نحن شعب ينسى التاريخ / د. حسين عمر توقه

د. حسين عمر توقه ( الأردن ) الثلاثاء 24/9/2019 م …



يبدو أننا في غمرة تهافتنا على الدول الغربية واستنجاد ثوراتنا العربية بكل من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وبعد أن أصبحت واشنطن وباريس ولندن مقر انعقاد مؤتمرات المقاومة العربية الحديثة بدءاً برجالات الثورة العراقية وانتهاء برجالات المعارضة الليبية والسورية . أننا قد نسينا بعضا من تاريخ أمتنا وبالذات تاريخ القضية الفلسطينية والأمة العربية لا سيما في بدايات القرن العشرين ويبدو أن أعداء الأمس ومستعمري العالم العربي والإسلامي قد أصبحوا اليوم حلفاء للثورات العربية .

وإنني كأي باحث استراتيجي أريد البحث عن الوسائل التي تنقذ العالم العربي الغارق في الفوضى الخلاقة وفي شتاء الثورات التي لا زالت تشهد نزيف الدم العربي بالمال العربي وتشهد تزايد النفوذ الإيراني في العراق وسوريا واليمن ولبنان وفي دول الخليج العربي .

لقد تغنينا في القرن الماضي بحركات التحرر والتخلص من الإستعمار وتغنينا بالقومية والوحدة العربية ولكننا خسرنا كل حروبنا مع إسرائيل بإستثناء ثورة أطفال الحجارة وقد يعارضني أحد الأخوة بأن حزب الله قد صمد في وجه إسرائيل أكثر مما صمدت الدول العربية وأن هذا الصمود هو نصر معنوي وواقعي لأن الخسائر في الجيش الإسرائيلي كانت كبيرة والخسارة الأخلاقية للآلة العسكرية الإسرائيلية أمام العالم كانت أكبر من أي انتصار عسكري .

لقد تغنينا بالتطور العمراني وتحدثنا عن أرقى الفنادق وأعلى الأبراج وأفخم أنواع اليخوت والسيارات والطائرات ولم نذكر أبداً أننا لم نصنع مسماراً أو هاتفا نقالا واحداً . ولم نذكر أبدا أننا أضحينا أسواقا للإستهلاك ولولا رحمة الله بنا أن أعطانا نعمة البترول لكنا جعنا ونهشنا لحم بعضنا بعضا.

أعذروني فأنا أريد أن أذكركم ببعض صفحات التاريخ التي يجب ألا تنتسى وببعض الوثائق والمعاهدات التي لم تسربها ولم تشملها وثائق ويكيلكس لربما نتعلم شيئا منها فهي تحدثنا عن إنشاء دولة إسرائيل وهي تحدثنا عن دور بعض الدول وبالذات بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة في تحقيق أهداف إسرائيل .

بريطانيا:
بين عامي 1905 لغاية عام 1907 تم عقد مؤتمر يضم كلا من كثيرون من الساسة العرب لم يسمعوا بوثيقة بنرمان التي صدرت عام 1907 والتي تم فيها التخططيط للإستيلاء على العالم العربي الممتد من الخليج الفارسي إلى المحيط الأطلسي وإبقاء هذا العالم تحت رحمة وسيطرة أوروبا وتم فيه إقرار زرع إسرائيل في قلب فلسطين

بتاريخ 16 أيار عام 1916 تم التوقيع على اتفاقية سايكس – بيكو بين بريطانيا وفرنسا من أجل تقسيم العالم العربي فيما بينهما

بتاريخ 2 تشرين الثاني عام 1917 أصدرت بريطانيا وعد بلفور المتضمن إقرار الحكومة البريطانيه بإنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين

في عام 1919 تم الإشراف من قبل بريطانيا على وضع المنهج الدراسي العبري في المدارس في فلسطين

في عام 1920 تم تأسيس اتحاد العمال اليهودي وتأسيس المجلس الوطني اليهودي بالإضافة الى تأسيس منظمة “الهاجاناه” العسكرية

في عام 1921 تم تأسيس المكتب التنفيذي لأعضاء المنظمة الصهيونية العالمية في فلسطين وما أن تم تعيين السير هيوبرت صامويل حاكماً عاماً لفلسطين بعد أن فرضت بريطانيا الإنتداب والذي أقرته بكل أسف عصبة الأمم بتاريخ 24/7/1922 حتى قامت بريطانيا بالتمهيد لعمليات إجلاء الفلسطينيين وفتح باب الهجرة لليهود وبعد أن كانت الأراضي التي احتلها اليهود عام 1922 تساوي 60 ألف هكتار أصبحت خلال عام 1939 تساوي 55 ألف هكتار وبعد أن كانت نسبة اليهود بتاريخ 24/7/1922 لا تتجاوز 10% من سكان فلسطين أصبحت عام 1939 تساوي 29% وبلغ عدد المهاجرين اليهود في عام 1948 ما يزيد على 452 ألف مهاجر يهودي.

