الجنون الغربيّ المسعور من اسم الأسد / أسد زيتون
أسد زيتون ( الثلاثاء ) 8/9/2015 م …
معظم النبوءات القديمة حول المخلّص في آخر الزمان تدور فكرتها الأساسيّة حول الأسد , من الأسد المجنّح السومريّ إلى أسد جلجامش (نوح) إلى أسد آشور إلى أسد بابل إلى أسد أبي الهول ..
صوّره الآشوريّون في منحوتاتهم ونقوشهم الأثريّة راكباً على أسد , وصانوا عرشهُ الأبديّ بأسدين , والعشتاريون أيضاً رفعوا إلهتهم الأمّ “عشتار” على أسدين ..
في قصر الملك سليمان الخامس ( سرجون الثاني ) بخورسباد عثر العلماء على لوح حجري لجلجامش يحضن بيده أسداً , وقد أمر الملك سليمان بنحته ..
أمّا يهود بيت عمري فقد خلطوا بينه وبين راكب السحب “بعل” الآتي بمجد عظيم ” الأمطار والبروق والرعود ” وزوّجوه لعشيرة , وجعلوا من انتظار موسمه كلّ سنة انتظاراً أبديّاً , في انعكاسٍ رمزيّ لقحط أرواحهم ونفوسهم من البركة السماويّة ..
فرسان المعبد الذين وضعوا أيديهم على تراث بيت عمري خلال تواجدهم في فلسطين زمن الحروب الصليبية , حملوه معهم إلى أوروبّا بعد هزيمتهم الكبرى أمام السلطان صلاح الدين الأشرف خليل والسلطان أبي الفداء , وفي ليلة ليلاء من السفاح المحرّم بين بقيّة أولئك الفرسان والتاج الإنكليزيّ حملت أوروبّا بالمولود المشوّه بجينات أنبياء “يهوه” الذي تزوّج من والدته الأنجلوساكسونيّة وأنجبا الماسونيّة التي سافحها أيضاً وأنجبا الصهيونيّة , مؤسّساً بذلك عائلته الرأسماليّة الغربية من سلالة القبائل الأنجلوساكسونية المتوحشة التي اشتهرت حتى القرن العاشر الميلادي بأكل لحم الأسرى والقتلى , وقد اخترعت هذه السلالة لعبة كرة القدم من ذكرى تقاذف رؤوس القتلى بين الأقدام في يوم نصرها العظيم , وأضافت عصبيّة جديدةً استطاعت أن تفرّق بين الأخ وأخيه في الأسرة الواحدة والدين والطائفة والمذهب والمحراب الواحد ..
أحبّت هذه العائلة أن يكونَ لها مجدٌ في القدم كباقي الأمم , فبحثت عن جذورها التاريخيّة , ولكنّها لم تجد إلاّ الجماجم والعظام وفراء الرؤوس المسلوخة , وهالها ما قرأته في تاريخ هيرودوت عن طبيعة حياتها اليومية في سالف العصور , وأشعل فيها نار الحقد والحسد والغيرة ما قرأته عن ذهول ودهشة هيرودوت , قبل ألفين وخمسمائة سنة ,أمام عظمة تاريخنا وأبّهة هذا الشرق , وأرادت أن تنتقم على طريقتها الخاصّة بأن تصنع لكلّ شعب من الشعوب المخلص الذي ينتظرهُ , وتجعل على يديه أعظم الشرور والمصائب , ليكون على يديها هي خلاص الأمم والشعوب من الشرّ الذي اخترعته وأدارت مفاتيحه بيديها ..
أسامة بن لادن .. الملاّ عمر الأعور .. أرئيل شارون .. كانوا حصّة اليهود والعرب والمسلمين لحرب الألفيّة الجديدة , وكانَت شخصيّة أرئيل شارون من أكثر أيقوناتها شرّاً التي كرّستها لليوم المشؤوم المنتظر الذي خطّطت فيه لتكون هي المخلّص الحقيقي والمسيح الحقيقي لجميع الأمم ..
فضيحة تلك العائلة بتبنّي العهد القديم , جعلتها مثار سخريّة تحت مجهر العقل الذي أطلق الثورة العلميّة والصناعيّة , وجعلها تسعى بجنون لتحقيق نبوءاته تعويضاً عن سخافته العلميّة , ونفخت في فرج الحركة الصهيونيّة كلمةً أرادت بها أن تقول : بأنّ المسيح المُنتظر لم يأتِ حتّى الآن , وأنّ يسوع لم يكن المسيح , وبدأ غزو العالم المسيحيّ بأحرف تلك الكلمة الرجيمة التي صفّق لها يهود “يهوه” بحرارة ..
