د. احمد رفيق عوض عن حركات التكفير في إسرائيل: نعم، قد تستولي على السلطة في إسرائيل
ولا يخفى أن حركات التطرف والإرهاب في إسرائيل لم تعد هامشية أو على الأطراف، بل هي جزء أو مكون أساسي من نسيج الحياة السياسية والاجتماعية والدينية في إسرائيل.
الكتاب الذي نُشير إليه يتنبأ – باختصار – أن حركات التكفير في إسرائيل، وإن لم تُشكّل ظاهرة مهددة في المجتمع الإسرائيلي حتى الآن، إلا أن حضورها وتأثيرها موجودة.
حول الكتاب وأسئلته وما يطرحه، نلتقي بالدكتور أحمد رفيق عوض أحمد مؤلّفي الكتاب….
· هل هناك حقاً حركات تكفيرية في إسرائيل كما هو لدى المجتمعات العربية وغيرها؟
o نحن نعتقد أن ذلك موجود حقاً، وهي حركات قد تكون الآن منشغلة بالاشتباك مع الشعب الفلسطيني، ولكنها لا تُخفي عداءها للحكومة الإسرائيلية والمؤسسات العلمانية، كالكنيست والمحكمة العليا والصحافة والفنون أيضاً، كما أن هذه الحركات لا تُخفي مواقفها الرافضة للسياسة العامة للحكومات، حتى الأكثر يمينية.
· هل تريد أن تقول أن هذه الحركات ترفض علمانية إسرائيل وتوجهاتها العامة في التعامل مع المنطقة والعالم؟
o تماماً، هي حركات تعتقد أن عليها تنفيذ مشيئة الرب كما تفهم مشيئة الرب، وبالتالي هي لا تريد أن تخضع للشروط الدولية أو القانون الدولي.
· ولكن بالنسبة للقارئ الفلسطيني والعربي، ما هي المسافة بين مواقف هذه الحركات ومواقف الحكومات الإسرائيلية، وخاصة الحكومات اليمينية الأخيرة؟
o هنا المشكلة، إن الحركات التكفيرية هي بنت هذه المنظومة السياسية المأزومة، وهي منظومة عدوانية متوجّسة ونهمة وترفض الدخول في عملية تسوية حقيقية، لا مع الفلسطينيين ولا شعوب المنطقة، وبالتالي فإن مسألة شيوع وانتشار وسيطرة الحركات التكفيرية هي مسألة وقت، بمعنى آخر، إن إسرائيل – كدولة ومجتمع – ما تزال ترى أن انفجار هذه الحركات التكفيرية سيضر بها على المستوى الدولي، كما أنها ستضر “بالدولة” و”بالمجتمع”، ولكنها – أي إسرائيل – لا تمانع أبداً أن تستخدم هذه الحركات لتحقيق الأهداف.
· هل تعتقد إذن أن إسرائيل تستخدم تلك الحركات من خلال تقاسم أدوار ما؟
o على عكس كل الدول في العالم، فإن حركات التطرف في إسرائيل تزيد وتنتشر كلما أصبحت إسرائيل أكثر قوة، كما أن حركات التطرف والإرهاب تزداد عند كل مرحلة من مراحل الهزيمة أو تحقيق تسوية ما، لنلاحظ أن حركات التطرف بدأت بالانتشار بعد هزيمة عام 1973 ثم بعد عام 1982 وبعد عام 1987، وهكذا، في كل مرحلة من مراحل “الضعف” الإسرائيلي تزداد هذه الحركات، وكأن هذه الحركات لا تصدّق قوة إسرائيل النووية، ولا تصدّق مقولات جيش الاحتلال، بما يعني أن هذه الحركات تريد أن تحقق ما لا تستطيع إسرائيل – كدولة – أن تحققه.
· هل يمكن حقاً أن تستطيع هذه الحركات أن تنجح في الوصول إلى السلطة في إسرائيل؟
o ممكن، هذا ممكن تحت شروط معيّنة.
· ما هي؟
o هزيمة ما، تسوية تتطلب انسحابات “مؤلمة”، حرب داخلية.
· ما هي البؤر المحتملة لظهور مثل هذه الحركات؟
o هذه بؤر تتواجد حسب ما أشرمنا في كتابنا في الجيش الذي أصبح متعدداً وغير متجانس، وفي المدارس الدينية المنتشرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي المهاجرين الجدد القادمين خصوصاً من أمريكا واستراليا، وفي أوساط أكاديميين معينين.
· هل هذا سيناريو حقيقي؟
o ليس في التاريخ سيناريو غير حقيقي، إسرائيل لم تختبر أبداً، لم تتعرض إسرائيل إلى هزة عميقة لنفحص مدى هشاشتها أو قوتها.
· هل هذا يُفسّر لماذا تطالب إسرائيل بأن تكون يهودية وأن يُعترف بها كذلك؟
o هذا أتى لأسباب كثيرة، منها: أن إسرائيل تريد تعقيد التسوية مع الفلسطينيين، أي لا تريد تسوية معهم، فهي تعرف أن الاعتراف بها كيهودية يعني نفي الرواية الفلسطينية من أصلها، كما أن ذلك يأتي نتيجة تغير في رؤية الإسرائيليين لأنفسهم ودولتهم بأنها دولة يهودية وليست دولة غربية أو صنيعة استعمارية، وهذا يأتي أيضاً من خلال تغير التركيبة الديموغرافية السكانية التي أصبحت أكثر شرقية وأكثر تديناً.
· هل أصبح السلام مع إسرائيل أصعب؟
o جداً، الآن لا يتم الكلام عن السلام في إسرائيل، يتم الكلام في إسرائيل عن يهودية بسيطة وشعبوية جداً، تقول بأن ضم الأراضي المحتلة هو تحقيق للرؤية التوراتية، بعيداً عن أية اتفاقيات أو قانون دولي.
· هل تعتقد أن الحرب أقرب إلينا؟
o للأسف، الرؤى والأوهام الدينية، واحتكار التفسير الديني، ومحاولة تجميد التاريخ، وعدم الاعتراف بالآخرين، هي وصفات حقيقية للتورط في الحرب.
· هل في كتابك أنت والدكتور محمد المصري رسالة للإسرائيليين؟
o لم نكتب كتابنا للإسرائيليين، بل كتبناه لشعبنا، ولكن نحن نرغب أن نقول للإسرائيليين اليهود أن عليهم الاستفادة من التجارب التاريخية، إذ لا يمكن للقوة أن تنتصر على الإطلاق، اليهود بالذات يعرفون ذلك.
· بالمناسبة، هذا هو الكتاب الخامس المشترك لك وللدكتور محمد المصري، حدّثنا عن ذلك..
o هذا من دواعي سروري الشخصي، نحن متوافقان في الأفكار والمشاعر، ونعمل بشكل مشترك في مركز الأبحاث، نتبادل الأفكار بشكل يومي، ومن الطبيعي أن تنتقل هذه الأفكار إلى الورق، ونحمد الله أن هذه العلاقة تُثمر كتباً وأبحاثاً تجد من يقرأها ويُقدّرها.
التعليقات مغلقة.