سيرة مناضل شيوعي فلسطيني … القائد الوطني الكبير بشير البرغوثي (أبو العبد)

 

لواء ركن/ عرابي كلوب ( الأربعاء ) 16/9/2015 م …

 بشير عبدالكريم البرغوثي القائد الوطني والتقدمي والشيوعي الكبير والشخصية السياسية البارزة، الأمين العام للحزب الشيوعي الفلسطيني سابقا وحزب الشعب الفلسطيني لاحقاً، والكاتب والصحفي وأحد أبرز قادة عملية اعادة تأسيس الحزب الشيوعي الفلسطيني أمضى جل حياته في خدمة القضية والشعب والوطن وكان مدرسة ونموذجا يحتذى به لجيل كامل من الشعب الفلسطيني.

ولد/ بشير عبد الكريم البرغوثي في قرية دير غسانة بمحافظة رام الله عام 1931م حيث تفتحت عيناه على الحياة وفي مدارسها تلقى تعليمه الإبتدائي والإعدادي ومن ثم انتقل إلى مدرسة البيرة الثانوية حيث حصل على الثانوية من مدرسة الفرندز برام الله عام 1949م، بعد ذلك التحق بالجامعة الأمريكية في القاهرة حيث حصل على الدرجة الجامعية في العلوم السياسية والاقتصاد عام 1956م أي عام العدوان الثلاثي على مصر وقطاع غزة.

برز أسم بشير عبد الكريم البرغوثي خلال دراسته الجامعية من خلال إطار رابطة الطلبة الفلسطينيين التي كان يرئسها الشهيد الراحل/ ياسر عرفات، وفي خضم تلك البدايات التي شهدت تبلور معالم الكيانة الفلسطينية ترسخت في وقت مبكر علاقات التعاون والصداقة بين الرئيس الشهيد/ أبو عمار والراحل الكبير/ بشير البرغوثي، هذه العلاقة التي استمرت رغم التباينات في بعض المراحل حتى وقت رحيله.

بعد تخرجه من الجامعة الأمريكية عاد بشير البرغوثي إلى الأردن حيث أستأنف نشاطه السياسي من خلال صفوف الحزب الشيوعي الأردني والذي لعب دوراً بارزاً في النضال ضد حلف بغداد وضد مخططات التوطين.

رئس بشير البرغوثي صحيفة الحزب العلنية الأولى (الجماهير) وخلال حملات مطاردة الشيوعين اعتقل الرفيق بشير البرغوثي عام 1957م والآلاف من كوادر الحزب والحركة الوطنية الأردنية وأودع ورفاقه سجن الجفر الصحراوي حيث مكث فيه مدة ثماني سنوات، خرج بعدها ليعاود استئناف نشاطه السياسي.

خلال فترة حرب حزيران عام 1967م كان الرفيق/ بشير البرغوثي مقيماً في الأردن وعليه فقد عاد إلى ارض الوطن عام 1974م ليوصل دوره القيادي في مسيرته النضالية والحزبية ضد الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية مستئنفاً نشاطه السياسي من جديد في صفوف الحزب ملتزماً بسياسته الوطنية التقدمية ذات الأسس الإجتماعية والطبقية الواضحة المدافعة عن مصالح الجماهير الكادحة وحقها في العيش الكريم، حيث تعرض للاعتقال اكثر من مرة وفرضت عليه سلطات الاحتلال الاسرائيلي الإقامة الجبرية لمدة ثلاث سنوات متواصلة، كذلك منعته من مغادرة البلاد حتى عام 1988م.

في تلك الفترة من تاريخ حياته قام الرفيق/ بشير البرغوثي بمهام عديدة حيث كان رئيس لتحرير جريدة (الفجر) المقدسية/ ولصحيفة الحزب الشيوعي (الطليعة) في الفترة الواقعة ما بين 1978 – 1994، وكان يثري الجريدة بمقالة السياسي الأسبوعي.

لعب الرفيق/ بشير البرغوثي دوراً قيادياً بارزاً في قيادة التنظيم الشيوعي حيث ساهم مساهمة فعالة في نجاح القوائم الوطنية في انتخابات المجالس البلدية عام 1976م، وكان مشهوداً له بدوره المناوئ لمخططات الحكم الذاتي والقيادة البديلة ل(م.ت.ف) وكذلك ساهم في تشكيل الجبهة الوطنية داخل الأرض المحتلة وكان عضواً بارزاً في لجنة التوجيه الوطني.

