جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية حكاية مجد وبطولة / عباس الجمعة
عباس الجمعة ( الأربعاء ) 16/9/2015 م …
نقف امام محطة مهمة في التاريخ النضالي التحرري ، ذكرى انطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية التي انطلقت في السادس عشر من ايلول بصيحة بعد صمود اسطوي للثورة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية وافواج المقاومة الوطنية امل لمدة ثلاثة اشهر بمواجهة الغزو الصهيوني للبنان صيف عام 1982 ، وخروج قوات الثورة الفلسطينية ، كان النداء الاول من قبل القادة جورج حاوي ومحسن ابراهيم وانعام رعد لاطلاق شرارة جبهة المقاومة ردا على غزو بيروت العربية ، ولاستعادة روح القضية ، لتشكل مجزرة العصر صبرا وشاتيلا الرد السريع من قبل جبهة المقاومة الوطنية ، فكان 20 أيلول 1982، حكاية مقاومة، حكاية مجد و بطولة، وحكاية شعبٍ يأبى الاحتلال وعملائه الخونة والذل والإهانة، وإذا كان هذا التاريخ محطةً لانطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، فإن الحكاية تبدأ قبل هذا التاريخ حيث عمد التلاحم والدم اللبناني والفلسطيني بالكثير من المعارك من ثورة 36 مرورا بنكبة 1948 وصولا الى انطلاقة الثورة الفلسطينية وتواجدها في لبنان وتعزيز العلاقة مع الحركة الوطنية اللبنانية ، فهذه العلاقة تبدأ من فلسطين، فلسطين التي تخلّى عنها بعض العرب، وباعها من خلال علاقاته التجارية والسياحية والتطبيعية ، ولكن الشعوب ظلت بإيمانها وإرادتها ابقاء فلسطين حتى لا تنطفئ جذوتها، فعشت ارضها واكدت التزامها بالقضية، ونحن على يقين بأن افكار القادة العمالقة الذين استشهدوا تركوا بصماتهم التي تفتخر بها الاجيال رغم ما تعيشه اليوم المنطقة من هجمة امبريالية وصهيونية واستعمارية ورجعية وارهابية تكفيرية ، الا انهم لم يغيروا بوصلة الشعوب باتجاه فلسطين .
هذه المقاومة، التي سطّرت ملاحم البطولة والعزّة والكرامة، والانتصار تلو الآخر، ما كان لوهجها أن يكتمل، ولا لعملياتها أن يكتب لها النجاح، إلا بفعل عوامل عديدة أوّلها إرادة المقاومين الصلبة وبطولتهم المؤيدة بصحة الفكر والمبادئ ، والدعم الكامل الذي تلقّته من خلال الاحتضان الشعبي الذي أعطى الكثير من الزخم والدفع لتواصل عمليات المقاومة الوطنية والاسلامية البطولية التي تتالت وتراكمت نتائجها حتى تحقّق الانتصار الكبير في 25 أيار 2000، وتحرّر القسم الأكبر الأراضي اللبنانية المحتلة في الجنوب والبقاع الغربي، حيث كان صدى عمليات جبهة المقاومة يتردد في كل أنحاء لبنان والمشرق، رغم ضعف الإعلام الرديف لها، بل إن أخبار انتصاراتها وصلت إلى شعوب المنطقة وأحرار العالم ، باعتبار انتصاراتها شكلت الرد السريع لهزيمة لم تكن سهلة، في حرب اعتقد الكيان الصهيوني أنها ستكون نزهة فجر اذلال الهزيمة على ايدي ابطال المقاومة وقادتها ، الذين صاغوا الانتصارات من نصر الى نصر وجمعتهم نعمة الشهادة والاستشهاد بمواجهة العدو ، فكانت شراكة الدم في ميزة استشهاد القادة رمز جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية القائد جورج حاوي الى سيد المقاومة عباس الموسوي الى سنديانتها القائد محمد سعد الى نورها سناء محيدلي الى عمادها قائد الانتصارين عماد مغنية الى مناضليها الذين رووا تراب لبنان مع ابطال الجيش اللبناني وباستشهادهم كتبوا مسيرة التحرير ، لتشكل هذه الظاهرة النوعية في تاريخ الشعوب العربية تجسيدا حيا للمعاني الكفاحية في النضال من اجل تحرير الارض من الاحتلال الاسرائيلي، وواجبا وطنيا وثوريا التزمه المناضلون الذين شقوا طريق الكفاح وبنوا صرحا من البطولات ، ورسموا فيه اسلوبا جديدا في النضال وما زالت العيون شاخصة باتجاه تحرير فلسطين والاراضي العربية المحتلة.
