لن تنجح المؤامرة… ولن تسقط سورية / د.خيام الزعبي
د.خيام الزعبي ( سورية ) الأحد 6/9/2015 م …
يقول أحد الخبراء البريطانيين أن أي أزمة سياسية أو إقتصادية فإن لأمريكا دور واضح في صناعتها وإعادة إنتاجها بصورة جديدة لأنها تستفيد منها حتى ولو يعيش العالم في الفقر والجهل، فهي تجيد صناعة الأزمات وتأجيجها، فضلاً عن إثارة النعرات بين الشعوب والأمم وتهيئة المناخ المناسب لتحقيق التجزئة والإنفصال والحروب.
لو دققنا بالنظر جيداً لوصلنا الى حقيقة لا تقبل الشك ألا وهي أن أمريكا من أكبر مصدّري الأزمات التي عصفت وتعصف بدول المنطقة، فبعد الربيع العربي أستفحل أمرها وأصبحت يدها فوق يد الكل وأصبح مصير بعض الدول يمر من بابها، وأول شيء عملته لتقوية نفوذها هو إفتعال الأزمات والتي جنّدت لها كل بائع ضمير وناقص إنسانية فأصبح القتل على الهوية وهكذا أصبح الإقليم يغوص بدماء أبناءه بما خططت له أمريكا ونفذته أدواتها في الداخل .
لكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: هل وقفت سياسة أمريكا الى هذا الحدّ وأنتهى الأمر؟ علماً أن المتتبع لسياسة أمريكا يرى جيداً ما لأمريكا من تواجد منقطع النظير في معظم دول المنطقة، ويظهر ذلك بوضوح في الوقت الحاضر في العديد من الدول العربية وعلى الأخص سورية التي تتدخل في شؤونها الداخلية من خلال إثارة القلاقل والاضطراب واللعب على أوتار الخلافات العربية والإثنية وتصعيدها والعمل على تحويلها الى صراعات ملتهبة ومستمرة تهدد أمن سورية والمنطقة العربية ككل.
إذاً هذه أمريكا بما تحمل من حقد ومن روح إجرامية تفتعل الأزمات وتصنع الدمار في كل أرض تحلّ بها، فقد جنّدت كل من أرتضى أن يكون خادماً لها، وجهزت وأمدّت يد العون لعصابات تهدف الى تفكيك وإضعاف سورية لإنهاكها وتدمير مقدراتها وزعزعة إستقرارها لإيصال سورية الى الدمار والخراب كما فعلوا في دول عربية شقيقة لتحقيق مصالحهم الشخصية، لذلك ما من أزمة عربية إلا وتتولى أمريكا، دور الوساطة فيها، إذ تتظاهر بأنها خائفة على مصالح العرب وأمن مواطنيهم، ولكنها في حقيقة الأمر تتآمر عليهم وعلى أوطانهم وتكيد لهم ولشعوبهم، وتعمل على تعميق وإطالة المشكلة لأنه يصب في مصلحتها بالدرجة الأولى لإعادة ترتيب المنطقة من جديد.
إن السياسة السورية تدرك خطورة الغوص الأمريكي في اللعب على التناقضات الداخلية من خلال دعم الفوضى في المنطقة ضمن مخطط صهيوني كبير، فدعم الفوضى هو الوجه الآخر لدعم الإرهاب فكلاهما وجهان لعملة واحدة، وهذا ما يجعلنا أن نصف أمريكا بأنها دولة راعية وداعمة للفوضى في منطقتنا، فلا فرق بين دعم الإرهاب ودعم الفوضى فكلاهما يؤديان الى نتيجة واحدة وهي ضرب أمن واستقرار وطننا.
اليوم تخوض سورية حرباً حقيقية ضد عصابات الإرهاب والقوى الخارجية التي تدعمها، وجيش سورية ما زال مستهدفاً بإعتباره القوة العربية الأساسية الصامدة في وجه مخططات إسقاط ما تبقى من النظام العربي وإعادة تقسيمه، خاصة بعد أن فقد العرب قوة العراق في مواجهة هذا المخطط، فسورية، تعرف أن قوتها في وحدتها، ولهذا فإن الفشل الأعظم للإرهاب هو أن جيش سورية لم ولن يفقد ذرة من روحه المعنوية، وتصميمه على إستئصال الإرهاب من جذوره، وأن شعب سورية يقف بكل فصائله وراء جيشه الوطني، مدركاً أنها حرب مصيرية، وواثقاً من النصر فيها، مهما كان الدعم الذي تتلقاه عصابات الإرهاب من أعداء الوطن والدين.
قبل أيام حرص الرئيس الأسد أثناء حواره مع قناه المنارعلى تأكيده أن سورية تحتاج لجهود جميع أبنائها وأن الوطن يتسع للجميع ما عدا الإرهاب الذي تلطخت يداه بدماء السوريين، بذلك إنهارت المؤامرة الغربية وإنكشف الإرهاب المصنوع، وظهرت عمالة الواجهات السياسية العربية، ونحن لا نزال نؤمن بأن أي جهد لإستئصال الإرهاب، ليس ممكناً من دون أن تكون القوات السورية هي عماد ذلك الجهد، لقد صمدت سورية، بوجه هذه الحرب وسطرت ملاحم بطولية في تصديها لعصابات الإرهاب.
مجملاً… يجب على أمريكا وحلفاؤها أن تحسب لهذه السياسة التي أنتجتها وعززتها وأن تداعياتها خطيرة جداً وأن أي إنتكاسة في سياسيتها يعني أن أمريكاعلى شفا جرف هار لا يؤمن عواقبه، فلا تحسب أمريكا أنها في المرمى البعيد مما يحصل في المنطقة، بل أن أمريكا هي الأكثر تعرضاً للخطر من غيرها وستكشف الأيام القادمة أن الدماء التي سالت بسبب تدخلاتها في المنطقة لن تذهب سُدى وأن النيران التي أشعلتها سوف تُرد عليها وستكتشف أنها ضعيفة لا تقوى على الصمود بوجة التقلبات في المنطقة، وبإختصار شديد ستظل سورية دوماً رأس حربة في وجه الدول الإستعمارية، لأنه لا خيار للسوريين ولمحور المقاومة إلا التصدّي والصمود فالحرب يصنع مصيرها الصّمود والتحدي ، ولا بد أمام هذا الواقع من صحوة الضمير من قبل الشعوب العربية وأن تعي خطورة ما تقوم به الدول الاستعمارية من أهداف سعياً لتعزيز أمن إسرائيل والسيطرة على مقدرات البلاد.
التعليقات مغلقة.