عندما تبكي ” ميركل ” / ميشيل كلاغاصي

 

ميشيل كلاغاصي ( السبت ) 5/9/2015 م …

 دموع ” ميركل ” تهز العالم ! و تجعله يتغير و يتحول بين ليلة ٍ و ضُحاها , من رافض ٍ إلى متسابق ٍ على إقتسام اللاجئين السوريين و بالتساوي .. ما يشعرك أنهم يتهافتون و يتقاسمون قطعة حلوى !! لم يستغرب العرب و السوريون دموعها و بكائها , فقد سبقتها دموع فؤاد السنيورة في لبنان , و دموع ” الطيب ” أردوغان و رفيقه داوود أوغلو في تركيا .. فإذا كان السنيورة سارق لبنان , و أردوغان سارق حلب , فإن أنجيلا ميركل لا تعدو أكثر من سارقة السوريين أنفسهم . هل احتاجت ميركل إلى صورة الطفل الغريق لتذرف دموعها ؟ و هرعت إلى مكتبها لتوافق على دخول اللاجئين إلى بلادها ؟ و لتغادره فورا ً بإتجاه محطة القطار لإستقبالهم ؟ هل تريد أن نصدق أنها بنت مواقفا ً سياسية كبيرة و هامة و خطيرة , لمجرد رؤيتها – صورة – !؟. كم من الصور الوحشية التي شاهدتها ” ميركل ” في فلسطين المحتلة و مجازر الصهاينة بحقهم , و كم من صور الرؤوس المتدحرجة بعيدا ً عن أجسادها بفعل سكاكين داعش و أخواتها من التنظيمات الإرهابية في سورية و العراق , و كم من صور حرق الأحياء و صلبهم و…الخ , فلماذا لم تنهمر دموعها ؟ هل احتاجت هذه الصورة ؟؟ …. نحن نتهمها بالإشتراك مع منفذيها الأتراك , و نطالب بفتح تحقيق ٍ دولي يكشف ملابسات الحادثة , و لن نستكين لتحقيق السلطات التركية المتاّمر الأول في قضية تهجير و ترحيل السوريين . يبدو أن ميركل تحاول سرقة جائزة نوبل للسلام من الرئيس الأمريكي باراك أوباما , الذي سعى لتبرير اتفاقه النووي مع إيران , و إعادة العلاقات مع كوبا , و تشكيل التحالف الدولي في محاربة و مكافحة داعش في سورية و العراق .. ليكون رجل السلام الأول و صاحب الأحقية في الجائزة قبيل انتهاء ولايته , هل هناك من يحاول أن يؤكد أن الحرب على سورية ستستمر لما بعد انتهاء ولاية الرئيس أوباما ؟؟. أي ُ مخطط يرسمون .. و ماذا ينتظر السوريون !؟. لقد بدأت قصة نزوح و لجوء السوريين, ببناء المخيمات في الأردن و لبنان و تركيا قبل أن يغادر سوري ٌ واحد منزله, و فتحت أبوابها لإيواء عائلات و نساء و أولاد من تفرغوا لقتال دولتهم, فيما ُاستغل الملف ” الأنساني ” مرارا ً و تكرارا ً في محاولة فرض مناطق عازلة و اّمنة و ممرات إنسانية و مناطق حظر ٍ جوي , و قُدمت عشرات مشاريع القرارات الدولية تحت هذه العناوين , بالإعتماد على عدد النازحين و تقارير الأمم المتحدة و منظمة هيومن رايتس وتش بزعامة فاليري اّموس , التي لم تأن جهدا ً في تقديم اّلاف الصفحات الملفقة و المزيفة التي اعتمدت الكذب و تزييف الحقيقة نهجا ً لعملها . و مع صمود الدولة السورية و مرور الوقت بدأت تخرج إلى العلن فضائح الإعتداء على النازحين , و أزدهرت تجارة الأعضاء , فيما امتلئت النوادي الليلية في اسطنبول بمئات السوريات تحت كره المافيات التركية , فيما وزعت السبايا على العناصر الإرهابية بداعي اللهو و المتعة , في الوقت الذي انتشرت فيه ظاهرة بيع الفتيات عبر زيجات ٍ وهمية و بأبخس الأثمان للسعوديين و غيرهم . في الوقت الذي لم تنقطع هجرة و لجوء السوريين غير الشرعية إلى أي مكان يستطيعون الوصول إليه , بتشجيع ٍ من مافيات و تجار البشر عبر رحلات موت ٍ , قضى فيها الكثيرون قبل أن تطأ أقدامهم أية أرض . لم تكن الدول الأوروبية وقتها ترحب و تسمح للاجئين بدخول أراضيها , خصوصا ً الدولة الألمانية التي وقعت مع تركيا اتفاقية إعادتهم إلى تركيا , و قامت منذ ستة أشهر بتفعيل هذه الإتفاقية , و دفعت غيرها من الدول الأوروبية للحذو حذوها و بإعادة اللاجئين إلى أول بوابة عبور أوروبية . مالذي تغير !!؟ و جعل صاحبة الوجه الجامد , و ممثلة الجبروت الألماني .. أن تتحول إلى الأم تريزا و إلى كتلة ٍ من العواطف و المشاعر الإنسانية , و كيف لنا أن ننسى ما قالته للطفلة السورية النازحة التي اقتربت منها : ” لا مكان لكم هنا عودوا ” .. و ماالذي جعلها تتجاهل رأي أغلبية الشارع الألماني الرافض لقبول النازحين و اللاجئين ؟ و تتجاهل الحوادث اليومية و الإعتداءات على السوريين بالطعن و الضرب و حرق المخيمات و بيوت اللجوء في أغلب المدن الألمانية ؟؟ و هل تخاطر بأمن الداخل الألماني عبر تحديها له ؟ هل الاّنسة ميركل تحكم دولتها بشكل ديكتاتوري أم أن ورائها حكومة ٌ شرعية منتخبة وتقود حزبا ًسياسيا ً يدعمها و يؤيدها ؟و كيف نفهم ضغطها على الدول الأوربية كي تقبل بما قبلت به , معتمدة ً على قوة إقتصادها و ريادتها على القارة العجوز ؟ يبدو أن وراء الأكمة ما ورائها !!. هل ناصرت الدولة الألمانية يوما ً قضايا الشعوب المحقة و المظلومة, و هل في التاريخ ما يُستدل به على الكرم ” الحاتمي ” الألماني..!؟. قد يكون من المستحسن مقاربة الموضوع من ثلاث زوايا : 1- تكاليف الدولة الألمانية 2- المكاسب الأولية 3- الأهداف الكامنة . – تكاليف الدولة الألمانية 1- تدفع الدولة الألمانية ما يقارب 1200 يورو يوميا ً تكاليف و مصاريف استقبال اللاجىء الواحد , من أجور نقل و تقديم أسباب العيش لحين دراسة ملفه و إبقائه على أراضيها أو ترحيله إلى دولة أخرى . 2- ترفع منسوب التوتر الداخلي و السخط الشعبي جراء تحدي الشارع الالماني لوجود اللاجئين على أراضيهم . 3- إن استقبالها لشرائح مختلفة من النازحين و اللاجئين و ممن حملوا معهم خلافاتهم الدينية و السياسية و الفكرية, يفرض عليها تحمّل النتائج المترتبة على ذلك. – المكاسب الأولية 1- الحصول على كتل بشرية بأبخس الأثمان . 2- الإستفادة من عقولهم و أياديهم العاملة و مهارتهم الحرفية التي جلبوها مهم من الشرق . 3- تسجيل مواقف سياسية ” إنسانية ” تُحسب للدولة الألمانية. 4- الإستفادة من معدلات أعمار الوافدين ( الفتية ) و اللذين استطاعوا تجاوز مغامرة الوصول , و الزج بهم في مجتمعاتهم الهرمة و التي يصل معدل الأعمار فيها إلى 82 عام .. لتنشيط الحياة الاجتماعية هناك. 5- إنعاش الأرياف الألمانية التي أصبحت شبه خالية من السكان. 