في عام 1924 تم افتتاح مركز اسرائيل للتكنولوجيا في حيفا كما تدشين الجامعة العبرية في القدس عام 1925

في عام 1936 قامت بريطانيا بتشكيل قوة جديدة عرفت بإسم بوليس المستعمرات اليهودية وقامت بتدريبهم وتسليحهم ودفع رواتبهم

في عام 1938 قام ضابط مخابرات بريطاني هو الكابتن أودري شارلز وينجيت بتأسيس ثلاث وحدات خاصة من اليهود أطلق عليها ” فصائل الليل الخاصة ” كما قامت بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية بتجنيد 32 ألف مقاتل يهودي للقتال مع الجيش البريطاني كما تم تشكيل فيلق يهودي خاص مؤلف من 5 آلاف مقاتل يهودي حاربوا في إيطاليا.

في عام 1941 نشطت منظمة الهاجاناه وتبنت مشروع تأسيس ثلاثة آلاف مقاتل يهودي عرفت بإسم ” البالماخ ” وقد تم تدريب هذه القوة من قبل الجيش البريطاني .

بتاريخ 15 أيار 1948 أصبحت ” الهاجاناه ” نواة جيش الدفاع الإسرائيلي والذي بلغ في ذلك الوقت ما يقارب 88 ألف مقاتل.

كما تم دعم ورعاية المجندين اليهود في الجيش البريطاني ومنحهم تشكيلا خاصا عام 1944 أطلق عليه ” الفرقة اليهودية المقاتلة ”

وبإختصار شديد فإن بريطانيا قد تولت مهمة تطبيق وعد بلفور سياسيا وعسكريا واقتصاديا حتى تم إنشاء دولة إسرائيل عام 1948 واستمرت العلاقات الإستراتيجية بين بريطانيا واسرائيل حتى بلغت قمتها عام 1956 حيث اشتركت كل من بريطانيا وفرنسا واسرائيل في عدوانهم الثلاثي على مصر.

فرنسا:-
في تشرين الثاني عام 1954 قام ممثل فرنسا في الأمم المتحدة ووزير دفاعها السابق السيد ” جول موك ” بالكشف عن اتفاق تعاون فرنسي – إسرائيلي في حقل الذرة تم توقيعه في النصف الأول من عام 1953

وبتاريخ 16/11/1954 أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي مو شيه شاريت أمام الكنيست أن فرنسا وإسرائيل قد عقدتا اتفاقا للتعاون في البحث الذري وبتاريخ 1957 تم التوصل الى اتفاق بين فرنسا واسرائيل الى إنشاء مفاعل ديمونا النووي

في عام 1956 اشتركت كل من فرنسا وبريطانيا واسرائيل في عدوانها الثلاثي على مصر

منذ عام 1956 قامت فرنسا بتزويد اسرائيل بأسراب الطائرات المقاتلة والزوارق السريعة .

الولايات المتحدة الأمريكية :-
إنني لا أغالي ولا أبلغ إذا قلت إن إسرائيل هي عبارة عن ولاية من الولايات المتحدة
بتاريخ 12 تموز 1955 تم عقد اتفاقية بين الولايات المتحدة واسرائيل تنص على تبادل واسع للمعلومات المتعلقة بمفاعلات البحث الذري

في عام 1952 تم توقيع أول اتفاقية دفاع مشترك بين اسرائيل والولايات المتحدة
بتاريخ 19 آذار 1958 تم توقيع عقد مع قسم الذريات التابع ” أميركان ماشين آند فاوندري ” في نيويورك لشراء بحث ذري تم إنشاؤه في ” ناحال سوريك ”

في عام 1962 اتخذ الرئيس الأممريكي ” جون كنيدي ” قرارا بالموافقة على تزويد إسرائيل بصواريخ هوك المضادة للطائرات

في عام 1970 قامت الولايات المتحدة بتوقيع اتفاقية خاصة من أجل تبادل المعلومات مع إسرائيل التي تساهم في تطوير القدرة القتالية لدى الطرفين وتبادل المعلومات في مجال مكافحة التجسس الإلكتروني والحرب الإلكترونية والإتصالات والمتفجرات والقذائف المدفعية ذاتية التوجيه وصواريخ جو/جو
في عام 1971 قامت الولايات المتحدة بالتوقيع على مذكرة تفاهم مع اسرائيل تسمح بموجبه الولايات المتحدة لإسرائيل بالحصول على المعلومات الفنية من أجل تصنيع ما لايقل عن مائة صناعة حربية ربعها يدخل في التكنولوجيا المتطورة لأنظمة الدفاع

