الوعي الثقافي…المسؤولية والتحدي / عباس البخاتي
عباس البخاتي ( العراق ) الأحد 14/7/2019 م …
* من المحرر: أعتقد أن الكاتب الكريم يقصد الحديث عما يجري في العراق ، ولكن المقال يصلح وينطبق على كل الأقطار العربية.
المشاركة في الحياة العامة تضع النخب الثقافية أمام مسؤوليات جسيمة، كونها تتطلب توطين النفس على العمل الطوعي الذي يساهم في ترسيخ التجربة.
لا قيمة لأي مساهمة، مالم يكن مؤداها خدمة المجتمع بالشكل الذي تتم من خلاله معرفة المشاكل وتشخيص التحديات، خصوصاً ما يتعلق منها بتعقيدات البناء الإجتماعي، عسى أن يؤدي ذلك الى صياغة رؤية واقعية تحدد السلوك المناسب للتعاطي مع مشاكل المجتمع.
المجال السياسي بإعتباره أحد مجالات الخدمة العامة، فهو ليس حكراً على طبقة دون أُخرى، وعليه فالنخبة مدعوة لممارسة دورها المناسب والعمل بإسلوب الوعي السياسي، وعدم السماح لبعض الإرادات بتسييس النخبة الثقافية.
الطبقة المثقفة أمام تحديات عديدة أهمها القدرة على تحليل الأمور وفهمها وهي كذلك مطالبة بالإبتعاد عن الجدل السياسي بين هذا الحزب وذاك.
ربما تجد بعض النخب في تشابه الشعارات الحزبية وإنعدام المنجز الذي يلامس هموم المواطن وتطلعاته، ذريعةً للإنزواء والإكتفاء بمراقبة الأحداث من بعيد، وبالتالي عزوفهم عن المساهمة الجادة في وضع التصورات التي تؤدي الى حلول شاملة للوضع المأساوي الذي يشهده البلد.
لا يمكن إنكار هذا الواقع الذي تتحمله الطبقة السياسية بالدرجة الأولى، كون بعض السياسيين لا يفقهون شيئاً بالعمل السياسي إضافةً الى إن بعض التيارات تولي إهتماماً للشأن السياسي على حساب القضايا المجتمعية ومشاكل الشباب والتنمية وغيرها من الملفات الضرورية والملحة، والتي هي بحاجة الى معالجات جذرية شاملة، وهذا لن يحصل مالم تشكل النخبة الواعية وسيلة ضغط بإعتبارهم طرف أساسي في المعادلة الإجتماعية.
بناءً على ما تقدم فإن الحال سيبقى على ماهو عليه وتكون المعاناة هي الحالة السائدة في حال بقاء الطبقة المثقفة غير مبالية لما يحصل من مشاكل.
يلمس المتابع لأوضاع بعض المجتمعات المتحضرة، أن هنالك هرولة سياسية بإتجاه النخبة الثقافية مشفوعة بتقديم تنازلات تصب في صالح البرامج التنموية التي تتبناها الطبقة الواعية، والتي يراد منها تقديم خدمة حقيقية للوطن، وهذا مشروط بقوة الفاعلية ومدى الحضور وقوة الإندفاع نحو تبني الرؤية الصحيحة والواقعية، لضمان تجاوز مرحلة الإخفاق التي تصاحب مسيرة الشعوب.
إن ضمان مصالح الشعب وتحقيق طموحاته لن يأتي بالتمني والإتكالية ولا لغة التشكي والتذمر تصلح بلسماً شافياً لتضميد جراحات هذا الوطن، بل يجب أن تسود لغة المعالجة والتصحيح لواقع مليء بالملاحظات، فالجلوس على التل بحجة الإعتراض على الواقع المتردي سيثبته اكثر، مالم تتوفر الإرادة لدى مختلف طبقات الشعب التي تحتل الطبقة المثقفة مرتبة الصدارة في تشخيصها الدقيق والواعي فهل تكون النخبة المثقفة على قدر التحدي؟
التعليقات مغلقة.