“لتكن يد عدوك اداتك للتخلص من الأفعى” – مثل إيراني “عتيق” .. و”ويلات” اميركية “حديثة” ولدت من رحم خطيئة كولومبوس في الرابع من تموز عام 1776! / ديانا فاخوري
ديانا فاخوري ( الأردن ) الأربعاء 24/7/2019 م …
هكذا فعلت دول المحور الصهيواعروبيكي بحروبها ضد أعداء ايران مثل “طالبان”، و”العراق” بنهاية القرن المنصرم ومطلع القرن الحالي .. وتماما هذا ما يفعله البريطانيون بحجز الناقلة الإيرانية في مضيق جبل طارق – قطعا من غير قصد! جاهدت وجهدت بريطانيا لانتزاع الاعتراف الدولي بحقوق الدول المشاطئة للمضيق في التعامل مع «المرور العابر» مؤكدة أن الدولة التي تملك السيادة البرية على طرف المضيق تملك الحق بتفتيش السفن التي تتجاوزه وفقاً لمفهوم المرور العابر قانونياً، أي المرور باتجاه مقصد نهائي آخر، دون التوغل في المياه الداخلية للدولة المشاطئة .. وهكذا يقدمون لإيران “قانونية” معركتها التاريخية بخصوص السيادة والقوة في مضيق هرمز، الذي يمثل مفصل الاستراتيجية الإيرانية في الإفادة من ميزات الجغرافيا الدولية الاقتصادية والعسكرية التي تعرف كيف تدير معادلاتها.
وها هي ايران تفسح في المجال “لليد” البريطانية لخوض المعارك السياسية، والدبلوماسية، والتشريعية لتثبيت قانونية عملية إيقاف الناقلة الإيرانية استناداً إلى بدء سيادة الدولة المشاطئة للمضيق لتقوم هي (اعني إيران بدورها) بتطبيق هذا المبدأ من موقعها على مضيق هرمز، فتوقف الناقلة البريطانية .. وابعد من ذلك، فقد أخذت إيران هذا المفهوم القانوني الى مجلس الشورى معلنة عبره عزمها فرض رسوم مرور في مضيق هرمز لتحقيق عائد مالي معقول، وعائد قانوني يتمثل في حقوق التفتيش، والتحقيق وربما التوقيف، وما يعنيه عموماً من تثبيت حق الإمساك بالعبور من المضيق .. هل فاتهم ان المواجهة التي تخوضها واشنطن مع إيران حول المرور العابر في مضيق هرمز تنطلق من إنكار أي حقوق للدول المشاطئة للمضيق في التعامل مع “المرور العابر”!؟
وهنا لا بد من العودة الى “سيف بن ذي يزن”، واستذكار سيف “جاستا”، وسيف أخيه الجنين “قانون المحاسبة”، مرورا بسيف “ايفانكا” – موجة ابتزاز تلو موجة تغرف من أموال الخليج وثرواته .. جولة ابتزاز تلو جولة ترفدهااحوال عربية متردية تتمظهر جزئيا بهرولة تطبيعية مجانية تفتح الأبواب مشرعة على صفقة او صفاقة او صفعة القرن كاستثمار صهيواعروبيكي استراتيجي توسل سياسة الخطوة خطوة او القضم التدريجي من القدس الى الجولان فإسقاط صفة الاحتلال عن كل ماتغتصبه “اسرائيل” وإسقاط صفة “لاجئ” عن “الفلسطيني” ومحاصرة وكالة غوث اللاجئين إسقاطا لحق العودة، وفي الطريق إلصاق تهمة الإرهاب بقوى المقاومة والتحرير من غزة الى القدس، ومن سوريا الى ايران. وها هم يحاولون إنجاز هيكل دولي صوري لتمويل الصفقة من أموال العرب في البحرين او على البرّين .. ثم ماذا عن الملفات الكامنة في اروقة المحاكم والمكاتب السياسية للبيت الابيض مثل “قانون جاستا” و”قانون المحاسبة”؟ متى “يطرنبها” ترامب وغيره ليستمر في نهب ثروات السعوديه ودول التحالف وقطر وتركيا وغيرها من الدول التي شاركت بقتل المدنيين والابرياء في اليمن وهو ما تقوم الولايات المتحدة الأميركية برصده وتوثيقه يوميا وبالتفصيل؟
