتملون الى مقرات المرشحون الذين يقدمون المناسف والحلوى وحتى الكفتة التي اشتهر بها احدهم…ويعرضون عمن يتحدث بالافكار والبرامج.

القضايا الفكرية والبرامج والمواقف والنزاهة والقدرة لا تعني الناخب الاردني فمعظم الذين زفوا الى برلماناتنا نوابا لا يملكون رؤى اصلاحية ولا مهارات خطابية ولا مواقف واضحة من القضايا المطروحة او فلسفة التشريع.

بعضهم اختار البرلمان لتسيير مصالحه فهو العنوان الذي تاتي اليه الحكومة دون الحاجة الى مراجعة رئيسها ووزرائها فالمقعد النيابي يحسن فرصة في الحصول على كل العطاءات التي يتقدم لها ويتيح له ان يحجز رئاسة جامعة او اثنتين لاقربائه ومحاسيبه ولن يكون هناك اعلام لمحاسبته فما عليه الا ان يهتم بمعد الاخبار في احدى المحطات ويجامل اثنين من الكتاب ليتوليا متابعة ما تقوله الصحافة عنه.

الكلفة الوحيدة التي تترتب على الصفقة عشر ولائم متوسطة وثلاث ولائم كبرى واهتمام خاص ببعض المفاتيح الانتخابية والجلوس متجهما ليقتنع الناس ان لديه الكثير حول القضايا التي قد لا يعرف عناوينها.

بعض الشباب من المبعوثين الذين ناضلوا للحصول على لقب علمي دون وجود رغبة البحث او ملكة التدريس يطرحون انفسهم على عشائرهم كوكلاء عنها تحت قبة الامة ويبقون لسنوات تحت تاثير نشوة الفوز والانتقال من عالم المعرفة الى عالم المشيخة التي شرعنها التعليم.

العشرات من اصدقاء الاجهزة والحكام الاداريين لا يجدون صعوبة في الوصول الى القبة دون المرور في تمارين الحملات والزيارات والمهرجانات وما يلازمها من طقوس الضيافة والتحلية والتوظيف فالتلويح بقدرة الاشخاص على التاثير واستجابة السلطات المحلية لتوسطاتهم اجراءات كافية لملء الصناديق بالبطاقات التي يحتاجونها للفوز.

في كل مرة يقارب المجلس على انتخاب مكتبه الدائم تنشط دبلوماسية المناسف ويتقاطر الجميع على الدعوات التي لا يتكلم فيها احد عن البرامج والاصلاحات بمقدار ما يتبادلون الترحيب والاشادة والمجاملات…

قانون الانتخاب الجديد يطرح معادلة جديدة ومدخلا جديدا للحياة البرلمانية حيث يخرج المرشحون من دوائرهم وحاراتهم الضيقة لينخرطوا في قوائم تشتمل على مرشحين يتشابهون في الرؤيا والسمعة والاستعداد ويقدمون لمجتمعاتهم املا جديدا في تجاوز الواقع الذي وضع الجميع بين خيارات يغلب عليها المعرفة والقرب والقدرة على توفير الخلاص.

في مشروع القانون الذي قد ينجح المتحمسون في تمريره دون تشوهات تفقده المقاصد والموجبات الكثير من الايجابيات التي يتطلع لها دعاة الاصلاح وناشدو التغيير فعلى صعيد العلاقة بين المواطن والمجلس يتوقع ان يسهم تعدد الاصوات في افراز اشخاص يعكسون توجهات غالبية المواطنين ويحسن مستوى التجانس بين الكتل التي افتقدت لها عبر ما يزيد على عقدين…ومن جهة اخرى يشكل القانون خطوة اساسية في تحسين مستوى العلاقة بين مكونات المجتمعات المحلية التي مزقتها الانتخابات والصراعات المصاحبة لها.

الانتخابات القادمة تحتاج الى قانون وحوار وتهيئة وتدريب لمساعدة المواطنين على الانتقال من حالة مقايضة الاصوات بالخدمات والوعد بها الى حالة المشاركة في صناعة القرار من خلال اختيار الاشخاص القادرين على التمثيل ممن يتمتعون بالقدرة والاهتمام والمعرفة والنزاهة بعيدا عن دبلوماسية الطبيخ ودعم الحكام الاداريين والاستعراض اللامتناهي لقدرة بعض الافراد على الفوز والتاثير.

ما يشتمل عليه القانون افكار جيدة تستند الى منطلقات معقولة اذا ما استكملت الخطوات دون الخوض في احجية “خيط حرير على حيط خليل” التي تؤدي الى خلط اوراقنا من جديد وفي كل مرة.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.