أرضنا ترفضهم .. وشعبنا یرفض التطبیع معهم / جهاد المنسي
حسنا، أوقف القائمون على فیلم جابر تصویره، وقال مخرج الفیلم في تصریح مقتضب ان ذلك الإلغاء جاء إثر الجدل الذي حصل على صفحات التواصل الاجتماعي وحفاظا على الوحدة الوطنیة.
وقف التصویر قرار ایجابي ومحمود وخاصة إثر ما تسرب من مغالطات حملھا السیناریو والحوار لا یمكن السكوت عنھا، وما قرأناه من تسریبات یجعلنا نسأل المعنیین عن مثل تلك السیناریوھات عن سبب السكوت عنھا في حینھ، وعدم انتظار توجیھ من قبل رئیس الوزراء عمر الرزاز للمعنیین لمراجعة الفیلم، اذ كان من المفترض مراجعتھ تاریخیا قبل البدء
بالتصویر، وھذا یدفعنا للسؤال عن طریقة الموافقة على مثل تلك السیناریوھات التي تحمل مغالطات تاریخیة، ومن وافق علیھ وسمح بھ، وھذا ایضا یدفعنا لطرح سؤال حول قدرة اولئك الذین تم منحھم حق مراجعة النصوص سواء الادبیة او الفنیة او الأغاني، اذ بات واضحا ان البعض منھم لا یملك أي رؤیة تاریخیة او إنسانیة او ذائقة فنیة، ولھذا بتنا نرى اعمالا ردیئة وأغاني غایة في السطحیة.
أؤید الزمیل موفق ملكاوي الذي كتب في الغد اول من امس حول الموضوع بعنوان ”جابر.. اختراع تاریخ جدید“، وأؤكد ان مثل تلك المساعي سواء من خلال تصویر افلام لا سند تاریخیا لھا، او من خلال دفن حفائر واقامة صلوات تلمودیة، والعبث بالتاریخ لا یمكن أن تنجح، فالتاریخ شاھد، وتاریخنا ثابت ولسنا بحاجة لأولئك الصھاینة سارقي التاریخ والأثر او لغیرھم لكي نعرف تاریخنا فنحن نحفظھ عن ظھر قلب، ونعرف مكانتنا التاریخیة الضاربة في الأعماق.
حسنا توقف التصویر، وتم اغلاق مقام النبي ھارون ایضا، ولكني ھنا أود الإضاءة على بعض الامور التي استطعت ملاحظتھا إثر حملة النقد التي رافقت الفیلم والصلوات التلمودیة من بدایتھا لنھایتھا، وفیھا لاحظت ان الكثیر منا یتأثر بالعنوان دون ان یقرأ سطرا في المضمون، وان تأثیر التواصل الاجتماعي بدأ یكبر وللأسف یأخذ منحى سلبیا دون منح أنفسنا حق تبیان خطر ما جاء في بعض السطور او الافعال، وانا ھنا لا أتحدث عن فیلم جابر فقط وإنما اتحدث بشكل عام، وان كان الحدیث عن فیلم جابر فإن قلة قلیلة اكتشفت ان الطفل او الفتى (جابر) لاجئ فلسطیني وفق الكاتب محمود الزیودي الذي اشار للامر، وھذا إسقاط خطیر في جوھر الفیلم.
وفِي خضم الملاحظات ایضا فقد استوقفتني حملات الدفاع عن البترا وارتفاع نبرة إثبات نبطیتھا وأردنیتھا، وكأنما دخلنا في صراع مع الصھاینة حولھا، وھنا أقول لو جاء الكیان الصھیوني بكل نازیتھ وفاشیتھ وكل مریدیھ من عرب وغربیین لكي یزعزعوا التاریخ لن یستطیعوا، فأولئك مھما فعلوا لن یكون بمقدورھم أبدا صناعة تاریخ جدید لھم، ومھما نبشوا تحت الارض وفوقھا لن یجدوا ما یبحثون عنھ سواء في الأردن او فلسطین او كل بلاد الشام، فھذه الارض لم تعرفھم لا سابقا ولن تعرفھم لاحقا وستنبذھم مستقبلا، وكل ما قیل في كتب التاریخ وأسفارھم
لیس لھ علاقة ببلاد الشام لا من قریب او بعید، وإنما علاقتھم كانت دوما بین طرفي البحر الأحمر جنوبا.
البترا لأصحابھا (لنا) كما ان القدس وكنیسة القیامة والمھد لنا، والناصرة وزحلة ودمشق وأریحا والخلیل وبیروت وصور وعمان لنا، أما اولئك السارقون المحتلین، فإنھم سیواصلون البحث دون كلل او ملل عن أثر لھم عندنا ولن یجدوا ابدا فباطن ارضنا لا تكذب ولا تخون ولا تغیر شواھدھا، فتلك الشواھد التاریخیة ھي الشاھد والأثر وما یكتب علیھا لا یموت او یمحى عبر السنین، فیما یمحى كل تاریخ تكتبھ رمال الصحراء المتحركة .
یا سادتي، لا تقلقوا، وانما علینا التصدى لھم رفضا لتواجدھم على ارضنا ورفضا للتطبیع معھم ولیس خوفا من ان یجدوا في باطن ارضنا ما یدل علیھم، فأرضنا كما شعبھا ترفضھم وترفض وجودھم فوقھا، ولن یجدوا تحتھا ولا فوقھا ما یرحب بوجودھم.
التعليقات مغلقة.