القطبة الخفيّة في مأساة الطفل الغريق / طوني حداد

 

طوني حداد ( السبت ) 5/9/2015 م …

مأساة غرق الطفل “ايلان الكردي” التي هزت ضمير العالم لم تتوقف هنا فقد تبين أن شقيقه “غالب” 6 سنوات ووالدتهم “ريحان” اضافة الى 16 آخرين قد قضوا غرقاً أيضاً , بينما نجى الأب “عبدالله الكردي”..

الاسرة كما تبيّن من مدينة عين العرب “كوباني” السورية وهي اسرة كرديّة فرّت من “كوباني” الى تركيا بعد اقتراب “داعش” منها العام الماضي وبعدها عزمت الأسرة ركوب زورق الموت الى اوروبا ..

هذه القصة باختصار ودعونا من فضلكم نلاحظ مايلي :

الملاحظة الأولى :

– داعش وارهابها وجرائمها هي من دفع بعائلة “كردي” الى الفرار وليس “النظام السوري” ..هذه الملاحظة برسم “أشاوس الكي بورد” من “فسابكة” بهائم المعارضة السورية ومحطّات “البترودولار” الاعلامية العاهرة الذين رفعوا الصوت بأن الطفل الغريق وعائلته فرّوا من “براميل النظام” ولم تفدهم تلك التمثيلية التي حبكوها لتأليب الرأي العام العالمي على الدولة السورية والرئيس الأسد حيث أن جثّة الطفل تمّ انتشالها من بين الصخور وتم وضعها بطريقة مؤثرة ومدروسة على الشاطىء وأخذ اللقطات مصور محترف ولم يتم التصوير بكاميرات فريق الاسعاف ..ماأجهض هذا السيناريو الذي كان عبارة عن بداية حملة تحريض جديدة وسافرة ضد سورية الدولة هو أنه قد تبيّن بأن الطفل “ايلان” سوري كردي من مدينة عين عرب “كوباني” غير المعارضة “للنظام” والتي لم يطلق عليها الجيش السوري أي طلقة , انما “داعش” هي من روّعت وهجّرت أهلها ..هذه الحقيقة المفاجئة أخرست أبواق التحريض الاعلامي الذي كانت “الجزيرة ” واخواتها تعدّ لها..

الملاحظة الثانية :

– الأب “عبدالله الكردي” لم يفر الى “كردستان العراق”او الى المدن السورية الآمنة التي تحت سيطرة الدولة السورية كأكترية الذين فروا من “كوباني” انما فرّ الى تركيا -رغم عدم ترحيب تركيا بالأكراد حتى اللاجئين منهم – لأنه كان قد اتخذ قرار الهجرة الى اوروبا مستفيداً من امتلاكه للمال اللازم ومن الفرصة المواتية المتمثّلة بتسهيلات قوانين واجراءات اللحوء الاوروبية بما يخص السوريين القادمين بطريقة غير شرعيّة فعمد الى التعامل مع مافيات التهريب التركية بغرض الوصول الى اوروبا حيث الحياة المريحة والمجانية مخاطراً -وبرعونة- بحياة عائلته وأطفاله وزوجته باستخدام “قارب الموت المطاطي” ولم يحاول -أو لم يردْ هذا الأب- العودة الى “كوباني” التي أعلنت منذ فترة مدينة آمنة تماماً ويعود اليها يومياً المئات ممن نزحوا عنها – عادت المئات من العائلات الكوردية إلى مدينة كوباني من شمال كوردستان عبر المعبر الحدودي (مرشد بينار) اليوم الخميس مع ممتلكاتهم وحاجياتهم فيما عاد حوالي ألفي مواطن الأسبوع الفائت بعد أن تحسنت بشكل ملحوظ الأوضاع المعيشية والخدمية وتوفر الماء والكهرباء اضافة للمواد الغذائية بحسب شبكة “ولاتي -كوباني” الشبكة الاعلامية الرسمية للمدينة في تقريرها أمس –

أخيراً :

ماتقدّم لاينفي أن غرق ووفاة هذا الطفل أبكى وأدمى حتى الحجر ولكن على العالم الذي تعامل مع هذه المأساة بفائض الانسانية والتأثر الذي رأيناه بوضوح بأن لايرى بعين واحدة , فعشرات الأطفال وعشرات المدنيين يًقتلون يومياً في سورية وبأبشع الوسائل على يد عصابات الذئاب المدعومة من قبل الحكومات ذاتها التي تتباكى اليوم على الطفل “ايلان”..

هؤلاء الأطفال الذين تقتلهم العصابات المسلحة يومياً في سورية وبتمويل من مجرمي آل سعود وأتباعهم في خليج أعراب الغاز والكاز-والذين لم يقبلوا بادخال وايواء أي لاجيء سوري الى مضاربهم – وبمباركة السلطان الأميركي وتواطؤ الغرب , هؤلاء الأطفال المغدورون ليس لديهم من يدفع لهم ملايين الدولارات ويتاجر بدمهم كي تكون صورهم عنواناً أول وصورة غلاف على صدر صحف ومجلات ومواقع أخبار العالم “الحرّ”..

فلاعزاء لهم ..!

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.