هل نحن أمام معادلة جديدة في اليمن؟ / جمال الكندي

 

جمال الكندي ( الخميس ) 10/9/2015 م …

ستة أشهر على بدء الحملة العسكرية على اليمن من قبل التحالف السعودي، والتدمير مستمرّ للبنى التحتية للدولة اليمنية، فبنك الأهداف لحملة الحزم وبعدها الأمل بدأ بضرب مراكز الجيش اليمني في الجزء الشمالي للدولة اليمنية، وقصفها الجوي كان يتوسع بحسب سيطرة الجيش اليمني واللجان الشعبية في الوسط والجنوب، ولكن هذا التحالف فشل في إيقاف الجيش اليمني واللجان الشعبية للحدّ من سيطرتهما على الأرض. لذا فإنّ بنك الأهداف أضيفت إليه مع المراكز العسكرية أهداف مدنية بحتة، وغايتهم في ذلك كسر إرادة الحياة للشعب اليمني عن طريق استهداف المدارس والمستشفيات وحتى ملاعب كرة القدم، وفرض حصار بري وبحري وجوي على اليمن، والغرض غير المعلن هو خلق شارع يمني يثور من الداخل على الجيش واللجان الشعبية من خلال قصف المنشآت المدنية.

تغيّرت المعادلة اليمنية بتغيّر الأولوية الدولية والإقليمية، وأعني هنا أنها تأثرت بأزمات المنطقة التي سبقتها في سورية والعراق، فمن قاد الحملة العسكرية في اليمن بات معزولاً من حلفائه السابقين الذين بدأوا بتبنّي الحلّ السلمي في سورية واليمن، وأعداد الدول التي تباهى بها إعلام حملة الحزم والأمل على اليمن، بدأ يتناقص بطول الحملة وعدم جني ثمارها الى الآن، حيث أنها بشرت بمستقبل عربي جديد يرسم من البوابة اليمنية يعيد للعرب أمجادهم ويوحد كلمتهم ويكون منطلقاً لـ»تحرير» العروبة من القبضة الإيرانية، ويعزز الأمن الإقليمي العربي، وهذا طبعاً بحسب توصيف قادة حملة الحزم والأمل.

إيران بعد توقيعها الاتفاق النووي مع الغرب، ودخولها رسمياً النادي النووي أصبحت لاعباً اساسيا في حل قضايا المنطقة، وتحمل في يدها مفاتيح النصر ضد إرهاب داعش في سورية والعراق وهذا بات أمراً واضحاً من خلال التقدم النوعي للحشد الشعبي في العراق والمدعوم إيرانياً وبرضى أميركا، فهي الحل لمشكلة داعش في المنطقة، ولكن هذا الأمر تحاول من تقود الحملة على اليمن أن تؤخر تصديقه في عقلها السياسي، لذلك كانت حملة الحزم لضرب حليفة إيران في اليمن ومحاولة تعويض خسارة نفوذها في العراق. والسؤال هنا بعد هذا القصف المتواصل ما هي الثمار الطيبة التي جنتها حملة الحزم والأمل على اليمن؟ إن ثمارها الحقيقية هي ضحايا يمنيين لا ناقة لهم ولا جمل تجاوزت أعدادهم الـ 5 آلاف من الأبرياء الذين سقطوا بسبب أطماع الهيمنة السياسية ولعبة المصالح التي أغرقت اليمن بدماء لم تميّز بين شمالي وجنوبي أو مدني أو مقاتل ولكن الأكيد أنها كانت يمنية وفي أرض اليمن.

إنّ بوادر العزلة السعودية بدأت تظهر بسبب حملتها على اليمن، فها هي المنظمات الإنسانية والتي هي تحت العباءة الأميركية تتحدث عن مجازر ارتكبتها هذه الحملة، والسؤال لماذا في هذا الوقت بالذات تحدثت هذه المنظمات عن هذه المجازر والتي كانت ظاهرة من أول صاروخ يستهدف اليمن؟ والجواب أنّ الفرصة التي أعطيت للحملة تجاوزت المدة المسموح بها لدى أميركا والآثار الكارثية التي تسبّبت بها هذه الحملة أصبحت ظاهرة ولا يستطيع الإعلام المطبل لهذه الحملة أن يخفيها، لذلك سمعنا الأمين العام للأمم المتحدة يخرج عن صمته ويستنكر جرائم حملة الحزم والأمل ويطالب بإجراء تحقيق فيها.