وتجدر الإشارة هنا الى محاولات خجولة (لكنها جادة) تؤشر لأزمة مع الحليف الأميركي فها هي السعودية “تتجه نحو إزالة التوتر، وتغير نهجها بجدية” فتعيد سفينة “هابينس 1” التي قطرت إلى ميناء جدة في أيار المنصرم إثر تعرضها لمشاكل تقنية .. أزمة جدية تتفاقم على المستوى الاستراتيجي اذ بات اصحاب الحلف الصهيواعروبيكي يدركون ويعلنون وبكل وقاحة عن تقهقر النفوذ السعودي وفشل مشاريع ولي العهد في كل من سورية والعراق ولبنان واليمن وإيران مما أدى لتراجع النفوذ الأميركي في المنطقة سيما ان واشنطن كانت قد اتخذت، ربما لظروف اقتصادية في عهد الرئيس الأميركي السابق أوباما، قراراً بعدم التدخل العسكري الفاضح خارج حدودها بعد غزو العراق عام ٢٠٠٣ موكلة هذه المهمة لتحالفاتها الإقليمية؟! هم يدركون أن عليهم التحرّك الآن وقبل حسم معركة إدلب خاصة ان الرئيس الأميركي ما فتئ يُغضبهم باستغلال موضوع الخاشقجي لفك الحصار السعودي الإماراتي على الحليفته قطر – بما لهذا المحور فيها من نفوذ!
لقد ضاق الله والتاريخ ضرعا بدولاند ترامب، فمتى يطفح الكيل ليضيق البعض ذرعا بالابتزازات والاهانات والتهديدات الأميركية!؟ متى يدرك هؤلاء ان الخلاف السعودي مع ايران هو خلاف بالوكالة عن أمريكا حامية المصالح الصهيونية؟! جميعنا يعلم انهم يريدون لنا أن نلاقي دينيس روس بكل حمولته اليهودية، وجاريد كوشنر وصحبه مبعوثي هيرتزل الی المنطقة .. يدعوننا الی عدم القلق من “الشقيقة اسرائيل” .. ويرون أنه يحق لنا أن نقلق من ايران صاحبة البعد الاري الذي يتقاطع مع البعد الاري في الشخصية الجرمانية و يشيرون الی أن الصليب المعقوف مستوحی من شعار ايراني قديم متصل بطائر الهوما .. ثم يستفيضون بتحذيرنا من ظهور “هتلر الايراني” الذي سيغزو الشرق الأوسط بعربه و يهوده! من هنا تمخضت عبقريتهم البراجماتية عن ضرورة التحالف بين العرب و أشقائهم اليهود ضد الأعداء الغزاة الايرانيين، الفرس، المجوس، الصفوبين، الرافضة والعجم .. و لتسقط او تذبح أو تشتت ( بضم التاء) منظومة المقاومة و الممانعة .. هكذا تكون المتاهة اليمنية وهيروشيما البسوس مصداقآ لما زعمه وزير خارجية ترومان Dean Acheson عن اقتراب العقل العربي بحمولته الدينية من العقل الوثني فنتعاطى مع العالم على انه مهرجان للعدم؟ لعل هذا ما يفسر استدعاء “فارسية” ايران و “مجوسيتها” و “شيعيتها”يوم خلعت النجمة السداسية ورفعت محلها العلم الفلسطيني في طهران!!
