صبيان البيت الابيض …! / د.هاني العقاد
د.هاني العقاد ( فلسطين ) – الخميس 12/9/2019 م …
في خطوة مفاجئة اعلن جيسون غريمبلات مبعوث الرئيس ترامب للمفاوضات الدولية وخطة السلام الامريكية المعروفة “بصفقة القرن “ استقالته بعد ان عمل في فريق ترامب لعملية السلام لاكثر من سنتين دون ابدء اي اسباب شخصية ولا غير شخصية ودون مزيد من التفاصيل لكن يبدوا ان الامر جاء نتيجة تفاقم حالات اليأس والفشل داخل الفريق نفسه وادراك من غريمبلات ذاته انه يبحر في واحة من الرمال بلا مجاديف محاولا الخروج بخطة سلام كبيرة ضمن صفقة كبيرة يقولون عنها انها “صفقة القرن” التي ستغير وجه المنطقة العربية والعالم وتحل الصراع الطويل بين الفلسطينين واسرائيل وتوفر للولايات المتحدة الامريكية مليارات الدولارات كعائدات للخزينة الامريكية جراء الاستثمارات الكبيرة في المنطقة في صورة مشاريع اقتصادية في شكلها انها تحسين حياة المواطن العربي في كل من الاردن ومصر والسعودية والامارات العربية واسرائيل ولبنان والضفة الغربية وغزة لكن عمقها لا تعدو اكثر من مشاريع يعمل فيها العرب كأجراء حراس علي راس المال الامريكي الاسرائيلي في مصانع ومحطات توليد للطاقة واستثمارات زراعية وغيرها وعلي المستوي السياسي تحقق فيها الادارة الامريكية كيان يهودي خالص لليهود بين البحر والنهر وتصفي من خلالها كل القضايا الكبري التي يتمترس خلفها الفلسطينين ويتمسكوا بحلها كاساس لانهاء الصراع الطويل .
غادر صبي فاشل يهودي ارثوزكسي عنصري يعمل اجير لليهود في البيت الابيض وسياتي صبي اخر يهودي ارثوزكس عنصري وهو “آفي بيركوفيتش” ليعمل ضمن طاقم كوشنر كبير شلة الصبيان وزعيمهم في البيت الابيض وما تم اختيارة لهذه المهمة سوي لانه صديق مقرب من جاريد كوشنر ورفيقة بالدراسة في جامعة هارفارد التي حصل منها علي اجازة القانون وبالتالي تقول الصحافة انه اكثر الاشخاص قربا من صفقة القرن ومطلع علي تفاصيلها بالكامل , بالاضافة الي انه شارك في العديد من اللقاءت الحساسة التي تتعلق بسياسة الرئيس ترامب تجاه اسرائيل بما في ذلك المفاوضات التي سبقت اعلان ترامب نقل السفارة الامريكية الي القدس في تجسيد لاعلان ترامب القدس عاصمة لدولة الكيان , كما ان “آفي بيركوفيتش” كان قد رافق كوشنر خلال جولته الاخيرة بالمنطقة التي شملت مبحاثات مع قادة كل من مصر والاردن والمغرب والسعودية واسرائيل وذلك لاطلاع هذا الشريك الجديد علي طبيعة الجهود التي يبذلها كوشنر بهدف تسويق الصفقه وخاصة الجزء السياسي من الصفقة وتهيئة الاجواء في الاقليم للاعلان عن بنود هذه الصفقة بعد الانتخابات الاسرائيلية القادمة .
يبدوا ان خلافا حادا بين اعضاء فريق السلام التابع لترامب كان السبب وراء استقالة غريمبلات و هذا الخلاف يتعلق بالدور الذي يلعبه هذا الرجل لهندسة مباردة السلام والبيروقراطية التي تتمثل في راس الفريق او صبي الفريق كوشنر . لاي يبدو انه كان هناك توافقا بين الرجلين سوي التوافق الايدلوجي لخدمة المشروع الصهيوني ومساعدة يهود اسرائيل وامريكا على اعلان مملكتهم وامبراطويرتهم في المنطقة , لعله بات واضحا خلال ورشة البحرين التي عقدت فثي المنامة ان هناك خلافا بين الرجلين بعيدا عن الاضواء وذلك بدا واضحا عندما اختفي جيسون غريمبلات تماما وظهر كوشنر علي المسرح وكانه المفكر الوحيد والمهندس الوحيد والعقل الكبير الذي لا عقل غيره انتج مبادرة السلام الامريكية بشقيها الاقتصادي والسياسسي . طار غريمبلات مباشرة الي اسرائيل مسرح الخطة والطاقة الكبيرة التي توفر الدعم لهذا الفريق وشارك ديفيد فريدمان في افتتاح النفق الاستيطاني تحت بلدة سلوان الفلسطينية لشو اعلامي اخر يعجب اليهود بالعالم , بالاضافة الي انني اعتقد ان غريبملات ادرك ان جاريد كوشنر لم يحقق شيء من وراء هذه الورشة سوي تقارير اعلامية تتحدث عن خطة اقتصادية خيالية لايمكن تطبيقها وقرأ الفشل مبكراً لهذا ترك موقعه ليتولاه صبي اخر وبالتالي يصبح فريق ترامب ليس اكثر من فريق صبيان يسكنوا البيت الابيض ويدعوا انه سيغيروا وجه المنطقة ويحلوا الصراع الطويل في المنطقة , هي الحقيقة التي لا تشكيك في اصولها فأن المشهد اليوم يقول ان مجموعة صبيان ستقود مبادرة السلام المسماة مجازا “صفقة القرن”وتعمل كمستشارين لملك البيت الابيض الامبراطور ترامب الذي سيفشل قريبا هو وفريق الصبيان في احداث اختراق جدي وحقيقي يمكنه من نشر صفقته المزعومة .
صبيان البيت الابيض جاريد كوشنر وآفي بيركوفيتش وبعض الشخصيات الاخري التي تقبل بالعمل مع هؤلاء الصبيان الذين يقلبوا صفحات ملف الصراع دون فهم حقيقي لطبيعته يمارسوا مراهقتهم السياسية وفكرهم العنصري وخبرتهم الضحلة لطبيعة الصراع وتارخيه ومفرداته وقضاياه وحتي القرارات الدولية التي صدرت بشأن الصراع منذ العام 1948 واهمها قرار338 و 242 و 194 اخيرا قرار مجلس الامن 2334 الذي يعتبر الاستيطان غير شرعي وباطل , واخطر ما في الامر ان صبيان البيت الابيض يوهموا انفسهم انهم علي قدرة سياسية لحل الصراع ويمتلكوا الكفائة السياسية والفكر السياسي الذي يمكنهم من لعب دور مقتنع لقادة المنطقة لقبول الخطة , صبيان لا يفقهوا طبيعة الصراع ولا يمتلكوا اي استراتيجيات او ادوات للتعامل مع مفردات الصراع ومكوناته سوي الرواية اليهودية واملاءات اللوبي اليهودي والايباك للتعامل مع الصراع بالاضافة لرسائل نتنياهو وفريدمان الخاصة , صبيان سيفشلوا في احداث اي اختراق حقيقي في ملف الصراع ويبقي ما تعلموه من نظريات في هارافارد غير قادرة علي اعانتهم في الوصول الي استراتيجيات واساليب الحل العادل والشامل للصراع .
التعليقات مغلقة.