من يعلق الجرس… قصص وحكايا / د. حسين عمر توقه

د. حسين عمر توقه* ( الأردن ) السبت 28/9/2019 م …




* باحث في الدراسات الإستراتيجية والأمن القومي …

المقدمة :

هناك قصص تعلق بالذاكرة وتبقى في أعمق الأعماق مهما كبرنا  رغم أننا سمعناها ونحن أطفال ولعل كتاب كليلة ودمنة هو من أكثر المراجع التي كان يتفنن في استخدامها الكتاب والإستعانة بالتورية لخوفهم من الحقائق . ربما لأن التورية كانت تستخدم غطاء  يحمي المستعين بها من طائلة القانون.

ولكن ما ذنب الفئة التي لا تخاف إلا من الله سبحانه وتعالى  والتي تجاهر بالحق  هذه الكوكبة من أصحاب الأقلام الشريفة ومن أصحاب الفكر من حاملي الأمانة هذه الفئة التي لم تتلطخ بعمالة  هذه الفئة التي تبحث عن الحقيقة ما ذنب هذه الفئة التي تصرخ بأن من حق الشعب أن يعرف ما يجري ويدور خلف الكواليس .

واليوم وقد أضحى لدينا العديد من شخصيات رموز الفساد  لكل القضايا فهناك أكثر من قضية وأكثر من موضوع بدءاً بالدوائر الوهمية في الإنتخابات النيابية وموضوع الكازينو وموضوع بيع 37% من شركة الفوسفات وبيع  شركة الإتصالات بثمن بخس وبيع شركة أمنية للمستثمر العربي بعد استصدار التصاريح والرخص المطلوبة ومن ثم التحقيق في الإتفاقية المجهولة والتي تم بموجبها منح الفرنسيين حق استثمار يورانيوم الأردن وبعدها التوقيع مع الروس على بناء مفاعلين نوويين والكذب مستمر . والهيئات المستقلة التي تكلف الدولة ربع مليار دينار من أجل تنفيع بعض الذوات   وماذا تم بشأن قضية الموارد والبوتاس والإسمنت والكهرياء والخطوط الجوية الملكية  وقضية مصانع الدخان منذ عام 2004 وميناء العقبة والتلاعب بأسعار منتجات النفط والباص السريع وصيانة الطريق الصحراوي وفساد بعض الجامعات وبيع الشهادات وإضراب 120 ألف معلم والإضرار بمليون ونصف طالب من فلذات الأكباد  وآلاف الطلبات للتنفيذ القضائي ومأساة الغارمات  وإغراق الأسواق بكافة أنواع المخدرات والأندية الليلية والتفنن في زيادة الضرائب ورفع الأسعار وزيادة الجمارك والغلو في غلاء العلاج  أطباء ومستشفيات ودواء ومضاعفة رسوم  تصاريح عمل العمالة الوافدة وفرض رسوم على خطوط الهواتف المحمولة  وتطويب الأراضي (الميرية) أراضي الخزينة  والقائمة تطول ولا تنتهي .

من يعلق الجرس ؟؟؟

كانت الفئران تخشى من هجوم القط المباغت وهو يسير بكل هدؤ على أقدامه المبطنة وأخذ عدد الفئران يتناقص يوما بعد يوم  مما أجبرهم على التداعي من أجل عقد إجتماع عام طارىء. وإبان الإجتماع وجدوا وبعد تدارس العديد من الآراء  أجمع الحضور على أن أفضل طريقة تقيهم شر القط أن يتم تعليق جرس على رقبة القط تنبؤهم بقدومه فما كان من أكبر الفئران سنا وخبرة إلا  أن طرح عليهم  سؤالا بسيطا  … أخواني أيها الفئران  أنا أوافق على فكرتكم وهي عين العقل والمنطق ولكني أود أن أسألكم من يستطيع منكم تعليق الجرس في رقبة القط ؟؟؟ . وهذا الحال ينطبق تماما على ما نمر فيه هذه الأيام  تتغير الوجوه وتتغير الأسماء وتتغير المراكز والمناصب وتتغير القضايا  ولكن رموز الفساد معروفون وكل الشعب الأردني يعرفهم … هذا الشعب المسكين … هذا الشعب الطيب المغلوب على أمره ، والسؤال المطروح هو من يملك الجرأة والشجاعة كي يعلق الجرس في رقبة “ليست رقاب الأقزام التي تأتي وتروح ” وإنما في رقاب المفسدين الكبار ؟؟؟؟

