مصر وغزة / سميح خلف

سميح خلف ( فلسطين ) – الخميس 12/9/2019 م …

ثمة ماهو مهم ان يقر الجميع بمتلازمة العلاقة بين مصر وغزة ، وبشكل استراتيجي مصر والقضية الفلسطينية، حرصت مصر في علاقتها مع الشعب الفلسطيني ومنذ انبثاق منظمة التحرير الفلسطينية في عام 1964 بان تكون ملتزمة بكل مقررات الجامعة العربية التي تسعى لتجسيد الاعتراف الدولي بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني ، ودعمت مصر كل برامج منظمة التحرير منذ رئاسة الشقيري الى ياسر عرفات الى ابو مازن رئيس منظمة التحرير الأن.




كانت مصر ثوابتها قائمة في علاقتها السياسية والانسانية مع الشعب الفلسطيني ، فكان لها من المرونة ومنذ ثورة يوليو في دعم حركة التحرر الوطني الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية الى عمليات التحول في البرنامج الفلسطيني ودعمت كل ما يتبناه الفلسطينيون وهم على قناعة بان دعم الشرعية الفلسطينية من خلال منظمة التحريرورؤيتها لحل الصراع مع الاحتلال الاسرائيلي ، فدعمت مصر حل الدولتين ودعمت مصر سلطة اوسلو بعد ذلك على امل ان يشكل هذا الاتفاق تحول ورؤية سياسية وطنية من اجل انشاء دولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة على اراضي 1967 وهذا ما يتبناه البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية ، هذا الشق السياسي والانساني للموقف المصري من القضية الفلسطينية  ، اي قبلت مصر بما يقبله الفلسطينيين .  

قد يكون الانقسام عام 2007 قبل وضع المصريين في موقف ليس سهلا ً ، بل كان يحتاج لرؤية جديدة فرضتها ظروف الانقسام وسيطرة حماس على غزة واكتفاء السلطة ببسط سيادتها على الضفة الغربية وما نتج عن هذا من مناكفات واجراءات وقرارات اتخذتها سلطة رام الله بحق قطاع غزة تحت دعوى انهاء  حكم حماس وسيطرتها على قطاع غزة ، كان الجميع يدرك ان حماس لها تمويلها الخاص وما تجبيه من ضرائب من قطاع غزة وبالتالي الكل يدرك ان مجمل القرارات التي اتخذها الرئيس الفلسطيني عباس اضرت بالحركة الوطنية الفلسطينية في قطاع غزة وبشكل او بآخر ساعدت على تكريس الانقسام ، فجميع القرارات التي اتخذت اضرت بالشريحة الكبرى في قطاع غزة وهي مؤسسات السلطة وموظفيها وكادر حركة فتح  ، تلك الحركة التي شكلت السلطة وهنا لا نريد ان ندخل في مخاض التركيبة التنظيمية والسياسية للسلطة في الضفة الغربية بابعادها الحركية والوطنية و، ولكن سنركز هنا على الجانب الذي آلت اليه الامور في قطاع غزة والازمات الخطرة والناتجة عن هذا الانقسام وهذه القرارات والفوارق بين البرنامجين سواء في الضفة او في غزة برغم ان الجهتين قد اقرتا بطرح حل الدولتين مع فارق ان هناك تنسيق مباشر مع الاسرائيليين في تكامل وظيفي ، اما في غزة فهناك تنسيق غير مباشر في لوحة مشهدها كيف نحافظ على مقاومة غزة وصمودها والامعاء خاوية في قطاع غزة مما اضطر غزة وقواها الداخلية وفي مقدمتها حماس للتعامل مع المال السياسي الاتي من الخارج والشروط الاسرائيلية كدولة محتلة وبالتالي وقعت المقاومة وبرنامج حماس في مصيدة الحاجات الاساسية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة .

في عام 2017 شهدت العين السخنة في مصر مؤتمرا ً في غاية الاهمية بين نخب فلسطينية ونخب مصرية ناقشت الاوضاع الكارثية في قطاع غزة واعتقد ان هذا المؤتمر كان مؤتمرا استراتيجيا بنت عليه مصر الكثير من مواقفها بخصوص التزاماتها تجاه غزة .

لا نريد هنا ان نذكر ان غزة تمثل لمصر اهمية قصوى في امنها القومي بالاضافة الى  عوامل اخرى كالجغرافيا ومصر المسؤولة في القانون الدولي عن قطاع غزة ما قبل احتلاله عام 1967 بالاضافة الى العلاقات الاجتماعية المتداخلة بين الاسر الفلسطينية والمصرية من حيث الاصول والنسب ، طرحت كثير من المشاريع والرؤية لدور مصري واسع في هذا المؤتمر طرحها نخب مصرية وفلسطينية .

