خبر وتعليق، في ذكرى الثالث والعشرين من تموز 1952 م / الطاهر المعز

نتيجة بحث الصور عن ذكرى الثالث والعشرين من تموز 1952

الطاهر المعز ( تونس ) الثلاثاء 23/7/2019 م …  




الخبر:

نقلت وسائل إعلام أمريكية ملخّص حديثَيْن أدْلى بهما مبعوث الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” للشرق الأوسط “جيسون غرينبلات”، لقناتَيْن تلفزيونيتَيْن أمريكيّتَيْن، بشأن مهمة تصفية القضية الفلسطينية التي كُلِّفَ بها، وكان الحديث الأول مع شبكة ” بي بي إس” ( PBS ) بتاريخ 13 تموز/يوليو 2019، ويتلخص محتوى تصريحه في اعتبار الكيان الصهيوني “ضحية في الصراع مع الفلسطينيين… لم ترتكب إسرائيل أي أخطاء تجاه الفلسطينيين خلال عقود النزاع، لذلك أنا أُعارض تسمية التجمعات السكنية (الصهيونية) في الضفة الغربية بالمُسْتَوْطَنات، لأن الضفة ليست أراضي محتلة، بل أراضٍ متنازع عليها…”

كان الحديث الثاني، بعد يَوْمَيْن، مع شبكة “فوكس نيوز”، بتاريخ 15 تموز/يوليو 2019، حيث أعلن: “إن إدارة الرئيس دونالد ترامب لن تساوم على أمن إسرائيل، وإن الخطة الأمريكية (صفقة القرن) ليست خطة اقتصادية فقط، بل إنها تتضمن جانبا اقتصاديا وآخر سياسيا يتطرق إلى كافة القضايا، بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي… “

التعليق:

يتحدث “غرينبلات” عن “الفلسطينيين”، وكأنهم أفراد لا يُشكّلون شعبًا، ولا يحتاجون سوى بعض التّحسّن في حياتهم الإقتصادية، فيما يعتبر الصهاينة الذين جاؤوا من عشرات الدول التي يحملون جنسيتها، “شعْبًا”، وبذلك فإن قراءة متأنية لمضمون حديثه، تُظْهِرُ أن الخطة الأمريكية – الصهيونية لا تهدف سوى تصفية القضية الفلسطينية نهائيا، بعد خَنْق وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أنروا)، مالِيًّا، وزيادة التّضْيِيق على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وبعد تشديد الحصار على فلسطينيِّي غزة…

تزامنت تصريحات “جيسون غرينبلات” مع مجموعة من الأحداث ومن الخطوات الصهيونية والأمريكية التي تُهدّدُ شعوب المنطقة، من سوريا إلى إيران، ففي فلسطين، ارتفع عدد المباني التي هدمها الإحتلال، بالتوازي مع توسيع المستوطنات، وزيادة عدد المباني في الضفة الغربية، وفي القدس، هدم جيش الإحتلال حيًّا كاملا، خلال يوم واحد، وهَجَّر خمسمائة فلسطيني من نحو مائة شقة، ويعتزم هدم 250 شقة، في حيّ “وادي الحُمص”، وكان الإحتلال يتذرّع بالبناء بدون ترخيص (ترخيص يرفض الإحتلال تسليمه)، لكنه تذرّع هذه المرة “بقرب المنطقة من الجدار”، الذي اختار الإحتلال موقعه، وكان الحي موجودًا، قبل بناء الجدار…

بعد طرد السكان، أعلن جيْشُ “إسرائيل المَظْلُومة” (وفق “غرينبلات) الحيَّ “منطقةً عسكريةً”، وجَمّع الفلسطينيين المُهجّرين في ساحةٍ، قبل طردِهم بالقوة من المنطقة…

نشأ الكيان الصهيوني على طرد السكان الأصليين، أصحاب البلاد الشرعيين، ولكن الهدف المباشر من هذه العملية (الطرد الجماعي) هو إفراغ القدس من الفلسطينيين، لإحلال المُستوطنين مَحلّهم، ضمن مخطط كبير، شاركت به الولايات المتحدة مباشرة، عبر اعتبار القدس عاصمةً للكيان الصهيوني، خلافًا لقرارات الأمم المتحدة، والأمم المتحدة جهاز غير مُناصر للفلسطينيين، وشَرْعَنَ سَلْبَ وطنهم منذ 1947، ويتضمن المخطط إنشاء مُستوطنة جديدة (على أراضي “قلنديا”، تضُم عشرين ألف وحدة سكنية، وإنشاء خط سكة حديدية لرَبْط مستوطنات الضفة الغربية بالقُدْس…

تَتَنَزَّلُ تصريحات المسؤول الأمريكي “غرينبلات” ضمن مخطط “صفقة القَرْن”، الذي يُنَفَّذُ بعائدات النفط الخليجي، وفي اطار خطة ما سُمِّيَ ب”تهويد القُدْس”، قُبيْل انتخابات صهيونية (17 أيلول/سبتمبر 2019)، تتنافس فيها أحزاب المُسْتوطنين، فكل “إسرائيلي” مستوطن بالقوة وبالفعل، وبالضرورة، باستثناء من فُرِضَتْ عليهم هذه “الجنسية”، من أصحاب البلاد الشّرْعِيِّين…

