حكومة جديدة في مصر.. ولا جديد؟! / محمود عبد الرحيم

 

محمود عبد الرحيم ( مصر ) الأربعاء 16/9/2015 م …

ذهب رئيس الحكومة إبراهيم محلب، وجاء شريف إسماعيل بدون مقدمات، من ذات المخزون الاستراتيجي للنظام ورجاله في كل موقع، مثلهما مثل سابقيهم..فهل من جديد؟!

وهل يغير هذا من شئ في منظومة الحكم وتوجهاته وسياساته وآليات إدارته للأزمات؟ وهل يصب هذا في مصلحة الجماهير، أم أنه مجرد حركة في ذات المكان، بلا أثر ولا مردود، ولعبة كراسي موسيقية، لن تعود على المواطن بأي مكسب ولو صغير، وإن كانت ربما تفيد النظام دعائيا، بعد كثرة شكاوى المواطنين من سوء الخدمات وارتفاع الاسعار والتضخم، وقوانين جائرة، وفضائح فساد وتزوير، وأزمة تستحكم تلو أزمة.

ولعل الهدف الرئيسي وبالنظر إلى تكتيكات الحكم في مصر، استغلال مثل هذه الحركة البهلوانية في التخلص من رجاله الذين انتهت مدة صلاحيتهم، وبعد أن قاموا بدور مرسوم لهم في فترة زمنية محددة، وكل هذا لجهة تجديد دماءه، ليستمر أطول فترة ممكنة في الإمساك بصولجان الهيمنة والتحكم.

ولو كان الأمر غير ذلك، لعرفنا على أية قاعدة يتم اختيار رئيس الحكومة ووزرائه، وعلى أي أساس تتم الإقالة، ولجرى محاسبة مجلس الوزراء كاملا سياسيا وقانونيا، عما ينسب إليه من تقصير وفساد وانتهاكات في حق المواطنين.

لكن، لو هذا تم سيطال الأمر من أتى بهم، لأنه شريك في المسئولية إن لم يتحمل الجزء الأكبر منها، فهو الذي اختارهم وتركهم أشهرا أو سنوات، دون حسيب أو رقيب، بل هم مجرد أدوات تنفيذ ارادته ورغباته، وعلى العكس، يتم تجاهل تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات وغيره، ولا يتم فتح أي ملف فساد إلا لهدف آخر غير محاربة الفساد، إما لإتخاذ مسئول ما ككبش فداء لحماية فاسدين أكبر أو المنظومة كلها، والتغطية على جرائم كبرى، أو لدواعي دعائية لتجميل وجه النظام القبيح، مثلما كان الحال خلال حقبتي السادات ومبارك، في حين أن السمكة تفسد من رأسها.

ونعود ونؤكد أن بقاء الحكومة أو تشكيل حكومة جديدة لا قيمة له في مصر ، ولا يستأهل التغيير الوزاري أي اهتمام، لسبب بسيط أنها كانت ولا تزال سكرتارية للرئيس، وأعضاؤها مجرد موظفين كبار لا حول لهم ولا قوة، مجرد واجهة فقط ذات امتيازات مالية ووجاهة اجتماعية، وكثير منهم له ملفات فساد أو اُشتهر بالسمع والطاعة، وتملق النظام والعلاقة القديمة مع أجهزة الأمن أو من لوبي المصالح الصهيوأمريكية.

فمن يصنع القرار فعليا، هو الرئيس ومجموعته الصغيرة وأجهزة الأمن المختلفة، بما في ذلك الاستخبارات وكبار الجنرالات، علاوة على دور رجال الأعمال في توجيه السياسات العامة والقوانين، وأيضا شبكات المصالح الخارجية ورجالهم في مصر، سواء كانت أمريكية أو أوروبية أو صهيونية و خليجية.

وكل مراقب للأوضاع في مصر ولديه حس سياسي ، يعرف أن للحكومة وظيفة أخرى هنا، ليست بالطبع، رعاية مصالح الجماهير والسهر عليها وتسهيل حياتهم وحل مشاكلهم، وإنما هي تحويل الانتباه عن المسئول الأول عن صنع القرار “الرئيس” والعمل كمصدات للانتقادات واتهامات الفشل والتقصير.

ومن أجل استمرار خداع الجماهير وحرف بوصلتهم عن المنوط به تحمل المسئولية عن مشاكلهم، يتم من وقت لآخر تغيير حكومي، والتخلص من الأوراق المحروقة، لإعطاء أمل كاذب للناس بأن ثمة تغييرا يحدث، وأن القادم أفضل، وتلعب وسائل الدعاية وليست الإعلام دورها في تلميع القادم الجديد، وكيل التهم للقديم الذي كانت تهلل له بالامس، ثم صارت تصب عليه اللعنات بتعليمات عليا.

وحتى بعد التعديلات الدستورية، تبقي الرئاسة فوق الجميع، فأعضاء البرلمان من كل الاتجاهات والأحزاب يتملقون الرئيس، ومعظم مرشحي البرلمان يسوقون أنفسهم كخدم للجنرال /الرئيس، وقد جرى عقد الانتخابات الرئاسية أولا، واللعب في خارطة الطريق، وتعديلها بشكل متعسف لهذا الغرض، لكي يكون الجنرال /الرئيس هو المسيطر، ويوجه انتخابات البرلمان، ويأتي برئيس حكومة أو يساير هواه البرلمان.

فليس منتظرا في المدى المنظور أن يكون رئيس الحكومة بعيدا عن سلطة الرئيس وشريكا له في الحكم، ويخضع لاختيار البرلمان ورقابته، حتى لو كانت نصوص الدستور تشير لذلك، فالواقع العمل أثبت أن أي مبدأ دستوري يخالف أو يعوق صناعة الفرعون، والعودة بالبلاد إلى أيام الديكتاتور الفاسد مبارك، يتم دهسه بالأحذية، وعدم وضعه بعين الاعتبار، لحين إجراء تعديلات دستورية تتخلص من هذه المواد التى لا تعكس الواقع السلطوي الاستبدادي، وهو ما لم يعد سرا، ويتم الافصاح عنه علانية من قبل رجال الجنرال في الإعلام والحياة العامة

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.