إنّ المشهد العسكري اليمني بعد الشهر الرابع تغيّر بسبب التدخل المباشر لقوات خليجية في الجنوب اليمني، فتغيّر المشهد السياسي في اليمن بعد انسحاب الجيش اليمني واللجان الشعبية من الجنوب اليمني فكسب بذلك أنصار هادي وحلفاؤه ورقة الجنوب.

المعادلة الجديدة التي ظهرت بعد خروج الجيش واللجان الشعبية من الجنوب هي معادلة أسميها ج-ج وأعني هنا أن خروج أنصار الله والجيش اليمني من الجنوب يقابله التصعيد الكبير والمفاجئ لكلّ المراقبين والحاصل في الجنوب السعودي. إن ردّ الجيش اليمني عن طريق منظومته الصاروخية خلط الأوراق العسكرية في اليمن، فالصواريخ اليمنية أصبحت حقيقة وتصيب العمق السعودي، والمنظومة الصاروخية للجيش اليمني والتي قيل إنها دمّرت خلال القصف اليومي لمعسكرات الجيش اليمني تكشف زيفها بالمفاجآت المتكرّرة للجيش اليمني في العمق السعودي والداخل اليمنين، وأقصد هنا ما حصل في مأرب والانتكاسة الكبيرة التي أصابت التحالف الخليجي بفقده عشرات الجنود الإمارتيين والسعوديين بصاروخ يمني سوف يحرك ويسرع بتداعياته العسكرية والسياسية الحل السياسي في هذا البلد. هذه المعادلة الجديدة أعادت المفاوضين الى العاصمة العُمانية مسقط مرة أخرى، وأحيت فرص إيجاد حلّ سياسي في اليمن وبخاصة بعد التصريحات الأخيرة من قبل الجيش اليمني بضرب مدن سعودية كبيرة تتجاوز البعد الجغرافي بينها وبين اليمن، وهذه إشارة مفادها أنّ القصف اليومي وعلى مدار أشهر لم يؤثر في المنظومة الصاروخية للجيش اليمني، وهو إعلان رسمي عن فشل حملة الحزم والأمل في تحييد هذه الصواريخ التي ستغيّر المعادلة في اليمن.

أنّ ظهور هذه المعادلة الجديدة سوف يسرّع من عملية إيجاد حلّ سياسي في اليمن وورقة الجنوب والتي ظنّ قادة هذه الحملة أنها ستكون منطلق لتحرير العاصمة صنعاء سقطة سقوطاً ذريعاً باقتتال الحاصل في الجنوب بين الحراك الجنوبي والقاعدة، وعدم وجود مناخ سياسي وعسكري لأنصار هادي لإدارة اليمن من الجنوب بعد اسحاب الجيش اليمني واللجان الشعبية منها، وثانياً ظهور الأسلحة النوعية من صواريخ بالستية قلبت الطاولة وخلطت أروراق المشهد اليمني.

الحل السياسي لأزمة اليمن اليوم وبعد هذه الأشهر الخمس الطويلة بات قريباً ومن البوابة العُمانية، فقد أدركت القوى الفاعلة في الأزمة اليمنية أن لا رابح فيها ومعادلة ج-ج كشفت المخفي من القدرات اليمنية في إيلام من قاد هذه الحملة وظن أنها نزهة أسبوع أو شهر وينتهي كلّ شيء ويصنع بعدها «المجد العربي»، فتكسّرت هذه الأوهام على صخرة رجال اليمن وظهرت الحقيقة وهي أنّ الجيش اليمني أصبح في العمق السعودي، ولم تفلح الصواريخ الهمجية في وقف استهداف الجيش اليمني للجغرافيا السعودية. فهل رسالة الصواريخ البالستية وصلت إلى صانع القرار السعودي؟ وهل الزيارة الأخير لملك السعودية هي لترتيب أوراق حلّ الأزمة اليمنية سياسية والموافقة على التشاركية السياسية بين التيارات كافة في اليمن بما فيهم أنصار الله؟ هذا ما ستظهره نتائج المشاورات المقبلة في مسقط

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.