حكاية بيسيركا ( قصة قصيرة واقعية ) / العميد ناجي الزعبي
العميد ناجي الزعبي ( الأردن ) الإثنين 29/7/2019 م …
في احدى غرف ( ستودنسكي غراد ) المدينة الجامعية في بلغراد كنت اقطن ك ( ليغلاتس ) اي مقيم غير رسمي بدلا من طالب غادر لسبب ما ولفترة مؤقتة . كان (علي ) صاحب الغرفة قد غادر الى فلسطين والحرب هناك مستعرة , وهي فرصة اذ يمكنني ان اقيم مكانة مجانا فأجرة الغرفة مدفوعة من قبلة وأنا شبة مفلس .
ايام قليلة مضت على اقامتي حين قرع باب الغرفة ودخلتها فتاة فائقة الجمال دون انتظار, كان شعرها الاشقر ينسدل فوق كتفيها في تناسق بديع وعيناها الخضراوين كربيع نيسان امرا استثنائيا فالمعهود ان الشقراوات يتمتعن بعيون زرق , الا ( بيسيركا ) وهذا اسمها كما اعلمتني .
كانت تدندن بأغنية فيروز الساحرة ” بكتب اسمك ياحبيبي ” حين توقفت وسألتني وأنا مشدوة اتسائل من هذة الفراشة ذات العيون الخضر ؟
تذكرت نزار حين يقول :
استوقفتني والطريق لنا
ذات العيون الخضر تشكرني
كرمتني ؟ قالت بأغنية . الشعر يُكرم اذ يكرمني !
وأفقت لتكرارها السؤال اين علي ؟ قلت مسافر . اجابت اعلم , ثم غادرت كغلالة اختطفها الريح .
ومضى اسبوع آخر لتعود بيسيركة تقرع الباب وتدخل دون استئذان وهي تدندن بأغنية فيروز بكتب اسمك ياحبيبي وسألتني اين علي الم يعد ؟ قلت لا لم يعد بعد قالت اعلم .ادهشتني الاجابة , لم تسأل وهي تعلم الرد ! سألتها انت ترددين اغنية عربية , قالت نعم فهي للساحرة فيروز وانا احفظ كلماتها وأكملت الاغنية كمن يأخذة سحر الكلمات ودلالاتها وتفوق اللحن الآخاذ
بكتب اسمك يا حبيبي عالحور العتيق بتكتب اسمي يا حبيبي ع رمل الطريق وبكرة بتشتي الدني ع القصص المجرحة
يبقى اسمك يا حبيبي واسمي بينمحى !
ومضت كعهدها وهي تدندن كفراشة مسافرة وخطواتها تتساقط كوقع بيان .
ايام لا اذكر عددها مضت حين اقتحم علي وحدتي طرق الباب وأنفراجة , ودون انتظار انبلج عنها , وشعرها يتناثر على كتفيها وعيونها الخضر تمتلئ حيرة وضياع وشفتيها تتمتمان بكلمات فيروز ولحنها العبقري حين سألت سؤالها المعهود كما انتظرت , ودون انتظار الرد قالت : لن يعود , اعلم انة لن يعود , فقد محت رغوة البحر وابتلع المحار حروف اسمة هكذا تقول فيروز .
ومضت بيسيركا دون التفاتة الي وحروف الاغنية تتساقط كبرد بلغراد وقطن ثلجها الفضي الذي ارخى وهجة على اوراق الشجر من شفتيها .
مضت الايام وعلي لم يعد , واكتضت الايام وانا انتظر , لكن علي وبيسيركا لم يعودا ابدا .
التعليقات مغلقة.