فلسطين المحتلّة … محمد نفاع يكتب عن الحزب الشيوعي والتناسب بين الأممي والقومي

     نتيجة بحث الصور عن محمد نفاع
محمد نفاع ( فلسطين المحتلة ) الجمعة 27/9/2019 م …




إن هدف كل حزب شيوعي اقامة نظام اشتراكي في البلد الذي يعيش فيه، في وطنه، وكتاب “ما العمل” للينين يعالج هذا الموضوع: ما العمل لإقامة هذا النظام من النواحي الفكرية والتنظيمية والطبقية والاجتماعية.. هذا فحوى الكتاب.
اليوم يبدو اننا قلما نفكر كشيوعيين، لنا همومنا كأقلية مضطهدة خاصة، والمطروح اليوم ليس اقامة نظام اشتراكي، هو هدف، وهذا الهدف لا يجب ان يغيب عن بالنا رغم بعده، وقد تكون معادلة التناسب بين ما هو أممي وما هو قومي، ذات صعوبة خاصة في فهمنا لها والتعامل معها في الممارسة والنشاط اليومي، نحن ننشط كجبهويين، والجبهة ليست حزبا، وليس لها طابع فكري نظري كالحزب الشيوعي، وكان تأسيسها بمبادرة الحزب الشيوعي خطوة ذات اهمية قصوى، ولها برنامج سياسي شامل في قضية السلام العادل، والمساواة والدمقراطية، ومن هنا جاء اسمها.
الحزب الشيوعي خاض معركة البقاء في الوطن، عصبة التحرر الوطني طرحت اقامة دولة عربية فلسطينية مع اقلية يهودية، فاُجهِض هذا الطرح، وفتحت بريطانيا باب الهجرة اليهودية الى فلسطين اعتمادا على وعد بلفور المشؤوم والذي التقى مع الحكم الصهيوني والنشاط الصهيوني ان فلسطين وطن قومي لليهود. إذا رجحت الأممية على القومية، تكون النتيجة عدمية قومية، واذا رجح الجانب القومي واختل التناسب يؤدي ذلك الى التعصب، والنتيجة في الحالتين خطرة.
لا مناص من التذكير ان الحزب الشيوعي، وبعد النكبة التي صنعها الاستعمار والصهيونية والرجعية العربية، هو الوحيد كحزب، الذي قاد ونشط وأكّد: ان هذه الاقلية العربية هي جزء من الشعب العربي الفلسطيني، وصعّد هذا الانتماء في برنامجه وصحفه خاصة الاتحاد والجديد والغد، هذه الصحف كانت منبرا للشعراء والكتّاب والذين كانوا بمعظمهم اعضاء في الحزب الشيوعي او شيوعيين بدون بطاقة عضوية، ولذلك كان أدبنا وخطابنا خِلْوا من العنصرية، كرامة قومية نعم، أما عنصرية فلا، وجاء “الإميلان” إميل توما وإميل حبيبي وقدّما المساهمة الكبرى – في تاريخ القضية الفلسطينية للمؤرخ المفكر الشيوعي اميل توما – وطرح إميل حبيبي إقامة لجنة ثقافية واقامة اتحاد الكتّاب-، هل كان من السهل القيام بهذا النشاط بعد النكبة، وفي اسرائيل الصهيونية، وصمت وتآمر الرجعية العربية التي نظرت الى من بقي في وطنه من العرب كخونة للعروبة!!
كان الامر في منتهى الصعوبة خاصة في ظل المزايدات القومجية الفارغة والفاسدة والضارة. المزايدات آفة فظيعة عرفت وتعرف الصهيونية بطبيعتها العنصرية والثعلبية كيف تستغلها بالأمس واليوم.
قلت انني اتكلم كشيوعي ماركسي لينيني، نحن مواطنون في وطننا تحت الحكم الاسرائيلي، لكل واحد منا هوية، بطاقة هوية من قبل وزارة الداخلية الصهيونية الاسرائيلية، وجواز سفر، وانتخابات مجالس بلدية ومحلية تابعة لوزارات، وعيادات مرضى وتأمين… الخ. وهذا ليس على حساب هويتنا القومية وانتمائنا الى شعبنا العربي الفلسطيني.
