نداء إلى السلطات الثلاث في الأردن / د. حسين عمر توقه

د. حسين عمر توقه ( الأردن ) الأحد 25/8/2019 م …



إن ما أكتبه اليوم ليس مجرد مقال أو مجرد كلمات من نسج الخيال وإنما هي وقائع حقيقة مؤلمة لقصة عايشتها أنا شخصيا منذ ستة أعوام .

لقد راجعتُ قانون السير الأردني والأنظمة الصادرة بموجبه وقمت بقراءة مسودة القانون المعدل للسير لسنة 2016 والذي تم نشره في الصحف المحلية بتلريخ27 /6/2019 ووجدت أن كل ما ورد في هذا القانون هو وصف للمخالفات التي يرتكبها السائق وقيمة الغرامات لهذه المخالفات بدءا من السجن إلى دفع الغرامات المختلفة .

وبكل أسف لم أقرأ أي بند ينص على حماية حق السائق وحماية مركبته من ملايين الحفر ومئات الآلاف من المطبات التي لا نعرف لماذا أو لمن تُبنى وأقصد بحماية السائق بكل بساطة ألا يكون هو الشخص المباشر الذى يُحكم عليه فورا أنه مذنب في كل الحالات . حتى حين يلقي أحد المارة بنفسه أمام السيارة أو على السيارة أو يقطع الطريق من مكان غير مخصص للمشاة والمارة .

فالسائق حسب معطيات قانون السير الأردني هو المذنب في كل الأحوال . ومن أغرب ما في هذا الموضوع أن شخصا قد ألقى بنفسه على سيارتي في شهر رمضان الكريم بعد الإفطار بتاريخ 17/7/2013 أي قبل ستة أعوام في شارع الملكة زين الشرف مقابل السفارة الأمريكية في حي عبدون حيث قفز من خلف شجرة وركض نحو سيارتي وألقى بنفسه على السيارة مما أدى إلى تعرضه إلى إصابات وبالرغم من وجود فيلم يصور الحادث بكل تفاصيله إلا أنني ولدى وقوفي أمام القاضي المحترم الذي سألني هل أنا مذنب أم لا فأجبته بأنني غير مذنب وفجأة وقف المحامي الذي يمثلني وهمس في أذني وأخبرني أنه يجب علي أن أعترف بأنني مذنب وإلا فإن القاضي سوف يأمر بسجني .

وهنا تساءلت كيف أدافع عن نفسي وأقول أنا لست مذنب فيتم سجني بينما إذا أجبت بأنني مذنب فسوف يتم تكفيلي وإطلاق سراحي . عجيبة هذه المهزلة إذا قلت إنني بريء فسيتم سجني وإذا أجبت أنني مذنب فسوف يتم إطلاق سراحي .

وأرجو من كل من يسوق سيارته في الأردن قراءة ما حدث لي حتى يستفيد من أخطائي لأن الشخص الذي ألقى بنفسه أمام سيارتي له أخ مقعد نتيجة حادث سيارة وله أخ آخر توفاه الله نتيجة حادث آخر . ويبدو أنه يريد أن يؤمن مستقبله ومستقبل عائلته بهذا الأسلوب على حسابي وحساب أمثالي .

تسلسل الأحداث :

في شهر رمضان المبارك بتاريخ 17/7/2013 في الساعة التاسعة مساء تقريبا كنت عائدا من منزل أحد أصدقائي بعد تناول طعام الإفطار وبعد الإشارات الضوئية في شارع الملكة زين بحوالي مائة متر أمام السفارة الأمريكية .

كان الشارع أمامي خاليا وتفاجأت بإندفاع شخص من وراء شجرة تجاه سيارتي من مكان غير مخصص للمارة وألقى بنفسه على سيارتي وحاولت تفاديه بكل الوسائل ولكنه كان يتابع تحركات سيارتي بتحركاته حتى تم أرتطامه بسيارتي . وقمت فورا بإبقاف السيارة واتصلت مع كل من الشرطة والدفاع المدني وأعطيتهم كل المعلومات عن مكان الحادث وسألته لماذا قام بالقفز على سيارتي فأخبرني أنه كان متأخرا عن الدوام . وفي هذه الأثناء تجمهر الناس من حولي ومنعتهم من محاولة نقله أو تحريكه وكان من بين المتجمهرين أحد الممرضين العسكريين المتقاعدين وهو صديقه في العمل . حيث سمحت له وحده بأن يقدم الإسعافات الأولية المطلوبة في مثل هذه الحالات كما أعطيت هاتفي النقال إلى احد الحاضرين وطلبت منه الإتصال مجددا بالشرطة والدفاع المدني .

في هذه الأثناء توجهت بنظري إلى السماء ورفعت يدي أطلب من الله سبحانه وتعالى أن ينقذ هذا الإنسان ووعدتُ نفسي بعدم طلب أي شيء آخر طالما حييت .

وحضر طاقم الشرطة وحضرت سيارة الدفاع المدني وتم نقله إلى قسم الطوارىء في المدينة الطبية وفي تلك الأثناء طلب المسؤولون في المدينة الطبية أن يتم دفع مبلغ معين على شكل تأمين أو دفعة على الحساب من أجل إدخاله إلى المستشفى علما بأنه ضابط متقاعد ولكن المدينة الطبية بل وكل مستشفيات المملكة في مثل هذه الظروف وبالذات في حالات حوادث السير فإنها لا تعالج المتقاعدين المصابين نتيجة حوادث السير . ولقد طلبتُ من إبني أن يتوجه إلى قسم الطوارىء في المدينة الطبية ويلحق بالشخص المصاب وأن يقوم بدفع المبلغ المطلوب .

