مخطط برنارد لويس في تفتيت العالم العربي والإسلامي / د. حسين عمر توقه

د. حسين عمر توقه* ( الأردن ) الثلاثاء 17/9/2019 م …
* باحث استراتيجي بالأمن القومي …



* إن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون لا يمكن تحضيرهم ….
* ولذلك فإن الحل السليم للتعامل معهم هو إعادة إحتلالهم وإستعمارهم وتدمير ثقافتهم الدينية …
* إنه من الضروري إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية ” .
برنارد لويس :
إن تغطية حياة برنارد لويس وسيرته الذاتية و ومؤلفاته وأفكاره وتأثيره على صناع القرار وبالذات في الولايات المتحدة تستلزم حيزا أكبر بكثير من مجرد مقال بل تستلزم أكثر من بحث وأكثر من مؤلف ونظراً لأن اهتمامنا ببرنارد لويس ينطلق من رغبتنا في تعريف القارىء العربي بفكره المتعلق بتفتيت العالم الإسلامي والعالم العربي فإننا سنستعرض في عجالة بعض المراحل والعلامات المفصلية في حياته حتى نصل الى موضوع مقالتنا
لقد ولد برنارد لويس في لندن عام 1916 من أسرة يهودية من الطبقة الوسطى وتوفي في عام 2018 . في عام 1936 تخرج من كلية الدراسات الشرقية والإفريقية في جامعة لندن بعد أن استهوته اللغة العبرية والآرامية والعربية اهتم بدراسة اللغات اللاتينية واليونانية والفارسية والتركية ولكنه تخرج من قسم التاريخ متخصصا في الشرق الأدنى والأوسط وفي عام 1939 حصل على شهادة الدكتوراه متخصصا في تاريخ الإسلام .
وأثناء الحرب العالمية الثانية خدم لويس في الجيش البريطاني في سلاح الدروع وفي الاستخبارات البريطانية وتمت إعارته الى وزارة الخارجية البريطانية وفي عام 1949 عاد الى مهنة التدريس في جامعة لندن وعين استاذا في قسم التاريخ .
في بداية السبعينات تمت دعوته كأستاذ زائر لجامعة كولومبيا ولقد اشترط قبل سفره أن يتم تعيين الأستاذ الدكتور عبد العزيز الدوري “رحمه الله” رئيسا لقسم التاريخ في جامعة لندن كما أود أن أشير هنا الى أن هناك عدداً من الأساتذة في الأردن الذين تتلمذوا على يديه .
في عام 1974 انتقل الى الولايات المتحدة وعمل في جامعة برنستون وفي عام 1982 حصل على الجنسية الأمريكية وفي عام 1986 انتقل للعمل في جامعة كورنيل حتى عام 1990 ومن ثم عاد الى جامعة برنستون استاذاً غير متفرغ ولقد تمكن خلال السنوات الماضية من تأليف أعداد كبيرة من الكتب والمؤلفات تجاوزت الخمسين كتاب ومؤلف وقدم المئات من البحوث والدراسات
ولعل أبرز مراحل حياته هي مرحلة ارتباطه بالمحافظين الجدد في الولايات المتحدة الذين نشأت حركتهم في منتصف الثمانينات والتي ضمت مجموعة من المثقفين ذات الحضور الأكاديمي والسياسي المميز من بين أعضاء الحزب الديمقراطي ولكنهم انسلخوا عن حزبهم احتجاجا على تقاعس الحزب في مجال السياسات الدفاعية والخارجية ويبدو أن تيار المحافظين الجدد في عهد الرئيس جورج بوش قد ضم أشخاصا متنفذين داخل الإدارة الأمريكية أمثال ديك شيني ولويس ليبي وبول ولفويتز وكوندوليزا رايس وريتشارد بيرلي ودوغلاس فيث بالإضافة الى الآلاف من المتنفذين في مجالات الإعلام ومن الكتاب ورؤساء التحرير للصحف والمجلات ومحطات التلفزيون ورؤساء مجالس البنوك .
فلو أخذنا على سبيل المثال في تلك المرحلة الزمنية شركات التلفزيون الرئيسية في الولايات المتحدة وهي (اي .بي .سي A.B.C ) وشركة (سي. بي. أس C.B.S) وشركة (ان. بي. سي N.B.C) لوجدنا أن كل رؤساء مجالس إدارة هذه المحطات كانوا من اليهود المتعصبين لإسرائيل أمثال ليونارد جولدينسن ووليام بيلي وبعده توماس ويمان وجيمس روزنفيلد وديفد سارنوف كما أن شبكات الإذاعة خاضعة للنفوذ الصهيوني بدءاً بشبكة ( إم.بي .سي M.B.C ) وشبكة إذاعة ( بي.بي.إس B.B.S ) وشبكة إذاعة (إن. بي. آر N.B.R) جميع رؤساء هذه الشبكات كانوا من اليهود المتعصبين مارتن روبنشتاين ولورنس كروسمان وفرانك مانكيوز وما ينطبق على محطات الإذاعة والتلفزيون ينطبق على الصحف والمجلات اليومية والشهرية والدورية والأفلام وبرامج التلفزيونز كما يتوجب علينا أن نشير هنا الى أن معظم الأطباء وكليات الطب وأشهر المحامين وأشهر كليات القانون يسيطر عليها اليهود .