“المساومة على امور ثانوية هي ضرورية وذات فائدة ومطلوبة، اما المساومة على قضايا جوهرية فهي خيانة”. هذه مقولة شيوعية فكرية وسياسية من الدرجة الاولى، هل ساوم الحزب الشيوعي على قضايا جوهرية!! مثل الموقف الواضح والمبدئي والشجاع والعريق والباقي من الاستعمار مثلا، او من الصهيونية، او من الرجعية العربية، او في قضية السلام العادل والشامل!! أبدا، لا بالامس ولا اليوم، ولا في الغد.
ان قانون: “وحدة وصراع الاضداد” هو جوهر القوانين الجدلية – الديالكتيك – الثلاثة: التراكمات الكمية للوصول الى الكيفية، وقانون نفي النفي، كما ان “المركزية الدمقراطية” هي جوهر التنظيم الحزبي، وكل خرق لهذا المبدأ مرفوض، ويؤدي الى التسيب، نحن نعيش في المجتمع الاسرائيلي بيهوده وعربه، هذا واقعنا ونحن جزء من هذا المجتمع، نحن موحدون مع هذا المجتمع، ومن داخله نصارع عدو هذا المجتمع، الصهيونية كفكر عنصري وممارسة واضطهاد وعنصرية وعدوان واستغلال…
هذه ترجمة قانون وحدة وصراع الأضداد، لا أصارعه كعربي فقط، بل كشيوعي، هذا هو الضمان للاستمرارية لأن هذا الضمان يعتمد على مبدأ، ويهدف الى هدف تغيير كل هذا النظام، وليس فقط تلبية مطالب مرحلية هامة وضرورية، هل نحن بحاجة مثلا لمن يعلّمنا ما هي طبيعة حزب أزرق أبيض او العمل، او كل الأحزاب الصهيونية!!
إن اكبر مكسب حققته الجماهير العربية هو هذه الضربة لرئيس الحكومة نتنياهو وحزبه وبقية اليمين الأكثر عنصرية وتطرفا، القضية هنا ليست قضية – كرامة – ، وليس الخيار بين هذا وذاك، بل بين الخطر والأخطر، “شو دابيك على المُرّ!! الأمرّ منه” هذا ما عرفه عمرو بن العاص الداهية قبل اكثر من اربعة عشر قرنا.
نتنياهو اسوأ وأخطر رئيس حكومة ليس في اسرائيل فقط، بل في العالم، في الضفة وغزة والقدس والأغوار، وايران، وسوريا ولبنان وتجاهنا نحن العرب ابناء هذا الوطن، في سنوات حكم هذا الرئيس سُنّت اكبر حزمة من القوانين الفاشية والعنصرية. في زمن حكمه هنالك أسْرلة نُظم عربية بكاملها، معك من قطَر ومن فيها، والسعودية والإمارات وعُمان وغيرها الكثير، وهناك من يتهمنا نحن في الحزب الشيوعي بالأسرلة.
لا توجد في العالم قاطبة حركة سياسية وفكرية وطبقية معادية للاستعمار والصهيونية والرجعية غير الحركة الشيوعية ومنها حزبنا الشيوعي الذي يحتفل هذا العام بمئة سنة على تأسيسه، هناك مفكرون ومؤرخون وأكاديميون وباحثون ومحللون سياسيون جل نشاطهم التحريض على هذا الحزب وتزييف التاريخ، والكذب، والتلوّن الثعلبي، وقد يكون هذا الموقف ممهورا بثمن من اموال دنسة، تأتي من الخليج ومن وراء البحار اسياد نظم الخليج.
