صبرا وشاتيلا هوية عصرنا حتى الأبد.. هل ينسى التاريخ تلك المذبحة ؟! / هشام الهبيشان
هشام الهبيشان ( الأردن ) الخميس 17/9/2015 م …
عندما تمر أيام السنة، يومآ بيوم، نبدأ بالبحث فيها عن مايصادف فيها من أحداث مأساوية كتبت بسجلات وقواميس وتواريخ ذاكرة الألم العربي، وفي ذاكرة مايصادف به هذه الأيام من أحداث ونكبات والأم عربية لايمكن للذاكرة التاريخية أن تمحوها، وهناسنقرأ، عن ما تصادفه هذه الايام وبألم ، عن “محرقة صبرا وشاتيلا”، ففي ذكرى السادس عشر من أيلول 1982، حصلت هذه المذبحة، والتي ستبقى ذكراها واحداثها الدموية وهذه الفاجعة والنكبة الكبرى محفورة عميقآ في ضمائر وعقول وسجلات ألالم لأبناء الشعوب العربية واخص منهم الشعب الفلسطيني واللبناني، فهذه المذبحة بكل تجلياتها أثبتت في تلك المرحلة تناقض مشاريع اللبنانيين فمنهم من أختار مشروع النضال التحرري من الصهاينة كرمز للنضال في سبيل الحرية التي تعيد للبنانيين حريتهم وسيادتهم الوطنية، ومنهم من ذهب بعيد آ بعمالته لهذا المشروع الصهيوني بلبنان الشقيق .
في هذه الذكرى نستذكر جميعآ كعرب ذكرى شهداء الحرية ، من الاخوة الفلسطينيين وبعض الاخوة اللبنانيين ، ونستذكر معها حقد بعض الاحزاب والقوى اللبنانية التي كانت ومازالت تمارس عمالتها لهذه المشروع الصهيوني بلبنان وخارجه ، وفي أطار عمالة بعض القوى اللبنانية للمشروع الصهيوني بلبنان نقرأ، بالتفاصيل عن هذه المذبحة فهذه المذبحة وقعت في مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين “جنوب بيروت” وحي صبرا اللبناني الفقير، بعد يومين من اغتيال الرئيس اللبناني بشير الجميل ، وبدت كأنها انتقام لمقتل الجميل الذي كان زعيمآ للمليشيات اليمينية ، ووقعت في 16 أيلول 1982 واستمرت لمدة ثلاثة أيام على يد المجموعات الانعزالية اللبنانية المتمثلة ، “بحزب الكتائب اللبناني ” و”جيش لبنان الجنوبي” والجيش الصهيوني “.
وفي التفاصيل نقرأ، أنه في ذلك الوقت كان المخيم مطوق بالكامل من قبل جيش لبنان الجنوبي والجيش الصهيوني، الذي كان تحت قيادة ” ارئيل شارون- ورفائيل ايتان “أما قيادة الميلشيات اللبنانية فكانت تحت إمرة المدعو إيلي حبيقة المسؤول الكتائبي المتنفذ في لبنان حينها ، وهنا نقرأ بألم كيف قامت القوات الانعزالية بالدخول إلى المخيم وبدأت بدم بارد تنفيذ المذبحة التي هزت العالم ودونما رحمة وبعيدآ عن الإعلام وكانت قد استخدمت الأسلحة بكافة اشكالها في عمليات التصفية لسكان المخيم العزل وكانت مهمة الجيش الصهيوني محصورة بقصف بعض المناطق و بالأمداد بالسلاح و بمحاصرة المخيم وإنارته ليلآ بالقنابل المضيئة .
وفي تفاصيل المذبحة نقرأ بألم أيضآ، كيف دخلت ثلاث فرق من مجموعات وقوى لبنانية كانت متحالفه مع جيش الاحتلال الصهيوني بلبنان ، وكيف انها دخلت إلى المخيم وكان كل منها يتكون من خمسين مسلح إلى المخيم بحجة وجود 1500 مسلح فلسطيني داخل المخيم وقامت بعض المجموعات اللبنانية ” المتحالفة مع الاحتلال الصهيوني “بالإطباق على سكان المخيم وأخذوا يقتلون المدنيين قتلا بلا هوادة، أطفال في سن الثالثة والرابعة وجدوا غرقى في دمائهم، حوامل بقرت بطونهن ونساء تم إغتصابهن قبل قتلهن، رجال وشيوخ ذبحوا وقتلوا، وكل من حاول الهرب كان القتل مصيره، فكانت محرقه عمرها 48 ساعة من القتل المستمر وسماء المخيم مغطاة بنيران القنابل المضيئة التي تتطلقها قوات الاحتلال الصهيوني بسماء المخيم ليلآ .
وفي محيط المخيم أحكمت الآليات الصهيونية إغلاق كل مداخل الخروج والدخول إلى المخيم فلم يسمح للصحفيين ولا للوكالات الأخبارية بالدخول إلا بعد انتهاء المحرقة،و حينها استفاق العالم على مذبحة من أبشع المذابح في تاريخ البشرية، عدد القتلى في المذبحة لايعرف للأن ولكن اغلب التقديرات تحدثت عن تجاوزه 3000 شهيد من الرجال والأطفال والنساء والشيوخ المدنيين العزل من السلاح .
ففي أيام الخميس والجمعة والسبت “16 و 17 و 18” من شهر ايلوم عام 1982، استيقظ العالم كما أستيقظ من بقي حيآ من لاجئوا مخيمي صابرا وشاتيلا على واحدة من أكثر الفصول الدموية في تاريخ الشعب الفلسطيني الصامد، وفي التاريخ الأنساني الحديث ، بل من أبشع ما كتب تاريخ العالم بأسره في حق حركات المقاومة والتحرير ، ففي تلك المحرقه تحالفت قوى التأمر والعمالة اللبنانية مع الصهاينة، وهنا نقرأ بألم كيف أن الجيش الصهيوني هو من “أنضم” إلى حزب الكتائب اللبناني بهذه المحرقة وليس العكس، ليسطروا بالدم صفحة من صفحات الظلم والبطش في محرقه من كبرى المحارق التي تهدف لتصفية الفلسطينيين وإرغام أهل فلسطين الاجئين بلبنان على الهجرة من جديد ،ولتستمر تفاصيل الهجرات المتلاحقة للشعب العربي الفلسطيني .
ختامآ، لقد كانت هذه المذبحة ، وصمة عار بجبين الانسانية ككل، ووصمة عار وخزي لبعض القوى اللبنانية العميله للصهاينة ومشروعهم السرطاني بالمنطقة ، وستبقى لعنة ضحايا محرقة صبرا وشاتيلا تلاحق كل من شارك بها .
* وهنا أقتبس بحضرة هذه الذكرى المؤلمة بكل تجلياتها ، بعضآ من مفاصل قصيدة “مديح الظل العالي – ، صبرا – فتاة نائمة” للراحل محمود درويش:
“صبرا – بقايا الكف في جسد قتيل
ودعت فرسانها و زمانها
واستسلمت للنوم من تعب، ومن عرب، رموها خلفهم
صبرا – وما ينسى الجنود الراحلون من الجليل
صبرا-تقاطع شارعين على جسد
صبرا-نزول الروح في حجر
صبرا-لا أحد
صبرا-هوية عصرنا حتى الأبد “
التعليقات مغلقة.