غضبة الجمال :

غضبت الجمال يوما  على صاحبها  فتوقفت أمام الصيوان الفصيح وطالبت صاحبها بالخروج  لمقابلتها. وما أن خرج  الرجل حتى  تقدم أكبر الجمال عمرأ وقال ” إنني أكبر بعير لديك وأكثرهم خدمة عندك  وقد طلبت مني الجمال  أن أتحدث بإسمهم  اليك . فالكل اليوم غاضب  منك وعليك . لقد خدمناك  في بداية عهدك  وخدمناك حين لم تمتلك شيئاً  وأخلصنا اليك في البرد والحر  وحملنا لك الأحمال  في البراري والقفار في المدن والقرى والبوادي ورمال الصحارى  ولم يصدر عنا أي تذمر ولم تنبس شفاهنا بشكوى فرافقناك رحلة العمر  وأكلنا المر والحلو ولا نذكر أننا في يوم من الأيام  طلبنا منك أي مطلب أو سألناك سؤال . وإننا للمرة الأولى في حياتنا نغضب والجمال كما تعلم غضبها شديد .

واستغرب صاحب الجمال ما يسمع وقاطع  البعير قائلا … ما سر  غضبكم  فإنني أطعمتكم خير الزاد وأسقيتكم  أعذب المياه  وبنيت لكم  ما يقيكم وهج الشمس وقيظها  وبرد الشتاء وزمهريره

فأجابه البعير والله يا سيدي إنك صادق فيما تقول  فإن بطوننا ممتلئة وراحتنا متوفرة  وعيشنا يسير . ولكن يعز علينا أن تربط عشرين جملا بذيل حمار مدعوم من دولة أجنبية .

من يقرأ الورق:

مسكين أنت أيها الإنسان العربي ومسكين أنت أيها المفكر العربي بل ومسكين أكثر أنت أيها القارىء العربي . لأن مصيبة الكتابة في هذه الأيام هي مصيبة القيم التي يتمسك بها الإنسان في عالم لا يعترف بالقيم . فإذا تطلب استمرار الحياة أن يساوم الإنسان على كرامته  عندها فلا جدوى من الكتابة لأن الكتابة رسالة أحرفها من الشرف والصدق والإعتزاز والكرامة وهذه المشاعر  والمبادىء  لا تشترى ولا تباع  ولا تأتي من الخارج وإنما تنبع من أعماق النفس والضمير…. واسمحوا لي أن أقص على قارئنا الكريم قصة الضبع وقصة الثعلب.

” قيل إن ضبعا  جائعا التقى بثعلب يتهاوى متغطرساً مرحا هاشا باشاً. فسأله الضبع  أيها الثعلب  كيف تشبع أنت وترتاح وأنا أتضور جوعا وأتعذب عطشاً  بل كيف تشبع وأنت ضعيف  بينما أجوع أنا باحثا عن لقمة الطعام وأنا قوي وفكي يفتفت كل العظام ؟؟؟ والله إن لم تخبرني بسرك فإنني  سوف ألتهمك  . فنظر الثعلب  الى الضبع وقال  إن معي ورقة سحرية كلما شعرت بالجوع  حملتها معي  وذهبت الى القرية المجاورة  وما أن أصل الى بيت المختار  وأعطيه الورقة  حتى يأمر الناس  بإحضار المناسف  أو المسخن فآكل ما أستطيع معززاً مكرماً وأمضي في سبيلي.

