تجديد علاقة الأردن مع الولايات المتحدة
تسلك علاقة الأردن بالولايات المتحدة الامريكية منحنيات صعبة بسبب الموقف من القضية الفلسطينية والاختلاف في وجهات النظر حول آلية الوصول لحل عادل يرضي جميع الأطراف ، تاريخيا تمتع الأردن وما زال بعلاقات تعاون وثيقة مع الولايات المتحدة وخاصة في المسائل المتعلقة بمكافحة الاٍرهاب ، غسيل الأموال ، الجماعات المتطرفة ، التعاون الإقليمي وايضاً الموقف الموحد من التمدد الإيراني في منطقة الشرق الأوسط .
مع مجيء ادارة الرئيس دونالد ترامب وطرحها رؤية مغايرة وغير تقليدية لتسوية الصراع العربي الاسرائيلي بدأت الخلافات في وجهات النظر تطفو على سطح العلاقات الاردنية الامريكية ويجد الاردن نفسه اليوم مشدودا بين قطبي الحفاظ على مصالحة الاقتصادية والاستراتيجية وبين الحفاظ على موقفه الثابت تجاه القضية الفلسطينية.
وبالنظر الى حجم ومقدار القوة غير المتناسب بين الطرفين تميل العلاقات بينهما لاتخاذ شكل شديد الاستقطاب مما يؤدي الى خسارة الطرف الأضعف وهو الاردن في هذه الحالة ، لكنها خسارة يمكن تلافيها او تخفيف اثارها .الدول التي تواجه هذا النمط من العلاقة مع الحليف والشريك الأهم والأقوى ليس أمامها الكثير من الخيارات ، فاما هجران هذا الحليف والبحث عن حليف قوي اخر وهو ما يعد مستحيلا في عالم اليوم ، او اللجوء الى تغييرانماط السلوك والبحث عن اقترابات جديدة لخلق نظام من التوازن تحفظ فيه الدولة الصغيرة مصالحها الاستراتيجية .
عملية إعادة التوازن للعلاقات الأردنية الامريكية تواجه عقبتين رئيسيتين الأولى: أن العلاقة مع الولايات المتحدة كثيفة ومتشعبة وشديدة الاعتمادية ابتداء من الدعم الاقتصادي السنوي المالي والعسكري ومرورا بالتنسيق الأمني وانتهاء بالشراكة الاستراتيجية في ملفات إقليمية كثيرة مما يجعل هامش المناورة للاردن محدودا للغاية .
العقبة الثانية : ان خلافنا مع الولايات المتحدة حول الموضوع الفلسطيني لا تؤيده دول إقليمية حليفة لنا ، فدول الخليج لا تشاركنا نفس وجهة النظر وتختلف معنا حول أولويات جدول أعمال القضايا الإقليمية الواجب معالجتها ، فهي ترى أن مواجهة إيران يجب ان تعطى الأولوية في حين يرى الاردن ان القضية الفلسطينية هي الاولى ، وهذا الخلاف مع دول الخليج لا يساعد في دعم موقفنا تجاه الادارة الامريكية .
الأكثر اهمية من ذلك هو فقدان مجسات الاستشعار بين النظام الاردني ونظيره الامريكي ، فخلال السنوات الثلاث الاخيرة لحكم الرئيس ترامب فقد الاردن ميزته وقدرته على التواصل مع البيت الأبيض بسبب الخطة الامريكية للسلام ، صحيح ان الاردن تاريخيا كان على تواصل مع الكونجرس والخارجية والبيت الأبيض بلا استثناء ,لكنه اليوم يبقى على علاقة بمؤسسة وحيدة هي الكونجرس ، وحتى لو كان الكونجرس مهما من حيث تقرير حجم المساعدات الاقتصادية الممنوحة للأردن لكنه لا يقرر في مسائل السياسة الخارجية ,هذا من جهة ، أما من الجهة الاخرى فان الكونجرس القادم لن يكون مضمون التوجهات خلال الانتخابات القادمة حيث من المتوقع سيطرة الجمهوريون على دفتي المجلس بالإضافة لسيطرتهم على مؤسسة الرئاسة .
مطلوب من الأردن اليوم تجديد صندوق الأدوات ، فتح حوار جدي وعميق مع الادارة الامريكية الحالية ، عدم الاعتماد فقط على المؤسسات الامريكية التقليدية، تعيين طاقم سياسي يتولى الاتصال مع البيت الأبيض وأخيرا استبدال بعض النخب السياسية الحالية بأخرى قادرة على إحداث اختراق إيجابي داخل الادارة الامريكية ,مجلس الامن القومي والهيئات الاستشارية للرئيس.
التعليقات مغلقة.