في تلك الأثناء كنت أقود سيارتي بإتجاه المركز الأمني في جبل عمان مقابل فندق الإنتركونتننتال ولقد تم أخذ إفادتي وتم توجيه تهمة التسبب بالإيذاء وعدم أخذ إحتياطات السلامة المرورية علما بأنني أخبرتهم أن الشخص المصاب هو الذي قطع الشارع في مكان غير مخصص للمشاة وهو الذى ألقى بنفسه على سيارتي .

وتم إحضار ورقة من الشخص المصاب بعدم طلب الإدعاء حيث تم تكفيلي وتوجهت فورا إلى قسم الطوارىء في مستشفى المدينة الطبية وقمت بزيارة المصاب وبقيت معه ومع عدد من أفراد عائلته وبعد التأكد من سلامته واستقرار وضعه عدت إلى البيت مع صلاة الفجر . وفي صبيحة اليوم التالي تم نقله إلى إحدى غرف المدينة الطبية وطوال وجوده في المستشفى بقيت معه كل يوم ولم أغب عن زيارته يوما حتى تاريخ خروجه من المستشفى وقمت حسب الأصول العشائرية المتبعة بإرسال جاهة من وجهاء البلد وتم التوقيع على العطوة .

ونظرا لعدم تمكنه من الإلتحاق بمكان عمله فلقد قمت بتخصيص راتب شهري له بالإضافة إلى بعض النفقات والهدايا التي شعرت بأنها تعبير عما يدور في نفسي وضميري . وفي نفس الوقت قمت بتسديد كافة النفقات للمستشفى وتغطية نفقات المراجعات المختلفة وكنت أرسل إليه سيارة تكسي المميز كي تنقله من مكان سكنه إلى المستشفى حيث كنت أنتظره . وكنت أدعوه هو ومن معه لتناول الغذاء وكنت أقوم بشراء بعض الهدايا لعائلته كما قمت بزيارته في مكان سكنه وكنت أطمئن عليه وعلى أحواله . وبعد تحسن أوضاعه قمت بمراجعة مسؤول الشركة التي يعمل فيها وأخبروني بأنه يمكنه العودة إلى مكان عمله في اللحظة التي يشاء .

ولقد تم فحصه من قبل اللجنة الطبية التابعة لمؤسسة الضمان الإجتماعي وقررت اللجنة أن نسبة العجز هي 15% وأنه يمكنه العودة إلى مكان عمله . وبعد أيام أخبرني بأن أحد أقربائه له علاقة جيدة مع اللجنة اللوائية في مدينة إربد وبالفعل قامت اللجنة اللوائية برفع نسبة العجز من 15% إلى 25% ( وتمت إضافة إصابة جديدة غير موجودة في تقرير اللجنة الطبية الأولى التابعة لمؤسسة الضمان الإجتماعي علما بأن هذه اللجنة هي المسؤولة مباشرة عن تقييم حالته الصحية ) وذلك من أجل الحصول على نسبة تعويض أكبر .

ولم أكن أعلم أنه كان يخطط من أجل المطالبة بألف دينار أردني تعويض عن كل نسبة عجز أي أنه يريد مطالبتي بمبلغ 25 ألف دينار بالإضافة إلى كل النفقات التي قمت بدفعها إلى المستشفى بالإضافة إلى كل الرواتب الشهرية التي كنت أدفعها إليه بالإضافة إلى تلبية كل الطلبات الجانبية ودفع بعض الأقساط وعلى سبيل المثال طلب مني قرضا بمبلغ 500 دينار سامحته فيه بالإضافة إلى عدد من الموبايلات بحجة أن تلفونه قد تعطل أثناء الحادث .

واستمرت المأساة التي بدأت حين قرأت في المذكرة الموجهة من مركز أمن زهران إلى قاضي صلح جزاء عمان والتي جاء فيها على لساني أنني إعترفت بوقوع الحادث وبالمخالفات أعلاه وهي عدم أخذ إحتياطات السلامة المرورية ولكنني لم أعترف بأنني الشخص المتسبب بالحادث لا سيما بوجود فيلم مصور يصور الطريقة التي ركض فيها من وراء شجرة والقى بنفسه على سيارتي وكما ذكرت في البداية فإن المذنب دائما وأبدا في نظر قاوننا المبجل هو السائق.

والمضحك المبكي أنني في جلسة المحاكمة الأولى سألني القاضي هل أنا مذنب فأخبرته بأنني لست مذنب عندها تقدم المحامي مني وهمس في أذني حتى لا يتم سجنك اعترف بأنك مذنب حتى يتم تكفيلك وعدم سجنك .

إنها فعلا مأساة إذا اعترفتُ أنني غير مذنب فسوف يتم إحتجازي وإذا اعترفت بأنني مذنب فسوف يتم تكفيلي وإطلاق سراحي . ومضت الأيام والسنوات وبتاريخ 31/5/2018 تم إصدار الحكم من محكمة بداية حقوق عمان بتغريمي والحكم علي بدفع مبلغ 20200 دينار أردني .

إنني أوجه ندائي إلى كل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية أن اتقوا الله وأعطوا للسائق بعضا من حقوقه ولا تحرموه حق الدفاع عن نفسه وأعيدوا النظر في قانون السير الأردني وخصصوا أماكن خاصة للمشاة والمارة كي يقطعوا الطريق من خلالها .

كما أرجو إلغاء ملايين المطبات فإذا كنتم تظنون أن هذه المطبات ستساهم في تخفيف السرعة فأنتم مخطؤون لأن السيارات لو كانت تتكلم لبكت لأن هذه المطبات تساهم في تدمير السيارات . كما أن هذه المطبات ليست الطريقة المثلى في زرع الذوق وفن القيادة في نفوس المواطنين وإنما هي حسب رأيي المتواضع وسيلة متخلفة يجب العمل فورا على إلغائها.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.