أرئيل شارون كانَ اسمه في بطاقة الميلاد أرئيل شاينرمان , فتمّ تعديله إلى أرئييل شارون , لأنّ أرئيل يعني ( أسد الله ) وشارون تعني ساحل كنعان حسب جغرافيا التوراة ..
أحداث انسحاب شارون من غزة وبنائه الجدار العازل تمّ تخطيطها وتصميمها وفق نبوءات التوراة , وحيكت الأساطير حول شخصيّته كآخر ملوك بني إسرائيل , وهو القائد الذي كانت تعوّل عليها منظومة الغرب لإشعال الحرب النوويّة التي ستدمر هذه الأرض وتبيد سكّانها عدا العملاء المطلوب نجاتهم في الأقبية المحصّنة , ثمّ تأتي أمّ الصبي للبكاء والعويل والانتقام قبل طقوس حصر الإرث ( وهذه تكون الضربة التي يضرب بها الربّ كلّ الشعوب الذين تجنّدوا على أورشليم . لحمهم يذوب وهم واقفون على أقدامهم وعيونهم تذوبُ في أوقابها ولسانهم يذوبُ في فمهم .. ) زكريا14 ..
بناء جدار الفصل أتى تحقيقاً لنبوءة سفر أشعيا 29 : ( وأنا أضايق أرئييل فيكون نوح وحزن وتكون لي كأرئييل . وأحيط بك كالدائرة وأضايق عليك بحصن وأقيم عليك متاريس ) ودخل شارون المسجد الأقصى لاستفزاز مشاعر المسلمين وإثارة موجة العداء والإرهاب والتطرف الديني لتجنيد الأمم ضدّه حسب نفس النبوءة ( ويكون كحلم كرؤيا الليل جمهور كلّ الأمم المتجنّدين على أرئييل .. ) ..
تمّت مضايقة شارون بمحكمة صبرا وشاتيلا وعبر تهديدات ودعوات أوروبيّة لاعتقاله سيّما في بريطانيا , وقام العالم ولم يقعد لأربع سنوات على وقع الانتفاضة الفلسطينية بعد اقتحامه المسجد الأقصى , قتل خلالها حوالي عشرة آلاف فلسطينيّ , وارتفع جدار الفصل كالحصن وأقيمت المتاريس بعد انسحاب غزّة ..
بدأ تجهيز جيوش الأمم التي ستتجنّد على أورشليم , وكان ميدان التجميع والتدريب قد أعدّ مُسبقاً على يد القاعدة وطالبان في أفغانستان , وانهمكت قناة الجزيرة باستثارة النخوة عبر بثّها الدؤوب بنقل حيّ ومباشر , ومن قلب الحدث بين رصاصةٍ وأخرى , لمشاهد الوحشيّة الصهيونيّة والقتل الممنهج المخطّط مُسبقاً لأطفال ونساء وشيوخ وشباب فلسطين , والانتهاك السافر للمقدسات الإسلاميّة بكامل عتاد العهر والفجور ..
المخطّط كان جاهزاً قبل العام 1998م , ولكنّ انقساماً حادّاً في امبراطوريّة المال والقوّة , حالَ دون الإجماع على هكذا خطّة مجنونة مقامرة غير مضمونة النتائج , وقد استمات فريق الحرب الصليبيّة الجديدة جهوداً للإطاحة بكلنتون المدعوم من الكتلة الرأسمالية المناوئة والرافضة لهذا المشروع , وحسب الخطّة كانَ على الجحيم أن يندلع قبل العام 2000م موعد قيامتهم المجيدة ..
مشكلةٌ أخرى واجهتهم وهي الأصعب , إذ لا يمكن إخراج المشهد النهائي لهرمجدون “يهوه” بوجود أسدين , في حرب لا مكان فيها إلاّ لأسدٍ واحد يفتك بأعدائه في أرجاء مملكته بحسب لفائف قمران , وكان عليهم أن ينتظروا رحيل الأسد الحافظ , وقد جعلهم هوس الانتظار يقومون بتحليل بول الأسد في وفاة ملك الأردن …
أُجِّلَ المشروع وانتحر المنتظرون لقيامة العام 2000م .. وأتى أسدٌ جديد
وصل جورج بوش الصغير إلى حجرة “يهوه” وتلقّى وحيه الزنيم , وبدأ تنفيذ المشروع المؤجّل وصفّق المخطّطون بحرارة لمشهد سقوط برجي التجارة , وعلى وقع هذا التصفيق الحادّ انطلقت مطالب الحرب المقدّسة وشعارها النوويّ “إمّا معنا وإمّا ضدّنا” وانصاع العالم أجمع لمطالب حرب الدجّال المقدّسة , إلاّ أسد قاسيون الذي سقطَ على أعتابه جبروت الطغاة واختلطَ مسحوقُ أدمغتهم مع أحشاء ربيعهم المبكّر في دمشق ..
