مشروع الغزو الثقافي لأجيالنا العربية الناشئة … كيف نتصدى له وماذا عن مسؤوليتنا التاريخية !؟ / هشام الهبيشان
هشام الهبيشان ( الأردن ) الأحد 29/9/2019 م …
*الأسر العربية لم تقوم بدورها بشكل ايجابي باطار زرع وترسيخ مفهوم الثقافه العربيه كفكر تنويري بعقول ابنائها،وساهمت بطريقه عفويه بنشر الثقافه الغربيه “بجانبها السلبي “بعقول وسلوك ابنائها .
*نظام التعليم بالعالم العربي بمجمله هو نظام تلقين وليس نظام يرسخ فكرة الثقافة التنويريه بعقول الطلبه فلا حوار ولانقاش الهدف هو نقل المعلومة وحفظها دون ترسيخ المعلومة باطارها الايجابي بعقول الطلبه،مما ساهم للأسف ببحث الطلبة عن مفاهيم جديده لملئ حالة الفراغ الفكري والروحي التي يعيشون فيها،ووجدو بالثقافه الغربيه “بجانبها السلبي “ملاذ وملجئ لملئ حالة الفراغ الفكري والروحي عندهم .
*الإعلام العربي مازال يمارس دوره “السلبي ” بترسيخ مفهوم جديد يؤسس لتشكيل توجهات جديده عند المجتمعات العربيه ،ممايساعد على نشوء ثقافات فرعية بهذه المجتمعات ,تتعارض مع ثقافتنا العربية فكراً ومضموناً مستغلاً حالة الفراغ الفكري والروحي عند النشئ الجديد وقد بدأ بملئ هذا الفراغ عندهم بزراعة الافكار الظلاميه بعقولهم والشواهد كثيره على هذا .
قد تكون هذه الأسباب من اكثر الاسباب شيوعاً والتي ساهمت بشكل سلبي للأسف بترسيخ نشوء الثقافات الفرعيه وأسست لحالة الغزو الثقافي بادراك احياناً وبعفويه باحيان اخرى ،وهنا عندما نحدد ثلاث اطراف رئيسيه بهذه المعادله وهي الأسره –الدوله –ووسائل الاعلام ،فهؤلاء هم انفسهم سبب بالمشكله وبنفس الوقت هم من يملكون الحل لها ،اذاً علينا هنا ان نبحث عن حلول بالشراكه مع كل طرف من هذه الاطراف للوصول الى حالة التغيير الايجابي بمجتمعاتنا العربيه بما يرسخ لاحقاً لابراز الدورالتاريخي والحضاري للفكر التنويري لثقافتنا العربية .
ولنبدأ من هنا و من الأسره فهي الكيان الاصيل التي تخرج مجموع الاجيال الناشئه وهي الراعي الأول لهم وهي من عليها ترسيخ مفهوم الفكر التنويري والثقافه العربيه بعقول ابنائها والدور الذي يمكننا القيام به هنا هو دور بسيط ويستطيع أي شخص منا القيام به من موقعه فعلى الاغلب ان الجميع يعيش ضمن أسره وله دور و تأثير بهذه الاسره ،ومن خلال هذا التأثير يستطيع ان يزرع الفكر التنويري العربي بعقول الاجيال النأشئه الاخوه والاخوات الاهل ابناء العمومه ،وو…ألخ ،هؤلاء جميعاً هم هدف بمرحلة التغيير هذه ,فكلما نجح كل واحدآ فينا بترسيخ هذا المفهوم بعقول النشئ الجديد ، كلما ساهمنا اكثر بثقافة التغيير الايجابي لاعادة الروح والهويه الى ثقافتنا العربيه التي تمر بمخاض عسير بهذه المرحله .
الدور الثاني هو دور الدولة بنظامها الرسمي بالعمل على تعديل رؤيتها لنوعية التعليم وأسلوب التعليم ،والتخلص من رواسب ثقافة “التلقين ” إلى مفهوم جد يد يؤسس لمرحله من النقاش والحوار حول مجمل القضايا التي نعيشها بعالمنا العربي بين الطالب ومعلمه ,فمن خلال ثقافة الحوار نستطيع ان ننشر الفكر التنويري بعقول الطلبه ،مما يعود بالفائده على الطلبه ويساهم بترسيخ الافكار الايجابيه والوجدانيه بعقول الطلبه ، ودورنا هنا يجب أن يكون دور مكمل لدور الدوله بهذا المجال ،من خلال عقد الورش والندوات الحواريه والفكريه بالتعاون مع المدارس والجامعات لتعريف الشباب بثقافتهم وترسيخ مضمونها بعقولهم وتحسين الايجابي منها ،وطر د السيء فيها ,من خلال حوارانا معهم ونقاشنا الايجابي معهم بكل قضاياهم.