كما وَرَدت تصريحات “غرينبلات”، وهدم حي “وادي الحمص”، مباشرة بعد مشاركة حُكّام العرب في “ورشة البحريْن”، ليمنحوا “شرعيةً” لصفقة القرن، وليتفقوا على “تمويل أعبائها المالية”، بحسب “دونالد ترامب”، في ظل الحصار المُشدّد على سُكان قطاع غزة، والأزمة المالية الخانقة في الضفة الغربية…

أوردت الأخبار كذلك، يوم 22/07/2019، قيام وفد إعلامي عربي بجولة في القدس، بدعوة من الكيان الصهيوني، (بالتزامن مع عملية هدم حي كامل)، في عملية تطبيعية تتجاوز الأنظمة، لتطال ما يُسمّى “المجتمع المدني”، ونشر شُبّان فلسطينيون من القُدْس مقاطع مُصورة من جولة هذا الوفد في باحات المسجد الأقصى، حيث انهال عليهم الأطفال والشبان الفلسطينيون بالشتائم والبُصاق، وقذفوهم بالأحذية، وبأشياء أخرى…

تزامنت هذه الأحداث أيضًا مع لقاء وزير خارجية البحْرَيْن نظيرَهُ الصهيوني، وعدة لقاءات أخرى بين مسؤولين خليجيين وآخرين صهاينة، وهي خطوات عملية ومُشارَكَة نَشِطَة في جرائم الاحتلال، وفي تصفية القضية الفلسطينية…

بعيدًا عن سجالات المثقفين والحُكّام العُملاء، وفي خطوة رَمْزِيّة هامة، هتف الرياضيون الجزائريون بكل تلقائية، باسم فلسطين، إثر فَوْزهم في مباراة الدور النهائي لبطولة إفريقيا لكرة القدم، في القاهرة، حيث تمكن الشعبان المصري والجزائري من مَحو صورة الصراع المفتعل بين الشعبين، سنة 2009، ثم قبيل انتفاضة مصر في 25 كانون الثاني/يناير 2011، فكان العلم الجزائري مرفوعًا في كافة المدن والقرى المصرية، وأشارت بعض المواقع المصرية على توقف الحركة، أثناء إذاعة النشيد الرسمي الجزائري (قسماً بالدّماء الزّاكياتِ والدماءِ الطاهراتِ )، وعمت الملعب الهتافات لفلسطين بعد هدف الجزائر…

ما حصل في مصر، تكرّر (دون تنسيق، وبعفوية) في معظم البلدان العربية، على الحدود، المُغْلَقَة، بين المغرب والجزائر، وفي تونس اعتبر التونسيون وكأنهم المُنْتَصِرُون، وفي ليبيا، رغم الحرب وقساوة ظروف الحياة، اجتمع الليبيون (المنقسمون بين مختلف الفصائل العميلة) على الهتاف بحياة الجزائر، وكذا الأمر في غزة وفي الضفة الغربية المُحتلّة والمُحاصَرَة…

في مصر ذكّرت مواقع مصرية بِدَوْرِ مصر في دعم الثورة الجزائرية ضد الإستعمار الفرنسي، وبدعم الجزائر لمصر أثناء عُدوان 1967، وبعده (حرب الإستنزاف)، قبل الإختلاف بشأن مخطط “روجرز” (وزير خارجية الولايات المتحدة آنذاك)، وأظْهَرَ هذا الحدث الرياضي، مكانة فلسطين، ومكانة الإنتماء القومي للعروبة (بمفهومها الواسع، فالعروبة ليست عرق أو أثنية، بل هي انتماء ثقافي وحضاري) في مشاعر الشعوب، وشكل انتصار فريق كرة قدم على فريق من إفريقيا (وليس من أوروبا الإستعمارية) فُرْصَةً لكَسْر الحُدُود والقُيُود والثقافة القُطْرِيّة التي يُروجها الإعلام السائد، وأنظمة الحُكم، وفرصة لجعل فلسطين قَاسِمًا مُشتركًا بين الجزائريين والمصريين (في ملعب القاهرة)، وبين الشعوب العربية عمومًا، وكانت فُرْصَةً لإظهار تعكس المشاعر الشعبية والمتمثلة بانتماء العرب إلى أمة واحدة (خلافًا للحُكّام العُملاء)، وهذا لا يعني طَمْسَ حقوق مختلف مُكونات هذه الأمة، بل رفض تدخل الإمبريالية في قضايانا، بهدف تفتيتنا وإضعاف كل بلاد، عبر العدوان والحروب والحصار والتجويع، كما يحصل فس فلسطين وسوريا والعراق واليمن والصومال وليبيا…

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.