حول التكتيك والاستراتيجية
نخطئ إذا نظرنا الى هذين الأمرين كمتناقضين، ان تراكمات التكتيك يجب ان تخدم الهدف النهائي، وهدفنا نحن كشيوعيين تغيير هذا النظام كليا، على الساحة هنالك العديد من الاحزاب وقوى سياسية لها برامج مطلبية عادلة وصحيحة، ولها برامج سياسية مرحلية عادلة وهامة، وهذا شأنها، الفرق بيننا اننا لا نكتفي فقط بالسلام العادل والشامل والمساواة والدمقراطية وما يسمونه المواطنة، نحترم كل ذلك ونعم من اجله، لكن السؤال ما بعد ذلك، هذا الكلام موجه لنا نحن اعضاء الحزب الشيوعي، الشيوعية هدفها اقامة نظم اشتراكية، ومن ثم تحطيم المؤسسة التي اسمها الدولة، طبعا هذا الامر “ليس على بوزنا الآن”، المقصود اتخاذ خطوات تكتيكية تخدم هذا الهدف ولا تتناقض معه، حيث يقف الاستعمار – الامبريالية – أعلى مراحل الرأسمالية وآخرها، وكل المجرورات من صهيونية ورجعية، يجب ان نقف ضدها، هذا هو اساس الموقف من سوريا والمقاومة اللبنانية وايران رغم الخلاف الفكري والطبقي والاجتماعي معها. وعلينا ألا ننسى خصوصا اليوم المقولة المشهورة للينين: الباشا المصري الذي يكافح ضد الاستعمار لوطنه، افضل من العامل البريطاني الذي يصنع السلاح للقضاء على الثورة الاشتراكية. والباشا المصري طبعا لا ينتمي الى الطبقة العاملة، القضية هي الموقف من الاستعمار، خاصة اذا كان هذا الاستعمار اليوم بقيادة ترامب وأتباعه نتنياهو والرجعية العربية.
إن إسقاط نتنياهو مساهمة متواضعة جدا، وضئيلة جدا في النضال ضد العنف والفاشية وقوانين القومية وهدم البيوت، نحن في القائمة المشتركة لا نستطيع ان نكون البديل البرلماني، حتى لو صوت 100% من العرب لهذه القائمة، نحن نستطيع ان نؤثر، ان نحد ولو بذرة واحدة من هذا الخطر بإسقاط نتنياهو.
حتى لو قامت “حكومة وحدة قومية”، من المستبعد ان تكون اكثر خطرا من حكومة برئاسة نتنياهو وبقية اليمين الاكثر تطرفا. ما كان علينا ان نفوّت هذه الفرصة لأي اعتبار ولأي تكتيك.
في الماضي توجهنا الى حزب مبام الصهيوني صاحب شعار – “من أجل الصهيونية والاشتراكية واخوة الشعوب” وتعال قطّب هذه الكلمات ودبجها مع بعضها، رفض المبام، لأننا ضد الصهيونية، فهل ساومنا على ذلك!! كلا، وهكذا كان الامر مع ميرتس، كنا جسما مانعا مع رابين، ومع شمعون بيرس، وعاد توفيق زياد من اليابان ليصوت لرئيس الدولة هرتسوغ رجل المخابرات ضد الأخطر. ولا ننسى ما قاله توفيق زياد لمرشح حزب المعراخ لرئاسة الحكومة: لا نقول أنك أفضل من مرشح الليكود، نقول هو اسوأ منك، فهل اخطأنا!! كلا هذا هو تكتيك الحزب الشيوعي خدمة للهدف النهائي حتى وإن بعُد هذا الهدف.
حتى لو رفضتنا قيادة حزب أزرق أبيض، ولم تتوجه إلينا، كان علينا المساهمة في إسقاط نتنياهو، نحن لسنا في ديوان عشائري، نحن قوى سياسية مسؤولة، ونرفض هذا التعبير الممجوج: لعبة سياسية، ننظر الى هذه القضية بمنتهى الجدية، وبمنتهى المسؤولية، هذا ما قلناه لجماهيرنا في معركة الانتخابات وأعطتنا الثقة.
ما قام به التجمع الوطني الدمقراطي خالف هذا الشعار وهذا المطلب الجدّي جدا، سمعنا ان القرار يجب ان يكون اولا بالتوافق، بالإجماع، وإلا فبالاكثرية، إذا كان هذا دقيقا فأين تبخّر هذا القرار!!
