روسيا تعود، وبقوة، لتقوم بدورها كدولة عظمى مؤثرة / طلال قديح

 

 

طلال قديح  ( الأحد ) 13/9/2015 م …

ظل العالم بعد الحرب العالمية الثانية مسرحاً لدولتين عظميين، تنفردان بالدور الرئيس والأهم، وتتقاسمان مناطق النفوذ، هما الولايات المتحدة الأمريكية زعيمة للمعسكر الغربي الرأس مالي، والاتحاد السوفييتي زعيم المعسكرالشرقي الاشتراكي، الذي وجدت فيه الشعوب المناضلة لنيل الحرية والاستقلال، نصيراً وحليفاً مساندا ،في كل المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية.

ولا ننسى دور الاتحاد السوفييتي في مؤازرة فيتنام في نضالها ضد الاستعمار الغربي حتى النصر.وكانت فيتنام ساحة لحرب ضروس حتى فرضت نفسها كقوة مناضلة ومثالا يحتذى لكل الشعوب الثائرة ضد الاستعمار.

تصدى الاتحاد السوفييتي بكل إمكاناته للمد الاستعماري في كل العالم، ولم يدخر جهداً في نصرة الشعوب الثائرة ضد الظلم والاستبداد، حيث وجدت لديه كل ما تطلبه من تدريب وسلاح ودفاع في المحافل الدولية.

ظل الاتحاد السوفييتي حليفاً صلباً للعالم العربي في وجه الصلف الأمريكي وربيبته إسرائيل التي طغت وبغت وتحدت وتمددت باحتلال المزيد من الأراضي العربية فضلا عن كل فلسطين في عدوان حزيران عام 1967م.

إن مواقف الاتحاد السوفييتي لا ينكرها إلا جاحد.. ومنها الإنذار السوفييتي للعدوان الثلاثي على مصر عام 1956م ، الذي أجبر بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على وقف العدوان والانسحاب، تجر أذيال الخزي والعار. بينما يسطع دور مصر القيادي في العالم العربي بزعامة الرئيس جمال عبد الناصر الذي أصبح زعيما للعالم الثالث يشار إليه بالبنان ، وتغدو مصر قبلة للثوار من كل الأقطار. وبناء السد العالي وما يمثله من تحد، وما يرمز إليه ، لهو خير برهان على العون السوفييتي المميز، ونصرته للحق العربي في وجه الاستعمار الغربي، الذي تجرعنا غصصه وعانينا قسوته عقودا طويلة.

فتح الاتحاد السوفييتي الباب على مصراعيه أمام الطلاب العرب من مصر وسوريا وفلسطين والعراق واليمن والجزائر للالتحاق بالجامعات ونيل أعلى الدرجات ، لتخرّج جيلا مؤهلا مواكبا النهضة العالمية في الطب والهندسة وسائر علوم العصر.، ثم يضطلع بدوره في خدمة وطنه وأمته..

وظل هذا الأمر يقض مضاجع الغرب ويؤرقهم ، فشمروا عن سواعدهم ، وصمموا على تفتيت الاتحاد السوفييتي وتغييبه عن الساحة الدولية، لتنفرد أمريكا وحلفاؤها بتسيير الأمور على هواها ووفق مصالحها بلا اعتبار لأحد سواها.

وكان نتاج ذلك ما شهده العالم العربي من تداعيات ما سمي زورا وبهتانا بـ “الربيع العربي”،الذي أتى على الأخضر واليابس، وأصاب الحلم العربي في مقتل..وأعادنا إلى الحقبة الاستعمارية البغيضة، وما فيها من آلام وأحقاد، وفرقة وخلاف.

ومع كل ذلك تبدو في الأفق بوادر تبشر بمستقبل أفضل في ظل الدور الذي تلعبه مصر الآن، بعد غياب اضطراري فرضه الوضع الداخلي بعض الوقت وهو ليس أكثر من كبوة جواد، ينهض لينطلق بثقة نحو الهدف المنشود.

وهنا تتوجه روسيا لتستعيد مكانتها كقوة عظمى، وتمارس دورها الإيجابي بدءاً من الشرق الأوسط، وخاصة مركز الثقل، مصر وسوريا. وتعلن عن إرسال بوارجها الحربية وطائراتها المقاتلة لتدك معاقل الخارجين عن القانون وتحاول بذلك إعادة سوريا، بلداً آمناً مستقراً ، بعيدا عن المعاناة التي امتدت قرابة خمس سنوات.

إذن، عادت القوة العظمى” روسيا” لتضطلع بدور الاتحاد السوفييتي، فتتعادل كفة الميزان مع أمريكا، التى عانى العالم الثالث من تفردها على الساحة الدولية. ولا يمكن لأحد أن ينكرالدور الروسي أو يتجاهله مقابل الموقف الأمريكي، كبحاً لجماحه ومنعه من التمادي في تعدياته كيفما شاء. لذا شاهدنا زعماء عربا ومسؤولين كبارا، توافدوا في زيارات لموسكو لتعزيز التعاون في كافة المجالات، وبدء مرحلة تعيد الأمور إلى ما ينبغي أن تكون عليه من تبادل الجميع للمصالح والمنافع.

وسوف يظل العالم أكثر أمنا طالما كانت هناك قوتان عظميان كل منهما تحسب حساب الأخرى..لكن ويل للعالم إذا انفردت به قوة عظمى واحدة بلا منافس..؟؟؟

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.