“إيلان” لن يجمل وجه أنقرة التآمرى / سحر رمضان
سحر رمضان ( مصر ) السبت 12/9/2015 م …
شاهدنا جميعاً صورة الطفل السوري الغريق «إيلان الكردي» ملقاة على شاطئ الخيبة العربية والإسلامية تعاطفنا جميعاً معه، كما تعاطفنا مع من سبقه «محمد الدرة» وأقرانه في فلسطين وغيره في العراق وأفغانستان وليبيا واليمن.. ربما لا تصلنا صورهم في هذا التوقيت لأنه لم تبدأ بعد حفلة المصالح.
غرق «إيلان» وسبقه شقيقه «غالب» ووالدته ابتلعهم البحر، وتاجرت بهم دول العالم المستعمر الجديد ومعهم تركيا، وركزت عدسات التصوير بعد أن أخرجته من بين صخرتين وجىء به على الشاطئ وأخرجت مع حلفائها فليماً وحدثاً زلزل العالم الذي هو نفسه المسئول عن كارثة «إيلان» ليتم تنفذ المخطط وهو تفريغ سوريا وإعدادها ديمجرافياً من خلال الهروب الكبير من جحيم الإرهاب هناك.
فعلت أنقرة ذلك وتباكت على الرغم من أنها تدفع الهاربين من جحيم الحرب السورية اللاجئين لحدودها مرة أخرى تجاه البحر عبر فتح خراطيم المياه عليهم ليرتدوا إلى حضن الموت غرقاً وهذا ليس جديداً عليها كما فعلها رجلها «أردوغان» وخرج من مؤتمر دافوس عام 2009 في فصل هزلي تعودت فيه أنقرة على الانسحاب للأمام وتسجيل «شو إعلامي».
وكشفت صحيفة «وورلد تربيون» الأمريكية أن مسئولين أكدوا أن الحكومة التركية استبعدت التعاون مع الولايات المتحدة في الحرب ضد داعش في شمال العراق، وذلك خشية أن يقوم تنظيم داعش بالانقلاب عليها.
وأكدت الصحيفة أن الحكومة التركية اعترفت بتجنيد تنظيم «داعش» نحو ألف مواطن تركي للقتال في العراق وسوريا مقابل رواتب مغرية، مشيرة إلى أن مسئولين أبلغوا البرلمان أن ما يقل عن ألف تركي يقاتلون مع تنظيم «داعش»، وأشارت إلى أن داعش تعرض على الأتراك رواتب مغرية ويجري تجنيد الأشخاص في المساجد والمدارس، بل حتى من صفوف القوات الأمنية.
وقالت صحيفة «راديكال» التركية: إنه منذ عام 2012، اتبعت أنقرة سياسة دعم الجماعات التي تحارب الأكراد السوريين بحزب الاتحاد الديمقراطي، التابع لحزب العمال الكردستاني، لمنع إقامة كيان كردي بسوريا، والجماعات التي تشن الحرب على حزب الاتحاد الديمقراطي هي الجيش الحر وجبهة النصرة وداعش، وطالما تمنع هذه الجماعات الأكراد من السيطرة على هذه المنطقة، فإن تركيا ليست لديها أية مشكلة.
ويؤكد الدكتور خيام الزعبي الباحث السوري والمتخصص في العلاقات الدولية، على عودة تركيا إلى نغمة إقامة المناطق العازلة مع سورية، وهي التي دأب الرئيس التركي أردوغان على الترويج لها والتهديد بها منذ بدء الأزمة السورية، ومع بدء التحالف الغربي الذي تتزعّمه واشنطن وتزعم أنه يهدف إلى محاربة داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية.
كما أن أردوغان طرح إمكانية إقامة تلك المناطق العازلة في سوريا، وسط ترحيب من جانب أمريكا وحلفاؤها بتصويت البرلمان التركي لصالح تمكين الجيش المحلي من التدخل عسكرياً لمواجهة تنظيم داعش في كل من سوريا والعراق، وإعطاء الضوء الأخضر للجيش للقيام بعملية عسكرية في الأراضي السورية والعراقية، والذي يجيز لها نشر قوات أجنبية على الأراضي التركية للمشاركة في تلك العملية، فيما اعتبرت إيران أن أي تدخل عسكري تركي سيزيد الأوضاع القائمة في سوريا والعراق تعقيداً وحرباً ستشمل المنطقة بأكملها.
ويشير الباحث السوري إلى أن أردوغان يريد تصدير الأزمة الكردية إلى الخارج التركي أي إلى سورية عبر خلق حالة عداء بين الأكراد وتنظيم داعش، فضلاً عن رغبته في تحويل الحرب إلى حرب كردية في وجه الإرهاب بما ينقل الصراع من الداخل التركي إلى سوريا.
أما الهدف الأساسي من تقديم تركيا الدعم لدولة الخلافة في هجومها على عين العرب فهو الضغط على هذه القوات حتى تصل مرحلة تطلب فيها المساعدة من تركيا وعندها ستظهر تركيا وكأنها تنقذ الأكراد، وبذلك سيكون مبرّراً أكثر فرض حالة شريط حدودي ومنطقة حظر جوي شمال سورية، بمعنى أن الرئيس التركي يحاول أن يلعب على ملف الأكراد عن طريق محاولته تقديم المساعدة في ملف الأكراد بسورية.. وأعتقد هنا أن دول الإقليم لن تسمح له بإقامة مناطق عازلة لأن إيران ستكون صاحبة الكلمة الأقوى، خاصة وهي من الدول التي تحتوي على عدد كبير من الأكراد الطامحين إلى إقامة دولة مستقلة.
وتكشف تركيا بتحركاتها عن وجهها التآمري على المستوى السياسي والمذهبي بأمر أمريكي، فتدخلت في العراق مطالبة بحقوق «أهل السنة»، ودعمت العمل المسلح في سورية انطلاقاً من قاعدة مذهبية ضد العلويين، والاستعانة بإمكاناتها للعمل ضد النظام في سوريا، والانفصال عن إيران بتحريض مذهبي، ومن هذا المنطلق فإن العلاقة الإيرانية – التركية تسير على حافة الهاوية، ويعمل الحلف الأمريكي والإسرائيلي لإيقاع الصدام بينهما لتحقيق تدمير قوة الإسلام السياسي بجناحيه «السني والشيعي»، في تكرار للحرب الإيرانية – العراقية والغزو العراقي للكويت، فضلاً عن إشعال الفتنة المذهبية بين “السنة والشيعة”، التي تمثل آخر حلقات الحرب الأمريكية.
التعليقات مغلقة.