فسأله الضبع وأين هي هذه الورقة السحرية فقال له الثعلب إنها معي .. ها هي خذها  واذهب بها الى القرية . وأخذ الضبع الورقة  وقبل أن يتجه صوب القرية  قال له الثعلب  أيها الضبع القوي عند وصولك الى القرية تظاهر بالشجاعة  ولا تخف ولا تفزع  إذا حاول بعض السكان  الهجوم عليك أو ضربك . بل إن كل الذي عليك عمله هو أن تمسك بالورقة  في يدك وتعطيها للمختار شخصياً …  وما أن وصل الضبع الى القرية حتى هجم عليه أهلها وأوسعوه  ضربا حتى كاد أن يغمى عليه  من شدة الضرب  فهرب وبقي في مغارته  عدة أيام وهو يتألم ويتأوه  وفي اليوم الرابع قرر الخروج والبحث عن الثعلب . وما أن وجده عند الغروب حتى هجم عليه  وقال له كيف تخدعني أيها الثعلب اللعين  والله لأنتقمن منك …. فنظر الثعلب الى الضبع  المنهك والمتعب وقال له” إنني لم أخدعك ولم أغشك  ولكن بالله عليك ما ذنبي إذا كان الناس في القرية لا يقرأون الورق ؟؟؟”

السفر برلك :

في زمن الأتراك  مرت حقبة زمنية أطلق عليها أبناء لبنان ” السفر برلك ” حيث غادر لبنان الكثير من أبنائه  هرباً من التجنيد الإجباري  والسخرة التي كان يفرضها عليهم الجيش العثماني . وفي كثير من الأحيان  كان بعض أفراد الجيش  عند مرورهم بالقرى اللبنانية يصادرون ديوك الحبش والدجاج …

وقد تعلم أصحاب القرى على مر الزمن وعرفوا موعد وصول القوات الى قراهم وقام أصحاب المزارع  ببناء ” خم ” سري لدجاجهم . وفي إحدى المرات وصل الخبر  أن الأتراك في طريقهم الى إحدى القرى فسارع أحد المزارعين الى مزرعته  وسارع بفتح باب ” الخم ” السري . وما أن التفت خلفه حتى رأى ” واوي ” يقف بالقرب منه  فاقترب الواوي من المزارع وقال له ” أنا دخيلك  أرجوك اسمح لي أن أختبىء  مع الدجاج في الخم “.

فنظر اليه المزارع  وقال ولكن الجنود لا يريدونك يا ” واوي ”  وإنما هم يريدون الدجاج . فنظر الواوي الى المزارع  بحزن وقال له ” أرجوك .. أرجوك ساعدني لأن العسكر الأتراك حتى يكتشفوا أني ” واوي ” بيكونوا هروا وبري …. ولعنوا أفطاسي ”  .

حزيرة رمضان :

حسني يسجن مرسي … ومرسي يسجن حسني … ومرسي يعين السيسي … والسيسي يسجن مرسي … والسيسي  يُفرج عن حسني .

إيران مع بشار الأسد … وبشار ضد الأخوان … إيران مع حماس … حماس مع الأخوان … والأخوان ضد إيران … دول الخليج ضد إيران  وضد الأخوان … دول الخليج مع السيسي … والسيسي مع بشار … دول الخليج ضد  بشار . … دول الخليج مع تركيا … تركيا ضد بشار وضد السيسي … تركيا مع الأخوان … دول الخليج مع أمريكا … أمريكا ضد الأخوان … والأخوان مع حماس  … حماس ضد أمريكا  … أمريكا ضد روسيا  … روسيا مع السيسي  … والسيسي مع بشار  … أمريكا ضد بشار  … وأمريكا مع السعودية  … والسعودية ضد قطر … وقطر مع أمريكا .. وإيران ضد أمريكا  … والعراق مع إيران  … وإيران مع قطر …

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.