خلال تلك الفترة استقل الشيوعيون الفلسطينيون عن الحزب الشيوعي الأردني من خلال إطار الحزب الشيوعي الفلسطيني حيث تم انتخاب الرفيق/ بشير البرغوثي (أبو العبد) أميناً عاماً للحزب، وقام بدور كبير من موقعه كأمين عام لحزب الشعب الفلسطيني في توجيه وقيادة الانتفاضة الفلسطينية المجيدة داخل الأرض المحتلة التي اندلعت عام 1987م، وأسهم الرفيق/ بشير البرغوثي بفكره في بلورة البرنامج السياسي الجديد ل( م.ت.ف) والقائم على تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ حزيران عام 1967م، وذلك بعد انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي منها وضمان حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وفق القرار رقم (194)، هذا وقد جرى تجسيد هذا الموقف في برنامج الحزب الشيوعي الفلسطيني في العام 1982م وبعد ذلك في برنامج حزب الشعب الفلسطيني، وقد تبنت (م.ت.ف) هذا البرنامج في دورة المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر عام 1988م.

بعد اتفاق أوسلو وعودة قيادة منظمة التحرير الفلسطينية إلى أرض الوطن وانشاء السلطة الوطنية الفلسطينية عين الرفيق/ بشير البرغوثي وزيراً للصناعة ومن ثم وزير دولة حتى وفاته عام 2000م.

لقد لعب الرفيق/ بشير البرغوثي (أبو العبد) دوراً طليعياً بارزاً في تاريخ الحزب والحركة الوطنية الفلسطينية وفي النضال المثابر من أجل وحدتها، حيث كان مثالاً للمناضل العنيد المبدئي والمثقف الحزبي الواعي الذي ساهم ببعد رؤيته ونظرته الثاقبة وبما كان يحظى به من احترام وتقدير شديد في صفوف الحركة الوطنية الفلسطينية ومن خلال انحيازه الشديد للفكر الاستراتيجي والدفاع عن قضايا الفئات الكادحة والمحرومة بتغزيز الواقعية السياسية والكفاحية المبدئية التي طالما ميزت موقف حزب الشعب الفلسطيني.

لقد كان الراحل الكبير/ بشير البرغوثي خلال مسيرته النضالية والكفاحية الحافلة مدرسة لآلاف المناضلين ونموذجاً لجيل كامل من قيادي الحزب الذين خسروا بفقدانه وكذلك الشعب الفلسطيني قائداً وطنياً طليعياً فذاً مبدعاً.

في التاسع من ايلول 2000م رحل المناضل الكبير/ بشير البرغوثي (أبو العبد) عن عمر ناهز التاسعة والستون بعد رحلة حافلة بالعطاء حيث أمضى جل حياته في خدمة القضية والشعب والوطن، وتوقف قلبه الحاني عن الخفقان بعد صراع طويل مع المرض الذي أقعده لثلاث سنوات.

نفتقدك يا ابا العبد اليوم وشعبنا وقضيتنا تمر في ظروف خطيرة، كم نحتاج فيها لحكمتك ونفاذ بصيرتك.

اليوم ونحن نفتقد القائد الوطني الكبير/ بشير البرغوثي ورفاقه واخوته المناضلين من ذلك الجيل العملاق الذي كرسوا جل حياتهم لخدمة الهدف الوطني النبيل، هؤلاء جيل العظماء الذي اعطوا لوطنهم ولشعبهم خلال مسيرة حياتهم أكثر مما أخذوا، نفتقدهم ونؤكد أننا من تاريخهم المشرف وعطائهم الصادق نستلهم الطريق طريق الكفاح الوطني من أجل استعادة حقوق شعبنا الفلسطيني في الحرية والاستقلال والعودة، طريق الديمقراطية والمساواة طريق العزة والكرامة والعدالة الاجتماعية.

رحمك الله يا ابا العبد وأسكنك فسيح جنانه.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.