متى يطفح الكيل ليضيق البعض ذرعا وهو يرى كيف تشكل مجموعة براين هوك، وشبكة مايك بومبيو الإعلامية، ولغة إسقاط النظام الإيراني تارة و التلكؤ بلغة المهادنة تارة اخرى ظلالا لانقلاب 1953؟! جميعنا يرى كيف تقمص براين هوك دور كرميت روزفلت، وترامب دور دوايت أيزنهاور، و بومبيو دور جون فوستر دالاس! نعم جميعنا يرى ويتساءل: الا يدفع كل ذلك الإيرانيين لاستعادة خطاب الدكتور محمد مصدق وقد تيقنوا أن زمن “المؤامرات” متصل ومتواصل، وأن العلاقة المحببة مع الغرب تعني التنازل عن الاستقلال؟ فهل نعتبر؟!
وبالعودة الى “سيف بن ذي يزن” وليس دفاعا عن ايران ولكنها المناسبة، بل لعلها المفارقة التاريخية .. ودون تجاهل المفاوضات الجارية بين الجشع “الشايلوكي” والحنين العثماني، هل جاءت المواقف الاخيرة بالرد علي التهديد الأميركي الاوروبي بما قد يؤدي لتفجير ازمة نفط عالمية مرورا بمصالحة ايران وربما التحالف مع محور المقاومة تمثلا بسيف بن ذي يزن؟! هل استدعت القراءة العلمية للتاريخ وتراكمات العقل الباطن اللحظة التاريخية يوم لم يجد سيف بن ذي يزن غير “ايران” تلبي نداء استغاثته، فحرر اليمن و طرد الاحباش منها؟!
لطالما تساءلت وأكرر التساؤل هل كان قايين ليقتل هابيل لو تعلم حياكة السجاد العجمي, و خبر ليالي الأنس في فيينا (التي أثمرت انتصارآ نوويآ ايرانيآ)، وآمن أن الناس اثنان: أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق .. أما حاكة السجاد العجمي و لاعبو الشطرنج فهم من توج العشق بين التاريخ و الآيدولوجيا بزواج أثمر اللحظة التكنولوجية النووية .. هم الشعب الأول وهم بناة الحضارة الأولى في التاريخ منذ حوالي 9 آلاف سنة .. هل تذكرون كيف خاطب وزير خارجية بريطانيا، منذ حوالي 10 سنوات، الايرانيين بصلف و تكبر مؤكدآ أنهم لن يسمحوا لهم باستخدام جهاز طرد مركزي واحد! أما اليوم فتملك ايران، و باعتراف العالم، آلاف أجهزة الطرد المركزي .. وفي اليوم الذي أقرت به ايران الاتفاق النووي، أعلنت عن تجربة “عماد” الذي يبلغ مداه 1750كلم تأكيدآ لحفاظها على البرنامج الصاروخي الذي أرادت أمريكا منع ايران من امتلاكه .. والى القدرات الصاروخية الباليستية وغيرها التي تستمر ايران في الكشف عنها حتى بعد توقيع اتفاقها النووي مع الغرب، فانها باتت – حسب تقرير طومسون رويترز – في المركز 17 عالميآ في انتاج العلوم منذ عام 2013. و قد أنتجت 2925 مقالآ علميآ متخصصآ وازداد انتاجها العلمي 20 ضعفآ منذ عام 1996. كما أنفقت 3.6 مليار دولار فقط عام 2011 على البحث العلمي. وهي تنتج سنويآ نحو 40 الف كتاب و تطبع حوالي 250 مليون نسخة، ناهيك عن الأقمار الصناعية وتكنولوجيا النانو وانتاج السيارات (نحو مليون سيارة حتى وقف الحصار ) .. و ها هي اليوم تدخل عصر القنبلة الاقتصادية و سوق الذهب الأسود و الأسواق العالمية الأخرى .. انظروا مثلآ كيف تتهافت شركات الايرباص الاوروبية والبوينغ الامريكية على الأسواق و الاستثمارات الايرانية .. قلناها سابقآ، أيآ كانت السيناريوهات، أن الاتفاق النووي مع ايران – و دخولها عصر القنبلة الاقتصادية و سوق الذهب الأسود و الأسواق العالمية عامة – يأتي ضمن السياق الأمريكي الصيني حيث تقود الصين الهجمة الاقتصادية الى جانب المنافسة السياسية والعسكرية المتنامية التي يخوضها بوتين و رفاقه رفضآ للتفرد الأمريكي يردفها تكتل البريكس في تصديه للاحتكارات الأمريكية و هيمنتها على الأسواق و الأسعار والثروات!
