فساد العالم والحاكم يُفسِد الرعيّة / موسى عباس




Image result for ‫موسى عباس الكاتب‬‎

موسى عباس ( لبنان ) – الخميس 12/9/2019 م … 

منذ صدر الإسلام والأمّة الإسلامية  ينخرُها سوسُ الفساد والإفساد وكلّما تقدّم الزمن كلّما تفاقم هذا المرض حتى أضحى داءً مُستشرياً مستعصياً لا ينفع معه أيّ دواء.
 اذا أوغلنا في تاريخها الغابر واللاحق قلّ ما نجد خليفةً أو حاكماً وصلت إليه السلطة بالطرق المشروعة شورى بين الذين لا (يخافون في الله لومة لائم ) لا يُحابون ولا تعنيهم المناصب ولا المكاسب ،  ما من واحدٍ منهم إلا واستولى على السلطة بعدما أوغر في دماء القوم فلم يتورّع عن سفك دماء أقرب المقربين منه ولا عن أن يقطع رؤوس من يشتبه أنهم يناوؤه على التحكُّم برقاب العباد والبلاد.
يُعيّنُ ولاةً وقضاةً فاسدون مرتشون ينهبون ما  استطاعوا من أموال العامّة الذين يرضخون مكرهين وإلا غُيّبوا في السجون.
وفي عصر الذرّة والقرية الكونية الواحدة وفي زمن الإنتخابات ،وبعد مئات القرون لم يتغيّر شيء ، بل تطوّر الأسلوب وأصبح أكثر حداثةً، بل أصبح الفساد مُقونناً بحيث تُعقد الصفقات بالتراضي بين مراكز القوى السياسية والأمنية والإقتصادية  برعاية الملك والأمير والحاكم والرئيس ، كلٌّ له حصّته من جُبنة المواقع والمكاسب في جميع المجالات من أعلى الهرم إلى أدناه .
وفي كثير من البلاد التي صُبِغت بأنّها إسلامية وهي بعيدة عن الإسلام بُعْدَ المجرّات عن بعضها، لا زال الحاكم يعتبر أن الرعيّة من أملاكه الخاصّة يتصرّف بها وبمُقدّرات البلاد كما يحلو له، وبعضهم لم يتورّع عن إعتبار جيرانه في بقية البلاد حديقته الخلفية يسرح ويمرح فيها ويُعربد سافكاً الدماء ، بل أكثر من ذلك فقد تخلى عن مقدّسات  الأُمّة وتآمر مع شُذّاذ الآفاق من الصهاينة وحلفائهم ضد الشرفاء .
سجونهم فاضت بأحرار بلادهم من الرجال والنساء  الذين تجرؤا وحاولوا التصدي للظلم من خلال التعبير عن مواقفهم حتى ولو بالكلمة
وحوكموا محاكمةً صُوَريّة وأُعدم العديدون منهم.
والأعظم سوءاً من جميع أولئك الذين هم في مواقع السلطات المدنية ، هم بعض من أولئك الذين يتصدّون لتبوّء السلطة الدينية في الإفتاء  والقضاء الشرعي والمدني الذين تنوء بهم المراكز التي وُضعوا فيها بسبب ما ارتكبوه من ظلم بحق من رماه الدهر بين أيديهم ، أما الذين لا تحلوا عندهم خُطب الجمعة وخُطب المناسبات إلا بتمجيد وتأليه الحاكم وليّ الأمر كما يسمونه والدعوة إلى طاعته حتى ولو كان ظالماً ومجرماً وناهباً للأموال وسافكاً للدّماء ومرتكباً لأشنع الأفعال في السرّ والعلانية، فهؤلاء ممّن يُكرّسون بالأقوال والأفعال الفساد والإفساد في العامّة من الناس.
عمّ الظلم والفساد بين الخاصّة من القوم وأفسدوا العامّة وأصبح غير الفاسد  يُنعتُ بأنّه جاهلٌ وغبيّ.
وإنّ أروع توصيف للفساد ما جاء على لسان
الإمام عليّ بن أبي طالب عندما سُئل كيف تفسد العامَّة من النّاس؟
 قال : “إنَّما هي من فساد الخاصَّة، وإنّما الخاصّة ليُقسمون على خمس:
العلماء، وهم الأدلّاء على الله، و الزهّاد، وهم الطريق إلى الله، و التجّار، وهم أمناء الله، و الغزاة، وهم أنصار دين الله، و الحكّام، وهم رعاة خلق الله.
فإذا كان العالِم طمّاعاً، وللمالِ جمّاعاً، فبمن يُستدَل؟
وإذا كان الزاهد راغباً، ولما في أيدي الناس طالباً، فبمن يُقتدى؟
وإذا كان التاجر خائناً، وللزكاة مانعاً، فبمن يُستوثق؟
وإذا كان الغازي مُرائِياً، وللكسب ناظراً، فبمن يُذبّ عن المسلمين؟
وإذا كان الحاكم ظالماً، وفي الأحكام جائراً، فبمن يُنصرُ المظلوم على الظالم؟
فوالله ما أتلف الناس إلّا العلماءالطمّاعون،
والزهّادالراغبون، و التجّارالخائنون، والغزاةالمراؤون، و الحكّام الجائرون”.
 ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُون والعاقبة للمتقين﴾.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.