بضربةٍ واحدة من قبضة الأسد الجديد بدأت أحجار الدومينو بالتساقط واحدةً تلوَ الأخرى ..
بعد إتمام برنامج زومبي التكفير في أفغانستان وغوانتاناموا وأقبية السجون السريّة , كانت بابل المقدّسة هي الهدف التالي ومنصّة الانقضاض على الأسد , ولكنّ الأسد ازدادَ صلابةً وقوّةً وتحديّاً ..
كانت عبارة “على النظام السوريّ تغيير سلوكهِ” فاتحة المؤتمرات والتصريحات الأمريكيّة والأوروبيّة صباحَ مساء ..
فريق الحريري الإقليمي في سورية ولبنان الذي فشلَ في وضع يده على تركة الأسد الحافظ وسرقة تراثه , فشل أيضاً في اختراق المقاومة وتجفيف شجر الأرز من عصارتها , بينما نجح الأسد بإقناع رفيق الحريري بالتمديد لفخامة المقاومة في كرسيّ الأرز خلافاً لمطالب أسياده , والتزم الحريري بكلمة الشرف التي قطعها للأسد ..
عندما تبلّغَ الحريري بأنّ أسياده قرّروا تصفيته وتنسيقه , قال بأنّهم ” ما بيعملوها ” معتمداً على تقديره بأنّه لا بديل لهُ , وكانَ مُصيباً , ولكنّه لم يحسب حساب لحمه ودمه ..
قُتلوا الحريري ورفع قميص عثمان , وبدأت خطّة إحراق الأسد وجيشه في لبنان , وعلى عكس ما تصوّروه وفهموه من تلميحات خلّبية , انسحب الأسد وجيشه من لبنان الجسد إلى لبنان الروح , روح المقاومة , التي بعثت تمّوز إلى الحياة من جديد وضربت رمحها المبارك في قلب الخنزير البرّي وأحرقت ساعر صهيون ..
القوّة التي ألزمت الحريري بكلمة الشرف على غير العادة , هي ذاتها التي عطّلت
بلدوزر الشرّ الزنيم فدخل شارون في الموت السريريّ …
ثماني سنوات وهم يحاولون إعادته إلى الحياة , لأنّ البرنامج الزمني للأحداث والنبوءات يسير على توقيت أنفاسه منذُ سنوات طويلة , ولا مجال لإعادة عجلة الزمن إلى الوراء , ولا وجود لبديل آخر يستطيع فرض هيمنته على جنرالات الحرب الصهاينة , وأخذهم إلى الحرب الأخيرة التي لن تُبقي من يهود العالم إلاّ مئة وأربعةً وأربعين ألفاً حسب نبوءة العهد القديم ..
انتصار تمّوز دكّ أرواح الجبابرة وسحق عقولهم , فتقدّموا على رقعة الشطرنج بأحفاد عمرو بن العاص لرفع المصاحف على رماح المقاومة , وقبل الأسد التحدّي الذي كان لزاما عليه أن يوجّه رمحه المبارك إلى قلب تنّين الطائفية البغيضة , ولم يعد سعد الحريري إلى لبنان ولا خالد مشعل إلى غزّة ..
قبل اندلاع الجحيم العربيّ كان الأسد الشخصيّة الأبرز عالمياً في استطلاعات الرأي , كما أنّه يشكّل مع عقيلته السيدة أسماء ثنائيّاً يعشقه المزاج الشعبيّ الغربيّ , ويعتبره قدوةً ومثلاً أعلى ..
تصوّر أعداء الأسد بأنّه من المستحيل أن يصمد في وجه تسونامي ربيع صهيون أكثر من أسابيع أو أشهر على أبعد تقدير , وكان على الجمهوريات العربيّة بحسب الخطّة أن تموج بأفواج التكفيريين من كلّ حدبٍ وصوب , استعداداً لأمر خليفتهم بالتوجّه لتحرير بيت المقدس , كما كان على إيران أن تستعد بقنبلتها النوويّة لمواجهة المدّ الصهيووهّابي الذي يريد رأسها , وكان على إسرائيل أن تضرب إيران لاستقبال تلك القنبلة , قنبلة هرمجدون , التي ستوقظ “يهوه” ربّ الجنود ليسمع صراخ شعبه , فيلين قلبهُ ويرسل مسيحه المخلّص “المهندس الأعظم للسلالة الزاحفة” فيأتي في السحب بقوّة ومجدٍ عظيم ..