المهم هنا منذ انعقاد هذا المؤتمر مصر تمسكت بالشرعية الفلسطينية وكان النقاش له محددات عدم المساس بتلك الشرعية وعلى هذا الاساس قامت مصر بدعم وتبني جميع مباحثات المصالحة بين رام الله وغزة وان لم تنجح تلك المحاولات لسبب او لاخر وتعقيدات الظروف الاقليمية والظروف الذاتية سواء في غزة او في الضفة الغربية الا ان مصر لم تفقد الامل في انجاز تلك المصالحة وهذا ما عبر عنه الرئيس السيسي في اخر لقاءاته مع وليد جنبلاط الزعيم اللبناني  ولقاءات سابقة ايضاً . 

بالتاكيد ان لمصر عدة خيارات وبدائل تتعامل مع غزة والقضية الفلسطينية فان عجزت عن تحقيق المصالحة بين رام الله وغزة فهناك التزام مصري دقيق وحاسم تجاه غزة وسكانها امنيا ً وانسانيا واجتماعيا ً مما يفرض عليها اتخاذ عدة خطوات للامام نحو تامين امنها القومي وانسجاما مع التزاماتها مع قطاع غزة تاريخيا ً .

في بداية عام 2018 خاضت القوات المسلحة المصرية عملية واسعة ضد الارهاب في سيناء ومحاربة المتطرفين مازالت هذه الحرب قائمة مع قوى الارهاب ومنابعه في كل الساحات الا ان مصر كان يؤرقها دائما ولادة اي نوع من التطرف في قطاع غزة ، وما قيل عن تسرب بعض المتطرفين من قطاع غزة الى سيناء وبالتالي كان من الضرورة ان تتلقى مصر مبادرة القائد الوطني والنائب دحلان لعقد لقاء بين الجانب المصري وحماس والذي انبثق عنه تفاهمات وتقارب في بعض الملفات ، مصر دائما كانت حريصة على ان لا تتعرض غزة لحرب مدمرة مثل التي حدثت في عام 2014 ومازالت تكبح المطالب الاسرائيلية في عملية موسعة في قطاع غزة لن تكون سهلة لا على الاسرائيليين ولا على قوى المقاومة في قطاع غزة الا ان الحسابات دائما ً تخضع لموازين القوى في تقييم النتائج مما يخلف حالة فوضى كبيرة جدا ً في قطاع غزة ينتج عنها مزيد من التطرف والمتطرفين ، وربما كانت العملية الاخيرة التي فجر ارهابي نفسه في نقطة امنية في غزة مفهوم بالغ الخطورة في الحسابات الامنية اذا ما تعرضت غزة لهجوم واسع من القوات الاسرائيلية او اذا اشتد الحصار الاقتصادي او الازمات الناتجة عن قرارات الرئيس عباس تجاه غزة وبالتالي ومنذ يومين استخدمت الدبلوماسية الفلسطينية والمخابرات المصرية كل قواها في كبح جماح عدوان اسرائيلي واسع على غزة وانتقل الوفد المصري الى غزة لاتخاذ عدة اجراءات ومطالب تطالب بها حماس تجاه غزة وتطالب الجانب الاسرائيلي بتنفيذها حرصا على الاستقرار ولاتفاق دائما وطويل المدى بين حماس واسرائيل وتحسبا ايضا ً لاي عدوان كبير على قطاع غزة بعد الانتخابات الاسرائيلية .

عملية التفجير التي حدثت في قطاع غزة كان لها عمق امني محسوب لدى الامن المصري وبالتالي في لقاء الرئيس السيسي مع جنبلاط كانت كلمات الرئيس السيسي واضحة بخصوص غزة ومزيد من الخطوات لفك الحصار عن غزة وخريطة جديدة للتعامل مع غزة تذكرنا ربما بمسؤوليات مصر تجاه قطاع غزة ما قبل 1967 ، فليس هناك خيار امام المصريين في ظل فشل المصالحة الا باخذ خطوات انفرادية انسانية وامنية تجاه قطاع غزة  وفي توافق مع كل القوى في  قطاع غزة على محاربة الارهاب والتطرف ومزيد من انفراجات اقتصادية وانسانية لاهالي القطاع ومزيد من تحسينات في اداء عمل معبر رفح .

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.