أمّة عربية واحدة ذات رسالة خالدة ، فما هي هذه الرسالة ؟ / د. عبد الحيّ زلّوم




نتيجة بحث الصور عن عبد الحي زلوم

د. عبد الحيّ زلّوم* ( الأردن ) الأربعاء 3/10/2019 م …

لمدة تقارب 14 قرنا عاشت ‏شعوب المنطقة الناطقة بالعربية من المحيط الى الخليج ‏من عرب وأكراد وبربر وغيرها من قوميات تحت مرجعية ‏حضارية وسياسية واحدة. ‏تقلبت العصور ما بين اشعاع حضاري وثقافي وبين عصور انحطاط. جاء غزاة ‏كثيرون من الغرب كالفرنجة الصليبيين. وجاء الغزاة المغول من الشرق فاحتلوا دولة الخلافة وقتلوا الخليفة ودمروا بغداد وحرقوا مكتباتها وكتبها وظنوا أن الامر قد استقر لهم شأنهم شأن الفرنجة الصليبيين . ظن الظانون أن امر هذه الامة قد انتهى فأرسل التتار الى حاكم مصر ليُسَلِّمَ لِيَسْلَمْ . لكن حضارة هذه الأمة العربية الاسلامية ما لبثت أن نهضت من جديد . رجلٌ مسلم من بلاد القوقاز اسمه قُطُز ‏أصبحت حضارته عربية إسلامية جاء من مصر بجيوشه الى فلسطين والتي كانت عبر التاريخ وما زالت وستكون خط الدفاع الاول عن مصر ‏بالرغم من جهل الجاهلين او تآمر المتآمرين. التقى جيشه مع جيش التتار في عين جالوت فغلبهم وشتت جيوشهم. لكن هذه الحضارة العربية الاسلامية الجامعة التي لا تفرق بين مواطنيها العرب أو العجم ولا اسود على ابيض ‏والتي تعترف بأهل الكتاب حتى ولو لم يعترفوا بها قد تفوقت على أعدائها فاعتنقوها، بل وحملوا رايتها وجاهدوا في سبيلها. جاء كردي من شمال بلاد ما بين النهرين ووحد بلاد الشام ومصر وهزم الافرنجة الصليبيين . كان مسيحيو المشرق يحاربون جنباً الى جنب مع جيوش صلاح الدين. إنها حضارة تجدد نفسها وتلفظ وتهزم الغزاة ولو بعد حين أو مئات من السنيين كما في حال الافرنجة الصليبيين.‏

كانت هذه الحضارة عولمةً قبل عولمة الامريكان الصهيوبروتستنتية الرأسمالية التي تقول (من ليس معي فهو ضدي). انها حضارة تقول لكم دينكم ولي دين ولا اكراه في الدين.

 أيام الانتداب والاستعمار و الغزو الفكري والضياع الحضاري قام بعض المصلحين وبعض المغرضين بإطروحاتهم وكان منها ما يتوق اليه كل عربي وهي الوحدة بين مشرق الوطن العربي ومغربه. فجاؤوا بشعار امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة. لم يفصحوا ابداً ما هي هذه الرسالة الخالدة حتى حين سؤالهم عنها . اسمحولي اذن أن أقول إنها امة عربية واحدة ذات حضارة عربية اسلامية جامعة للقوميات والمذاهب والاديان. إنها حضارة تؤمن بل وتلزم بإحترام دين الآخر . وأنا أدعي أن بابا الفاتيكان دعى ويدعو الى رسالة خالدة جوهرها ما تدعو اليه الحضارة العربية الإسلامية . اذا كان العدل اساس الملك والسعي اليه هو اسلام سياسي فما قاله ‏البابا فرانسيس في خطابه بتاريخ 9/7/2015 في سانتا كروز ، بوليفيا حيث أعلن الحرب على عولمة النظام الرأسمالي المتوحش وعن الدولة التي ترعاها وهي الولايات المتحدة كان اسلاماً سياسياً وافضل اسلام من اسلام كل وعاظ السلاطيين المنافقين حيث قال:” أن هذا النظام لم يعد يعمل وعلينا تغييره”. وأضاف ان الرأسمالية المتوحشة قد احتكرت الاعلام فأسماه بالاستعمار الأيديولوجي لفرض انماطها الفكرية والاستهلاكية. واضاف:”إن النظام الحالي أصبح لا يطاق. نحن بحاجة إلى تغيير النظام على مستوى العالم حيث أن الترابط بين الشعوب في عصر العولمة بحاجة إلى حلول عالمية.”!

الحضارة العربية الاسلامية هي نفس الحضارة التي انتجت البطريرك حنا عطا الله وهي نفس الحضارة التي انتجت حسن نصر الله وهي نفس الحضارة التي انتجت الاب مانويل مسلم وهي نفس الحضارة التي انتجت الشيخ عز الدين القسام ابن محافظة اللاذقية (مدينة جبله) ليحارب في جنوب بلاد الشام (فلسطين). في مقابلة للمطران عطالله حنا- قناة الميادين 26/04/2019 قال:” لا توجد هنالك قوة في هذا العالم لا ترامب ولا حلفاء ترامب قادرون على الغاء وجودنا . نحن موجودون على الارض وسنبقى كذلك ونحن متمسكون بحقوقنا ، متمسكون بثوابتنا ، متمسكون بالقدس ، متمسكون بحق العودة”

 إني أرى النقاط التي ذكرها البابا فرانيسس في خطابه المذكور أعلاه لمواصفات النظام العالمي الجديد المطلوب هي نفس المواصفات المطلوبة من الحضارة الاسلامية حيث لخص البابا تلك المواصفات ب:” أول هذه الخطوط العريضة (‏للنظام البديل المطلوب) يكمن في تغيير الاقتصاد الرأسمالي الحالي ليصبح المال في الاقتصاد الجديد في خدمة الشعب لا أن يكون الشعب في خدمة المال . وثاني هذه الخطوط أن يصبح مجتمعاً قائماً على العدل تتم المحافظة فيه على كرامة الانسان ويتم تأمين الجميع بحق التعليم والرعاية الصحية ..  وأما الخط الثالث فهو حق الشعوب في السيادة على أوطانها.” نحن بحاجة الى قادة مؤمنة بالله وبأن قوتها وشرعيتها تأتي من شعوبها .

*  مستشار ومؤلف وباحث

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.