ويبقى السؤال الأساسي ماذا لو اوقفنا سرقة الاقتصاد ومحاولات بيع التاريخ وإلغاء الجغرافيا خدمة للاستعمار وأصحاب المحور الصهيواعروبيكي واستثمرنا أموال العرب في مشاريع بناءة على الطريقة الايرانية؟! أجزم لو حصل هذا لحج الينا أهل السماء والذين فيها طالبين الاقامة بيننا في جنة العلم والعمل على هذه الأرض!
واليوم أكرر نداء ان كونوا مع الامام علي اذ قال: “لست بخب، والخب لا يخدعني” .. اوقفوا قطار الموت ومهرجان الدم .. المال الذي عبأ الشيعة/الحوثيين شعوبا وقبائل ضد عبد الناصر والعرب السنة يعود اليوم ليعبيء سنة العالم ضد ايران وقوی المقاومة! كان الامام البدر شيعيا/حوثيا ولم نتردد في التحالف معه ضد عبد الناصر والعرب السنة! كان الشاه شيعيا/فارسيا، ولم يمنعنا ذلك من الارتماء في الحضن او – ان شئت – الحصن الايراني حينها! تذكروا ان الله كرم الامام علي فلم يدعه يسجد لصنم قط، فكان هو السني الاول في التاريخ .. فانزلوا _ يا هداكم الله _ عن الأشجار ولا تقطعوا الغصن الذي تجلسون عليه او ذاك الذي قد يظللكم .. لا تسمحوا بتنفيذ مخطط “برنارد لويس” لتفكيك السعودية وتشظيتها وتفتيتها .. نعم لا نمل من تكرار هذه الدعوة لمغادرة الجانب المظلم من التاريخ .. تعالوا ليوم مرحمة ولكلمة سواء ولا تغرقوا في العدم!
يا قوم اعقلوا وثبتوا البوصلة باتجاه فلسطين وكُفوا عن مراقصة الغيب في مهرجان وثني قد لا يتوقف عند الأبد كما يرى بيرنارد لويس .. أم هل تراناأرهقنا الله بما فيه الكفاية فتركنا و شأننا كما يرى روجر كوهين؟ اوقفوا “الكوميديا الجاهلية”، لقد شبعنا لعبا بين يدي بيرنارد لويس و صحبه اصحاب بدع و خطط و خدع تفتيت المنطقة طائفيا وعرقيا كي لا تبقی فيها دولة سوی اسرائيل .. من زئيف جابوتينسكي الی موشی هالبيرتال وحتی أوباما – و ترامب بالتاكيد! لا تدعوا “الخب” يخدعكم .. الا تذكرون ملجأ 11 ايلول 2001 الاستراتيجي السري الذي جمع بوش الابن و ديك تشيني بالبروفيسور الصهيوامريكي برنارد لويس؟ عندها عرض لويس خرائطه طارحآ التحالف ضد “الخطر الايراني” كتكتيك لتسهيل تفكيك الدول العربية والاسلامية خدمة لاسرائيل وحماية لها من الخطر المصيري! وهذا يعيدنا إلى يوم أوقعنا “الخب” في الفخ بشن الحرب على ايران عام 1980.. اما بريجنسكي، فقد بدأ يفكر بتنشيط حرب خليجية ثانية لتفتيت المفتت و “تصحيح اتفاقية سايكس بيكو”.. و عليه قامت وزارة الدفاع الأميركية بتكليف برنارد لويس بوضع مشروع عملي لتفكيك المنطقة على أسس دينية, طائفية, مذهبية, عرقية, ثقافية .. وتمت المصادقة على مشروع لويس هذا في جلسة سرية للكونجريس الامريكي عام 1983!
التعليقات مغلقة.