6- استغلال ملف اللاجئين ضد الحكومة السورية .. بإعتبار ألمانيا دولة ً مشاركة بالحرب على سورية و لو من وراء الكواليس . – الأهداف الكامنة 1- إن فتح أبواب الهجرة و اللجوء إلى ألمانيا و باقي دول العالم, يعتبر سرقة ً موصوفة للعنصر البشري و للإنسان السوري.. و هو هدف ٌ بحد ذاته. 2- إفراغ الدولة السورية من أبنائها وملايين العقول و الأيدي العاملة , مما سيحرمها من اّلاف الأطباء و المهندسين و العلماء و الضباط و الجنود , خاصة مع إعتماد الدولة السورية مجانية و إلزامية التعليم . 4- تقطيع و تشتيت أوصال الشعب السوري , لما يحمله من فكر وطني و قومي و أصالة و جذور صعُب عليهم إقتلاعها عبر التاريخ , تمهيدا ً للقضاء على الهوية العربية و لإنهاء القضية الفلسطينة . 5- استكمال مشروع إفراغ الشرق من المسيحيين, عبر منحهم تسهيلات تفوق أقرانهم من السوريين. 6- استخدام اللاجئين في استحقاقات الإنتخابات الرئلسية القادمة , بعد إتجاه العالم إلى الحل السياسي , إذ لن يستطيع الغرب أن يمنع السوريين من حق الإنتخاب و التصويت كما حصل سابقا ً , فلن يجرؤ اللاجئون على مخالفة الأوامر هناك و بعيدا ً عن الوطن , و توقيعهم على صكوك بيعهم . 7- استخدام الرواية الموحدة التي يلقنوها للاجئ و المهاجر كي تُقبل أروراقه , و التي تروي قصة هروبهم و نجاتهم من الموت في سورية جراء قصف مدنهم و أحيائهم من قبل الإرهابيين و الدولة السورية على حد ٍ سواء , الأمر الذي ينتظره ساستهم بفارغ الصبر لتكون المدخل لمحاسبة الدولة السورية و قادتها في المحاكم الدولية . 8- استخدام العنصر البشري المسروق في الشهادة و الإعتراف بالاّثار السورية المسروقة و المعدّلة تحريفا ً و تزييفا ً , لإستكمال مخطط إقتلاع الجذور التاريخية للدولة و الشعب السوري . 9- سرقة المبدعين من اللاجئين عبر إخفائهم و إلى الأبد عبر منحهم أسماء و نَسب و سير ذاتية لمواطنين ألمان متوفين منذ سنوات و إذ تبقي الدولة الألمانية سجلاتهم مقتوحة حتى الاّن .. رغم إنكشاف هذا الملف و افتضاح أمره . 10 – و لابد لنا أن نذكّر بما قامت به الدولة الألمانية في منتصف ستينيات القرن الماضي,عندما قامت باستجلاب عناصر من ” الإخوان المسلمين ” و دربتهم و أعادتهم إلى سورية في السبعينيات ليقودوا حربا ً على الدولة السورية بما يشبه الحرب الحالية . 11- إن إعطاء و منح السورييين جنسيات الدول المستقبلة , يسمح لها يوما ً بالمطالبة باملاك و حقوق و مستحقات و تعويضات ” رعاياها ” من السوريين . و أخيرا ً …. تبا ً لك اّنسة ميركل … و تبا ً لدموعك المزيفة… أو لم تعرفي أن أغلب المهاجرين و اللاجئين هم من الهاربين من وجه العدالة السورية, و أنهم لا يحتاجون عطفك و كرمك.. فالأموال التي دفعوها كي يروا وجهك الباكي, تكفيهم العيش بكرامة ٍ في وطنهم و في غير أوطان.. و ما هي إلاّ معادلة حسابية متكافئة… فقد كذبوا عليك في قصة الهروب و اللجوء, و بادلتهم بحنان ٍ و مشاعر كاذبة و دموع مستعارة.. هنيئا ً لك بمن خان وطنه و تخلى عنه في وقت الشدة, و هنيئا ً لهم بالعيش” الكريم ” في ربوعكم الباردة كبرودة وجهك الباكي.. و ليكون الله في عون البسطاء و الصادقين وممن غُرر بهم و غُسلت أدمغتهم , فليس كل من هاجر خائن .. و أقولها على مضض .

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.