وليد جنبلاط.. «مُغَرِّداً» / محمد خروب

 

محمد خروب ( الأردن ) الجمعة 11/9/2015 م …

كادت الفتنة ان تحرق محافظة السويداء، بعد ان نجح ارهابيون في «اصطياد» الشيخ وحيد البلعوس, احد ابرز معارضي النظام السوري في جبل العرب والذي اسس تجمعاً اسماه «تجمع مشايخ الكرامة»، رفع من خلاله شعارات ذات سقف عالٍ ولم يتردد في دعوة الشباب الدرزي الى رفض تأدية الخدمة العسكرية في الجيش السوري، حتى بدا للحظة وكأن الرجل يقود تمرداً علنيا، ما زاد من شهية وسائل الاعلام والاجهزة الاستخبارية الاقليمية بامتداداتها الدولية, كي ترفع من اسهمه وتؤهله لقيادة عملية انشقاق لكامل منطقة السويداء عن الدولة السورية, واذا لم تنجح، فان المطالبة بـ «الحكم الذاتي» هي الحد الأدنى الذي لن يتنازل عنه مشايخ الكرامة بقيادة الشيخ وحيد.

هكذا بدا المشهد او اُريد له ان يكون عشية محاولة اغتيال الشيخ البلعوس، والتي من اسف, نجح المخططون في استهدافه ما اثار مخاوف جدية باحتمال انتقال الفوضى الى تلك المنطقة الاستراتيجية التي كانت ذات «مخطط» مرشحة لأن تكون كانتونا درزياً في غمرة الترويج لسيناريوهات تقسيم سوريا الى دول او كانتونات طائفية ومذهبية، بعد ان ظن «اصدقاء سوريا» ان اللحظة قد حانت وان الظروف قد نضحت من اجل اخراج الخرائط الجديدة من الأدراج ووضعها موضع التنفيذ.

أَسهَم وليد جنبلاط في حملة التحريض على النظام، ودعوة الموحدين الدروز الى التمرد على النظام وحمل السلاح والانضمام الى المعارضة المسلحة بل «أفتى» بهدر دم الضباط والجنود الدروز الذين يخدمون في صفوف الجيش العربي السوري، وليس فقط مجرد المجندين عبر خدمة العلم – ودعا الى عدم الصلاة عليهم مُخوِّناً اياهم، وقد وجد فرصة اغتيال الشيخ البلعوس، كي يستعيد خطابه القديم او يعيد الاعتبار لدعواته التي لم تلق اي تجاوب يُذكر في السنوات الماضية، لكن «الرفض» الدرزي تكرر هذه المرة ايضا, ثم جاء القاء القبض على الجاني وهو من ابناء السويداء ومن اعتقله هم «مشايخ الكرامة» اي جماعة الشيخ البلعوس نفسه, واعترف وافد ابو ترابي بمسؤوليته عن التفجيرين, الاول منهما الذي استهدف الشيخ وحيد والثاني الذي اراد حصد المزيد من الضحايا من الذين ذهبوا للاطمئنان او معرفة احوال المصابين الذين تم نقلهم الى مشفى المدينة, ولم تكن اعترافاته فبركة من جهاز الاستخبارات السوري بل في وجود شهود من الاعيان ووجهاء السويداء الذين رأوا المتهم بأعينهم وسمعوا اعترافاته بآذانهم..

خرج زعيم المختارة عن طوره وراح يستحضر اجواء اغتيال رفيق الحريري وما تلا ذلك من الاعترافات التي بثتها قناة فضائية عربية مشهورة عن ملتح يدعى احمد ابو عدس, فطاب للمغرد وليد بيك ان يطلق على وافد ابو ترابي لقب» ابوعدس الدرزي» في ايحاء بأن اعترافاته المتلفزة, مجرد تكرار لاعترافات ابو عدس الذي لم تأخذ بشهادته المحكمة الخاصة بلبنان, تلك المحكمة التي اقيمت بقرار من مجلس الامن قبل عشر سنوات وما يزال اللبنانيون يدفعون من جيوبهم رواتب وسفرات اعضاء المحكمة دونما نتيجة تذكر, لأن الاحداث في المنطقة عطّلت مهمة هذه المحكمة التي أُريد منها أن تجرّم النظام السوري وحزب الله.

«معذور» جنبلاط في غضبته الراهنة, بعد ان ايقن انه خاسر على اكثر من جبهة, فالاحتجاجات الشبابية المتواصلة في لبنان ضد الفساد وخصوصاً في ملف النفايات طالته شخصياً واشّرت إليه كأحد ابرز المستفيدين من كل هذا الخراب والاهتراء الذي لحق بلبنان على اكثر من مستوى, من هدر واقتسام لـ(الكعكة) السلطوية ودائماً في اللعب على حبال المذهبية والطائفية بحجة حماية الطائفة «الصغيرة», وايضاً خاب أمله بعد الهزائم المتلاحقة التي لحقت بـ»الثوار» الذين تحالف معهم جنبلاط وبخاصة بعد ان خذلوه وارتكبوا المذبحة بحق دروز ادلب في جبل السُمّاق, رغم تلقيه تطمينات (كما زعم) من جبهة النصرة بأنهم لن يمسوا الدروز هناك بأذى, فاذا بهؤلاء «الثوار» يطلبون من الدروز ان «يُسْلِموا» تحت طائلة الذبح وكانت المجزرة.

ثم ايضاً ودائماً.. عندما انهارت احلام جنبلاط ومخططاته في سقوط محافظة السويداء بأيدي حلفائه من ثوار الجبهة الجنوبية وكيف التحم دروز السويداء مع الجيش السوري لدحر المهاجمين الذين ارادوا الاستيلاء على مطار «الثعلة» العسكري..

انها اللعبة ذاتها التي يُتقنها ملوك الطوائف وامراء الحرب وجنبلاط ابرزهم, في شحن الغرائز والتحريض على الفتنة, لأنهم لن يخسروا شيئاً, فكما رأينا عند انتهاء الحرب الاهلية في لبنان بقي لوردات الحرب وزعماء الطوائف والميليشيات في مواقعهم ودفع الشعب – كل الشعب – الثمن.ولن تختلف الحال الان عند وليد بيك لو سادت الفوضى السويداء او قضى الالاف منهم على ايدي الارهابيين، الذين يُؤثرهم جنبلاط وسمير جعجع على اي سلطة اخرى.

[email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.