أحداث الربيع التلموديّ انطلقت وفق بيانات وإحداثيات العهد القديم , جنباً إلى جنب مع بيانات وإحداثيات التراث الإسلاموي الموبوء , من أصحاب الرايات السود بأسماء الكنى وألقاب القرى والشعور واللحى المرخيّة وقلوب زبر الحديد , إلى عراعير السفياني إلى اليماني .. وكانت بصمات هوليود أوضح من أن تخفيها استوديوهات الدوحة وقرضاويها الذي أفتى بموت الثلث ليحيى الثلثان , للتذكير بنبوءة سفر زكريّا بموت الثلثان ليحيى الثلث ( ويكون في كلّ الأرض يقول الربّ أنّ ثلثين منها يقطعان ويموتان والثلث يبقى فيها …. هو ذا يومٌ للربّ يأتي فيقسم سلبكِ في وسطكِ . وأجمع كلّ الأمم على أورشليم للمحاربة فتؤخذ المدينة وتنهب البيوت وتُفضح النساء ويخرج نصف المدينة إلى السبي … فيخرج الربّ ويحارب تلك الأمم .. ) زكريا13/14 ..
كان من المفترض بحسب الخطّة أن تنجح قطعان التكفير التي لا تصنع السلاح ولا تمتلك منه إلاّ بإرادة “يهوه” ربّ الجنود , كان من المفترض أن تنجح بالإحاطة بأورشليم وإعلان الزحف المقدّس باتجاهها , ليخرج ربّ الجنود لإنقاذ شعبه ..
ولكنّ صمود سوريّة عكس بوصلة الأحداث , واجتمعت الأمم على عرين الشمس وأحاطت بها من كلّ حدبٍ وصوب , في يومٍ مستطير , لا حديث للعالم فيه إلاّ عن أسد قاسيون بكلّ لغة وكلّ لسان , بينما كان فيه أسد صهيون (أرئيل شارون) يقبع في سريره دون حراك , يشدّ على أنفاسه لجام سعير ساعر , يتابع التلفاز بعينه فيصرخ تارةً ويخمد تارةً أخرى إلى أن سجّل دماغه أعلى نشاطٍ له خلال ثماني سنوات , دخل بعد ذلك جحيمه الأبديّ ..
الشعب الغربيّ لا يتابع السياسة ولا يحبّ السياسيّين , ولكن إلحاح ساسته عليه , ليل نهار وعلى مدار سنوات , لبغض الأسد وتجييش مشاعره ضدّه , حتّى عبر البرامج الرياضية والفنيّة التي لم تهتمّ يوماً بالسياسة , تمهيداً لتبرير التدخل العسكري المباشر في سوريّة , جعل الشعب الغربيّ بأكمله يتعرّف إلى هذا الأسد , سيّما بعد أن ظهر حتّى للعميان والصمّ البكم أن أعداء الأسد الذين يحاربونه ويحاربهم , هم أقذر أنواع الكائنات وأكثرها وحشيّةً , وانقلبَ السحر على الساحر …
لقد حانت ساعة احتراقهم بجحيمهم وأزفت ساعة الأسد المنتصر ..
لا يريد السوريّون دولةً دينيّة ولا طائفيّة ولا مذهبيّة , إنّهم يريدون دولة قانون ومؤسّسات , تحثّ أبناءها على طلب العلم في أرقى شكلٍ من أشكال العبادة للخالق ..
يريدون دولةَ أخلاق تؤمن بقيمة الإنسان كخليفةٍ لله على الأرض , في نشر قيم الخير والمحبّة والسلام ..
فليعبد كلّ إنسانٍ ربّه كما يشاء , ولكن فلتكن عبادته لنفسه لا للآخرين , إذ أنّ لكلّ نفسٍ ما كسبت , وإن منكم إلاّ آتيَ الرحمن فردا …
هذا ما يريده السوريّون وأسد السوريّيين , وهذا ما أتى به موسى وعيسى وأحمد وهذا ما أوصاهم به أبوهم إبراهيم , وهذا ما سيكون ..
فهل عرفتم سبب الجنون الغربيّ المسعور من اسم الأسد ؟!
التعليقات مغلقة.