وامام هذه المناسبة الوطنية العظيمة نقول لا بد من تفعيل نضال قوى المقاومة عبر تحشيد الجماهير وإعادة تحديد الهدف بمواجهة الهجمة الامبريالية الصهيونية الاستعمارية الرجعية ، وادواتها القوى الإرهابية والظلامية التي ترتكب افظع الجرائم اضافة الى التدمير والتشريد والتهجير والتعدي الممنهج على الحضارات والاماكن الاثرية التاريخية ، اذا لا بد من مخاض ثوري عربي يستكمل مشروع المقاومة في مواجهة ما يحاك ضد المنطقة والقضية الفلسطينية .
إن جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية سجلت صفحات من المجد، والتضحيات، وابقت قضية فلسطين القضية المركزية للأمة العربية ، حيث استخلصت الدروس من اجل تعميمها على الأجيال الجديدة حتى لا تفقد البوصلة وتذهب بالاتجاهات المعادية لحركة التاريخ وحركة الشعوب المتطلعة إلى العدالة والحرية والديمقراطية.
وفي ظل هذه الظروف نقول لقد مضى على الشعب الفلسطيني والامة العربية عشرات السنوات منذ وعد بلفور حتى يومنا هذا، فكان النضال والتضحيات بمواجهة الغزوة الصهيونية الإمبريالية ، حيث عانى خلالها الشعبين الفلسطيني واللبناني من المجازر والقهر، والطرد، والتشريد ، كما عانت وتعاني الشعوب العربية اليوم من خلال هذه الغزوة الاستعمارية التي تسعى الى تعزيز مواقعها ونفوذها في المنطقة عبر أداة صنعتها وطورت قدراتها العسكرية والاقتصادية وحمتها في المحافل الدولية، وشرعت وجودها بكيان عنصري استيطاني إجلائي فاشي (إنه الكيان الصهيوني) الذي لولا دعم الإمبريالية العالمية وفي مقدمتها الولايات المتحدة لما استمر هذا الكيان شوكة وبؤرة إجرام وفساد وعنصرية في المنطقة العربية.
ومن هنا نرى في ذكرى انطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ضرورة استخلاص الدروس والعبر من اجل تعزيز وتطوير المقاومة بكافة اشكالها على الارض الفلسطينية ، هذه المقاومة التي أجازتها كل الشرائع والقوانين والأعراف للشعوب من أجل تحرير الأرض المحتلة من رجس الإحتلال، من اجل خلق موازين القوى على الارض، اخذين بعين الاعتبار تجارب الشعوب التي تحررت، وحركات التحرر التي أنجزت أهداف شعبها في الحرية والاستقلال، لأن تلك الشعوب وحركاتها الثورية، فاوضت وهي تقاتل فاوضت عندما وصلت إلى حد فرض شروطها على العدو بالقوة، فاوضت عندما امتلكت قواتها زمام المبادرة وجعلت العدو يدفع خسائر كبيرة، فاوضت على كيفية رحيل الاحتلال .
ان الشعب الفلسطيني لهو قادر بنضاله ومقاومته للاحتلال ان يكتب الانتصار من اجل تحقيق حقوقه في الحرية والانسانية والديمقراطية و العودة والاستقلال، وهو يتطلع الى جميع فصائله وقواه من اجل تعزيز الوحدة الوطنية وانهاء الانقسام الكارثي وحماية منظمة التحرير الفلسطينية والحفاظ على المشروع الوطني الفلسطيني والتمسك بالثوابت والحقوق المشروعه ، والالتفاف حول خيار المقاومة بكافة اشكالها ، ودعم معركة الأسرى التي هي امتداد لنضال الشعب الفلسطيني المشروع للحصول على حقوقه الوطنية التاريخية، وإقامة دولته المستقلة فوق ترابه الوطني، وعاصمتها القدس ، واستمرار نضاله من أجل تنفيذ القرار الأممي “194” والذي ينص على حق عودة اللاجئين الى مدنهم وقراهم التي طردوا منها بالقوة عام 48، بفعل جرائم العصابات الصهيونية.
ألف تحية لجبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، والف تحية للشعب الفلسطيني ومقاومته وللأسرى في سجون العدو الصهيوني.
التحية كل التحية لكل حركات التحرر في العالم.
التعليقات مغلقة.