ولقد تمكن تيار المحافظين الجدد من اختطاف السياسة الخارجية في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا تحت ستار مكافحة الإرهاب ظاهريا لا سيما بعد وقوع تفجيرات أيلول في نيويورك ووضعوا مخطط إعادة تشكيل إقليم الشرق الأوسط بشكل يكون دائرا في فلك السياسة الأمريكية ومتقبلا ومطبعا لوجود إسرائيل .
ولا شك بأن تعاون بيرنارد لويس مع المحافظين الجدد قد أظهره بمظهر العراب للمصالح الصهيونية وتهجمه على كل محاولة من محاولات السلام بل وتهجمه على القيادة الإسرائيلية لإتخاذها قرار الإنسحاب من لبنان وهو أحد الذين صاغوا استراتيجية المحافظين الجدد في عدائهم الشديد للإسلام والمسلمين وقد اتضحت هذه السياسة في تصريحه المشهور عام 2005 حيث قال” إن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون لا يمكن تحضيرهم………….. ولذلك فإن الحل السليم للتعامل معهم هو إعادة احتلالهم واستعمارهم وتدمير ثقافتهم الدينية ……. إنه من الضروري إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية……..
ولقد ظل بيرنارد لويس طوال سنوات رجل الشؤون العامة ومستشاراً لإدارتي كل من جوج بوش الأب والإبن
وبتاريخ 1/5/2006 ألقى ديك شيني نائب الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت خطابا يكرم فيه بيرنارد لويس ويذكر “أن بيرنارد لويس قد جاء الى واشنطن ليكون مستشاراَ لوزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط” وهو اليوم وقد تجاوز التسعين من عمره استاذ متقاعد في جامعة برنستون .
وإن ما يهمنا الآن هو استعراض موجز الى مشروع برنارد لويس الشهير الخاص بتفكيك الوحدة الدستورية لمجموعة الدول العربية والإسلامية.
في عام 1980 إبان الحرب العراقية الإيرانية صرح مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي زبغنيو بريجنسكي بقوله ” إن المعضلة التي ستعاني منها الولايات المتحدة من الآن هي كيف يمكن تنشيط حرب خليجية ثانية تقوم على هامش الحرب الخليجية الأولى التي حدثت بين العراق وإيران تستطيع أمريكا من خلالها تصحيح حدود اتفاقية سايكس بيكو
وعقب إطلاق هذا التصريح وبتكليف من وزارة الدفاع الأمريكية بدأ بيرنارد لويس بوضع مشروعه الشهير الخاص بتفكيك الوحدة الدستورية لمجموعة الدول العربية والإسلامية جميعا وكلاً على حدة ومنها العراق وسوريا ولبنان ومصر والسودان وإيران وتركيا وأفغانستان والباكستان والسعودية ودول الخليج ودول المغرب العربي وتفتيت كل منها الى مجموعة من الكانتونات والدويلات العرقية والدينية والمذهبية والطائفية وقد أرفق بمشروعه المفصل مجموعة من الخرائط المرسومة تحت إشرافه تشمل جميع الدول العربية والإسلامية المرشحة للتفتيت بوحي من مضمون تصريح بريجنسكي الخاص بتسعير حرب خليجية ثانية حيث وافق الكونغرس الأمريكي في جلسة على مشروع الدكتور ” بيرنارد لويس ” وبذلك تم تقنين هذا المشروع واعتماده وإدراجه في ملفات السياسة الأمريكية الإستراتيجية لسنوات مقبلة
وإنني كباحث في الدراسات الاستراتيجية ومتخصص في إدارة الأمن القومي لا أظن أن دولة في عظمة الولايات تستند في سياستها وتعتمد على دراسة شخص ما لا سيما وأن هذه السياسة تتعلق بمنطقة هامة جدا مثل الشرق الأوسط وأن لديها جيش من الخبراء والسياسيين والعلماء والإستراتيجيين ولكن هذا لا يمنع أن تستعين بالمحافظين الجدد وباعضاء الإيباك ” اللجنة الأمريكية الإسرائيلية للشؤون العامة” برئاسة لي روزنبرغ لا سيما وأنهم يتمتعون بنفوذ كبير وهم من أصحاب القرار في توجيه السياسة الأمريكية وبالذات فيما يخص إسرائيل وأترك للقارىء الكريم أن يحكم بنفسه وأن يقرر وأن يقارن بين ما تم تخطيطه قبل ثلاثين عاماً وبين مايحدث اليوم من ثورات وندرس مراحل هذه الثورات كما هي على أرض الواقع ولا شك أن ما يدور اليوم في العالم العربي يرجع الى أكثر من سبب والى أكثر من جهة
