بكلّ الحرية / ثريا عاصي

 

 

ثريّا عاصي ( الخميس ) 15/1/2015 م …

 

من سوء الحظ أنه في كل مرة ينتهي العمل الإرهابي بموت الإرهابيين. فلا نعرف حكايتهم ! آخر هذه الأعمال تمثل في الهجوم الذي تعرضت له في السابع من كانون الثاني 2015، مكاتب الصحيفة الفرنسية الهجـّائية، «شارلي إيبدو».

ليس صحيحا أن الرسوم التي تعبر عن استهزاء بنبي أو بدين، تحط من منزلة هذا النبي أو تبدل جوهر ذلك الدين. الإيمان مسألة معقدة وتدرج روحي فردي. لا يكون الدين كمثل الحزب السياسي. أما كونيته فانها تنفض عنه، من حيث المبدإ، التعصّب لقوم أو لجماعة، على أساس عرقي وقومي وديني. لم يعد الدين في هذا الزمان مشتركا بين جماعة، بل هو سر من أسرار وجدان الإنسان متوحدا.

مجمل القول ان النبي والدين ليسا بحاجة، لـ «شمشون» أو لـ «هرقل» حتى يدفع عنهما أذى «الأحزاب والمشركين». بناء عليه، ان ما جرى في باريس، في مكاتب الصحيفة الفرنسية هو في لبّه عمل أرهابي إجرامي. بل أكاد أن أصفه بالفاجعة المسرحية، استنادا إلى ما تناهى إلى العلم من تعليقات وملاحظات حول الرواية الرسمية للحدث وحول المشاهد المصورة لبعض فصول العملية التي لم تخل من التناقضات ومن البقع السوداء. إنتهت الفاجعة بموت الإرهابيين، كان ذلك متوقعا كالعادة، كان الجميع يعرف أنه سيتم العثور على الإرهابيين وأنهم سوف يقتلون. لم يكن ذلك صعبا هذه المرة فلقد ترك الأخيرون خلفهم بطاقة هويتهم !.

يحسن التذكير هنا بأن الإرهابيين فرنسيان، من أصل جزائري، ولدا في فرنسا وترعرعا في ربوعها. أي انهما لم يدخلا البلاد بطريقة غير شرعية. وأن المخابرات الفرنسية والأميركية، كانت تعلم عن العلاقة التي تربطهما بـ «الجماعات الإسلامية»، المتفرعة عن تلك التي أنشاها الأميركيون في أفغانستان، وساهمت الدول النفطية في ذلك، لمحاربة السوفيات.

الغريب في هذا الأمر، أن هذا الثلاثي، الدول الأوروبية، الدول النفطية، و«الجماعات الإسلامية»، اجتمعوا من جديد منذ أربع سنوات أو أكثر تحت زعامة الولايات المتحدة الأميركية، على تدمير بلاد عربية بحجة ارساء الديمقراطية !

اللافت للنظر، هو ان الرواية الرسمية الفرنسية تفيد بأن «الإرهاب الإسلامي» أعلن الحرب «ضدنا»، ضد فرنسا، هذا من ناحية، أما من ناحية ثانية، فإن هذه الحرب بحسب الرواية نفسها هي ضد «حضارتنا» أي الحضارة الغربية التي عـُمدت «حضارة يهودية ـ مسيحية».

السؤال هنا، لماذا يمثل عمل إرهابي يرتكبه ثلاثة أو أربعة أفراد، فرنسيو الجنسية، حربا على فرنسا؟ السؤال الثاني، الذي ينهض في السياق نفسه أيضا، هو لماذا تعتبر الجريمة ضد صحافيين يعتمدون السخرية والإثارة نهجا حربا على دولة كبرى كمثل فرنسا وعلى حضارة كمثل الحضارة الغربية؟

تحسن الملاحظة هنا، أن هؤلاء الصحافيين لا يقدمون رأيا سياسيا أو اجتماعيا أو فكريا وإنما يصدرون أحكاما على الأحداث والأشخاص، فيظهرونهم دون برهان أو دليل، على صورة أو شكل يلائم ميولها. أي أنهم إذا كرهوا ذموا. لماذا ينظر إلى جريمة ارتكبها أشخاص يمكن إغواؤهم وخداعهم وتضليلهم كما لو أنها حرب؟! أسئلة لا مفر منها.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.