اما بالنسبه لدور وسائل الاعلام بكل وسائلها المرئيه والمسموعه والمقرؤه ، والعنصر الجديد فيها وهو عنصر وسائل التواصل الاجتماعي “الاعلام المجتمعي “، فهي مازالت للأسف بمجموعها دون الطموح بل أصبح بعضها للأسف شريكاً بمشروع أجهاض الثقافه العربيه بعقول وسلوكيات الاجيال الناشئه ، وابدالها بمشروع جديد يرسخ لمفهوم “الغزو الثقافي بكافة سلبياته “،وهنا لا اريد التعميم ولكن للأسف ان الفئه الاكبر من وسائل الاعلام هذه اصبحت شريكاً بتعميم وتأسيس نمط ثقافي جديد ،يتعارض مع ثقافتنا العربيه فكراً وابعاداً مستقبليه وخلافيات تاريخيه وتراث حضاري ,وهنا يكمن دورنا بتوضيح ونقل الصوره الحقيقيه لوسائل الاعلام هذه لمجتمعنا العربي وانتقادها بشكل علني وتوضيح حقيقتها للجميع ،ومحاولة اعادة توجيه بوصلة المجتمع لمكانها الصحيح ،وهو الاعلام الملتزم الحضاري الذي مازال يحتفظ بعبقه وينتمي فكراً واسلوباً وطرحاً لثقافتنا العربيه ويسعى لترسيخ فكرها التنويري بعقول المستمع او المشاهد او القارئ.
وهنا علينا من خلال وسائل الاتصال الاجتماعي ،فيس بوك ،تويتر ،وغيرها ،أن نؤسس لحاله جديده يكون اولى أهدافها النهوض بمشروعنا الثقافي العربي ،ومحاربة “الغزو الثقافي الغربي “السلبي ” لمجتمعاتنا العربيه وخصوصآ النشئ منه ،وكل واحداً من موقعه وهنا للانصاف هناك الكثير من المواقع والصفحات تهتم بهذا المجال وتضم النخبه من الشباب العربي وقد استطاعو بجهودهم الشخصيه صناعة التغيير ضمن نطاق عملهم الضيق ، وعلينا جميعاً ان نتبنى تجربة هؤلاء كركيزه اساسيه بمشروعنا هذا لاحداث التغيير الايجابي بمجتمعنا العربي .
ختاماً ، أدرك كما يدرك الجميع ان المرحله صعبه ، ولكن السكوت عنها وتجاهل المشكله وعدم البحث عن حلول لها لعلاج هذه المشكله سوف يزيدها تعقيداً بالمستقبل ، وحينها سوف تصبح المشكله اكثر تعقيداً وهذا ما لا نريده ، لهذا علينا جميعاً وكل شخص من موقعه السعي من الآن لاحتواء هذه الازمه الثقافيه التي نمر بها ، لمنعها من التمدد والانتشار مع انها للأسف أصبحت ظاهره ، ولكن الاستسلام امامها يعني لها زراعة المزيد من الافكار الظلاميه بعقول النشئ الجديد ، ولهذا علينا محاربة هذه الظاهره وهذا الغزو ، ونستطيع مكافحة هذا الوباء الثقافي والغزو القذر لنا ثقافياً ،بالنقد والعمل ، وليس الاكتفاء بالنقد دون عمل لحصد نتائج ايجابيه ،وأثق بأن هناك اناس كثر يسعون لاحداث هذا التغيير ,فلنعمل جميعاً ضمن هذا الاطار ,فكلنا مسؤولون وكلنا مستهدفون ومن يعمل منا يعمل لنفسه قبل ان يعمل للاخرين ، ورسالتي لجميع القراء اتمنى من الجميع المساهمة الجديه بهذا المشروع وكما تحدثت كل شخص من موقعه يستطيع دعم هذا المشروع التنويري الهادف إلى احياء مشروعنا الثقافي العربي .
*كاتب وناشط سياسي – الأردن .
التعليقات مغلقة.