أكرر وأقول: ان هذا الكلام موجّه الينا نحن اعضاء الحزب الشيوعي، فبالاضافة الى كوننا مركّب الجبهة الاساسي وهذا شرف، وبالاضافة الى كوننا من مركبات القائمة المشتركة وهذا ما عملنا من اجله حتى اللحظات الاخيرة، أقول للرفاق، لأنفسنا، لنفكر كشيوعيين في مجال المساومة والتكتيك وقانوني وحدة وتصارع الاضداد والتراكمات الكمية، ومقولة الحركة وتطبيقها من حركة ميكانيكية الى الحركة الاجتماعية وما بينهما، هذا يخدمنا كحزب يعتمد تنظيميا على المركزية الدمقراطية، يخدمنا كجبهة، ويخدمنا كمركّب في القائمة المشتركة ويخدم القائمة المشتركة، ويلبي مطلب جماهيرنا ولو بالحد الادنى، انه امر في غاية الاهمية والجدية وليس لعبة سياسية.
وتعالوا نتنافس وبشكل ايجابي، وأخوّة، ومشاركة، في معاداة الصهيونية وبكل احزابها، وفي مجمل القضايا الوطنية والمواطنة والأسرلة، والعمل من اجل وحدة الصف الكفاحية، وضد العنف والجريمة.. والقائمة تطول. السياسة ليست لعبة، اكرر وأقول حتى لو لم يتوجه الينا الحزب الصهيوني أزرق أبيض، وحتى لو رفضنا، كان علينا المساهمة في إسقاط نتنياهو، هذا هو الموقف المسؤول، موقف الكرامة القومية والوطنية.
ما يجب ان يهمنا اكثر، ليست قيادة هذا الحزب او ذاك الاهم هو الجمهور، هو جزء ولو بسيط من هذه الملايين من الناس، هذا الاستثمار القليل والبطيء والتراكمي الذي يساهم ضد كل من يحاول نزع الشرعية عنا، موقفنا يجب ان يكون خاضعا والى حد جدي بالزمن الذي نعيشه، وبالظروف العينية، هذا أنسب وقت لإسقاط نتنياهو، في اسوأ ايام نحياها، ان في البلاد، وإن في المنطقة، منطقة الشرق الاوسط عبارة عن شلالات دم يُسفك، ولحكومة اسرائيل دور، ودور كبير لزيادة غزارة هذا الشلال تحت حكم نتنياهو، هنالك ارتياح في العالم لفشل هذا الرئيس التي توجه اليه مختلف التهم، فكيف لا نساهم مساهمتنا، وهذه ليست لعبة.
الاتحاد السوفييتي تحالف مع بريطانيا الاستعمارية، مع تشرتشل الذي قال: يجب القضاء على الدجاجة الشيوعية الحمراء قبل ان تفرخ، وتدخلت بريطانيا ضد الثورة، وتحالف مع الولايات المتحدة ضد النازية الالمانية والفاشية الايطالية، وهو يعرف طبيعة امريكا وبريطانيا، حزب البلاشفة كان في مجالس امثال الدوما – ومع من؟ مع خونة الثورة وأعدى أعداء الشيوعية.
أصابت الجبهة، والحركة العربية للتغيير والقائمة الموحدة في الموقف، هذا هو الموقف المسؤول، ود. منصور عباس. ود. أحمد الطيبي وأيمن عودة ليسوا شيوعيين، الموقف الصحيح ليس وقفا على الشيوعيين.
والخلاصة: قولوا ما معنى شعارنا الصحيح والأساسي في معركة الانتخابات بإسقاط نتنياهو؟ هل بدعوة الناخبين العرب لعدم التصويت لليكود!! كلا، بل الدعوة لزيادة نواب المشتركة لإسقاطه، وكيف يكون ذلك إذا لا نوصي بالبديل!! الناخبون اليهود ساهموا في ترجيح كفة أزرق أبيض على الليكود، حتى أصوات الجنود ولو بزيادة صوت واحد.
الليكود ورئيسه أدار معركته الانتخابية ضد الجماهير العربية وبكل عنصرية وتحريض وتخوين، ولنقل ان أزرق أبيض في دعايته الانتخابية لم يركز على هذا التحريض ضدنا، ومع ذلك فشل الليكود امام أزرق أبيض وبأصوات اليهود ومنهم الجنود.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.