مخطط برنارد لويس :
وفيما يلي تفاصيل المشروع الصهيو أمريكي لتفتيت العالم الإسلامي والعربي لبيرنارد لويس
مصر: يتم تقسيمها الى أربع دويلات
1: سيناء وتظل تحت النفوذ اليهودي ( ليتحقق حلم اليهود)
2: دولة قبطية تمتد من جنوب بني سويف حتى جنوب المنيا
3: دولة النوبة تتكامل مع الأراضي الشمالية السودانية وعاصمتها أسوان
4: مصر الإسلامية عاصمتها القاهرة وتشمل الجزء المتبقي من مصر
السودان: تقسم الى أربع ولايات
1: دويلة النوبة المتكاملة مع دويلة النوبة في الأراضي المصرية والتي عاصمتها أسوان
2: دويلة الشمال السوداني الإسلامي وعاصمتها الخرطوم
3: دويلة الجنوب السوداني المسيحي والتي تم إعلان استقلالها نتيجة الإستفتاء
4: دارفور والمؤامرات لا زالت مستمرة لفصلها عن السودان بعد الجنوب لأنها غنية باليورانيوم والذهب والنفط
المغرب العربي: تفكيك ليبيا والجزائر والمغرب وتونس بهدف إقامة
1: دولة الأمازيغ على امتداد دويلة النوبة بمصر والسودان
2: دويلة البوليساريو
3: الباقي تقسيم دول المغرب والجزائر وتونس وليبيا الى أقسام متناحرة بعضها شمالي جنوبي وبعضها شرقي وغربي كما يحدث في ليبيا الآن
شبه الجزيرة العربية: إلغاء السعودية والكويت وقطر والبحرين وسلطنة عمان واليمن والإمارات العربية من الخارطة ومحو وجودها الدستوري بحيث تتضمن شبه الجزيرة العربية ثلاث دول فقط
1: دولة الإحساء الشيعية وتضم الكويت والإمارات وقطر وعمان والبحرين والجزء الشرقي للمملكة السعودية
2: دولة نجد السنية
3: دولة الحجاز السنية
سوريا: يتم تقسيمها الى أقاليم متمايزة عرقيا أو دينياً أو مذهبياً الى أربع دويلات
1: دولة علوية شيعية ( على امتداد الساحل)
2: دولة سنية حول حلب
3: دولة سنية حول دمشق
4: دولة الدروز في الجولان ولبنان ( الأراضي الجنوبية السورية وشرق الأردن والأراضي اللبنانية)
العراق:  يتم تقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم متمايزة عرقيا أودينيا أو مذهبيا
1: دولة شيعية في الجنوب
2: دولة سنية في الوسط
3: دولة كردية في الشمال
لبنان: تتضمن أفكاره تقسيم لبنان الى ثمانية كانتونات عرقية ومذهبية ودينية
1: دويلة سنية في الشمال وعاصمتها طرابلس
2: دويلة مارونية شمالا وعاصمتها جونيه
3: دويلة سهل البقاع العلوية عاصمتها بعلبك خاضعة للنفوذ السوري ( شرق لبنان)
4: بيروت الدولية (المدولة)
5: كانتون فلسطيني حول صيدا وحتى نهر الليطاني
6: كانتون كتائبي في الجنوب والتي تشمل مسيحيين ونصف مليون من الشيعة
7: دويلة درزية ( في أجزاء من الأراضي اللبنانية والسورية والفلسطينية المحتلة)
8: كانتون مسيحي تحت النفوذ الإسرائيلي
الأردن: تصفية الأردن ونقل السلطة للفلسطينيين
فلسطين: ابتلاعها بالكامل وهدم مقوماتها وتشريد شعبها
اليمن: إزالة الكيان الدستوري الحالي للدولة اليمنية بشطريها واعتبار مجمل أراضيها جزءاً من دولة الحجاز
إيران وباكستان وأفغانستان: يتم تقسيمها الى عشرة كانتونات عرقية ضعيفة
1: كردستان
2: أذربيجان
3: تركستان
4: عربستان
5: إيرانستان ( ما بقي من إيران بعد التقسيم)
6: بوخونستان
7: بلوشستان
8: أفغانستان ( ما بقي منها بعد التقسيم)
9: باكستان ( ما بقي منها بعد التقسيم)
10: كشمير
تركيا: انتزاع جزء منها وضمه للدولة الكردية المزمع إقامتها في العراق
هذا ملخص لمشروع بيرنارد لويس الذي تم عرضه على القيادة الأمريكية ولا نستطيع أن نجزم أو ننفي أنه قيد التنفيذ او على الأقل قد تم التأثر بما جاء فيه فاستشراف المسقبل صعب للغاية في ظل الظروف الراهنة فبعض هذه المخططات قد تم تحقيق معطياتها والبعض الآخر من المخططات يستحيل تحقيقها على أرض الواقع . ولكن الذي يهمنا بصفة خاصة وهامة أن هذا المشروع يهدف الى القضاء على النظام في الأردن وتحويله الى وطن بديل للفلسطينيين.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.