في عام 1973 نستعين بتقرير السيد أمين هويدي في مؤلفه ” اللجنة العسكرية الأمريكية الإسرائيلية والبدائل المتاحة أمام الطرف العربي ” الذي أورد وصفا متكاملاً للجسر الجوي بين الولايات المتحدة واسرائيل ابان حرب تشرين 1973 حيث يقول ” تم في يوم 13/10/1973 إقلاع ثلاثين طائرة ” سي 130 ” في طريقها الى اسرائيل أثناء الحرب وبحلول يوم الثلاثاء 16/10/1973 كان ألف طن من المعدات العسكرية يصل يوميا الى اسرائيل وفي خلال الأسابيع التالية وصل عدد عمليات النقل الجوي إلى إسرائيل ” 550 ” عملية وهو يزيد في ضخامته على الجسر الجوي الذي أقيم في برلين عام 1948-1949
في عام 1975 تم التوقيع على مذكرة تفاهم سرية تعهدت فيها الولايات المتحدة بعدم الإعتراف بمنظمة التحرير

في عام 1979 تم التوقيع على مذكرة اتفاق جديدة تسمح بموجبها الولايات المتحدة لإسرائيل بالإستفادة من مجالات البحث والتطوير والإستفادة من المشاريع المشتركة والحصول على تمويل من الحكومة الأمريكية بالإضافة الى التوقيع على اتفاق تجاري اقتصادي تسمح بموجبه الولايات المتحدة لإسرائيل بتسويق انتاجها في الولايات المتحدة

في عام 1981 تم التوقيع على مذكرة تفاهم جديدة تسمح بموجبه الولايات المتحدة للشركات الإسرائيلية بالدخول في مناقصات السلاح ومنافسة الإنتاج الأمريكي

لقد زادت المساعدات المادية الأمريكية لإسرائيل من عام 1976 لغاية 1984

على 21 مليار دولار بالإضافة الى المساعدات العسكرية

وفي الثلاثين من تشرين الثاني عام 1981 تم التوقيع في واشنطن من قبل وزيري الدفاع الأمريكي والإسرائيلي على الصيغة النهائية للأتفاق الإستراتيجي الذي حمل اسم ” مذكرة تفاهم ” وفي الثاني من كانون الأول 1981 حظي هذا الإتفاق بموافقة الكنيست الإسرائيلي عليه وينص على الأمور التالية

1: تبادل المعلومات الإستخبارية

2: القيام بتدريبات مشتركة لسلاح البحرية الإسرائيلية والأسطول السادس مع إمكانية إجراء مناورات برية مشتركة داخل اسرائيل

3: تخزين وصيانة أسلحة أمريكية بما في ذلك دبابات في مستودعات طوارىء داخل اسرائيل بهدف تمكين القوات الأمريكية من التدخل السريع في حال تعرض المصالح الأمريكية في البلدان العربية النفطية للخطر

4: تقديم الخدمات للطائرات الأمريكية في المطارين اللذين تشيدهما الولايات المتحدة في صحراء النقب

5: إقامة مستشفى ميداني داخل إسرائيل لخدمة القوات الأمريكية في حالات الطوارىء

6: فتح الموانىء الإسرائيلية أمام الأسطول السادس الأمريكي وتقديم الخدمات لها

7: دعم الصناعة العسكرية الإسرائيلية بإعتبارها شريكا في الجهد الإستراتيجي. ومنح الصناعة الجوية الإسرائيلية حق إنتاج أجهزة لطائرات إف 16 وإصلاح طائرات ومعدات أمريكية في الورش الإسرائيلية
لقد جاء هذا الإتفاق نتيجة قيام لجنة خاصة عليا أمريكية إسرائيلية بوضع وثيقة سرية تحت عنوان ” أهمية إسرائيل الإستراتيجية ” جاء فيها أن إسرائيل هي القوة المشاركة للولايات المتحدة في مجالات ثلاثة هي الخليج العربي والبحر الأبيض المتوسط والجبهتان الجنوبية والوسطى لحلف شمال الأطلسي
وأخيرا فلقد أصدر الرئيس الأمريكي ترامب أوامره بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس وقام بالموافقة على إعتبار الجولان المحتلة أرضا خاضعة للسيادة الإسرائيلية .

ويمكننا الإستمرار الى ما لا نهاية في تعداد تواريخ لا بداية لها من تاريخ وقوف هذه الدول في دعم إسرائيل وعلى رأسها الولايات المتحدة

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.