أنا نصرانيٌّ أيضاً / باسل الرفايعة

 

باسل الرفايعة ( الأردن ) الأحد 13/9/2015 م …

جريس عيسى الهلسة (1948). نورس جريس سلامة، توما سلامة حجازين (1967). فائق عودة حدادين (1956). هذه أسماءُ شهداء من العشائر المسيحية الأردنية. إنهم أخوةُ صالح الشويعر، ومنصور كريشان، وفراس العجلوني، ومعاذ الكساسبة. هل تعرف أيها الداعيةُ المريضُ معنى أنْ تخونَ دماءَ الشهداء المسلمين والمسيحيين، وأنتَ تعبثُ ببلادنا، وبتاريخها، وبزهوِ جدّاتنا وأمهاتنا في عجلون والكرك ومادبا. تعبثُ بوحدتنا الوطنية، وبدمنا الواحد، لمجردِ أنكَ تعاني من دُمَّلٍ قبيح في دماغك، يمنعكَ أن ترى أبعدَ من الظلام الذي يتكثَّف في تحريضكَ الأسودِ على أردنيين، يُصَلُّون في كنائسهم، ويقدمون دماءَ أولادهم لهذه البلاد. بلادهم. وبلادي. وبلادكَ أيضا.

هل تعرفُ من هو معاذ الكساسبة الذي قرعت كنائس الأردن حزناً على عينيهِ المحروقتين بنارِ الدواعش. أتذكرُ كيفَ أصابَ لسانكَ الخَرَسُ، حينما أحرقَ الهمجُ قلوبنا، وقلتَ: هذه ليست حربنا.

إِنْ كنت لا تعرفُ دمنا، فهو دمٌ لا دينَ له. دمٌ أردنيٌّ. اسأل المؤرخَ العسكريَّ بكر خازر المجالي. اسأله كم شهيداً أردنياً مسيحياً في سجلاّت الشرف والبطولة. اسأله، فهو كركيٌّ، سيقصُّ عليكَ القصةَ التي يحفظها الأردنيون جميعاً: كانت هناك عشيرة مسيحيةٌ أردنيةٌ تريدُ أنْ تبني كنيسةً قربَ مسجدٍ في قريةٍ كركية. علمتْ العشيرةُ المسلمة بالأمر، فقالت لشقيقتها المسيحية شرطها الوحيد. الشرطُ أيها البائسُ أنْ يكونَ الخوريُّ من العشيرةِ المسلمة.

اسألْ أهلنا في السلط وعجلون وإربد وجرش عن العشائر المسلمة التي كانت تتسابقُ على ذبائحِ “الصَّبةِ” عندما يُشيِّدُ المسيحيونَ كنيسة.

لَنْ تنجح أيها الرجلُ ودواعشك. هذه البلادُ لن تشهدَ فتنة إسلاميةً مسيحية. نَحْنُ هنا لنْ نسمحَ لكَ بالاستمرار في هذه اللعبة القذرة. نَحْنُ هنا لسنا أكثريةً وأقليةً. كلنا معاً حينما يتسللُ أمثالكَ من الكتب الصفراء. أكرِّرُ لن تنجح. وَلَنْ يهاجرَ مسيحيو الأردن، مثلما هاجروا من بلدان الجوار، لتخلو لك بلادُ الشام أنتَ وداعش والبغدادي. لن يُهاجرَ الملحُ من الخبز. لن تهاجرَ مادبا من قلب غالب هلسة. ستظلُّ كنائسُ شطنا والسماكية والفحيص تقرعُ بالمحبَّة..

قُل ما تشاء. قُلْ إنهم: نصارى. الْمَسِيحُ من الناصرة. هم أنصارُ المسيح، وأنصارُ معاذ وجريس وتوما. قُلْ ما تُمليهِ عليكَ التجارةُ في لحمنا . إلاّ أنهم أردنيون أولاً وأخيراً. مسيحيون في البلاد التي قطعَ فيها يوحنا المعمدان النهرَ. إنه نهرُ الأردن، وفي اللغةِ هو المنحدرُ الصعبُ. لا عليكَ. إِنْ شئتَ أيضاً هم نصارى. ينصرونَ بلادنا، بالدمِ والشهادة، وينصرونها حينَ يُمسكونَ على جمرها، ولا يردُّون على أمثالك.

حينَ يتعلقُ الأمرُ بالأردن فأنا نصرانيٌّ جدا، وأنصرُ بلادي، لأجلِ الياسمين في جبال عمَّان، ولأجلِ كرْمةِ الفحيص، ولأجلِ عيونِ الفتى في قريةِ عيّْ. هناكَ في الكرك، عِنْدَ دم معاذ، وعندَ كنيسةٍ حزينة. مثلكَ لا يفهمُ حزنَ الكنائسِ على الشهداءِ، وعلى ترانيمِ المطر..

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.