ثلج موسكو يبرد الرؤوس الساخنة والدب القطبي يعوم في المياه الدافئة / كاظم نوري
كاظم نوري ( العراق ) الجمعة 25/10/2019 م …
افشلت روسيا كل المساعي والمحاولات الامريكية والغربية الرامية لعزلها وابعادها عن منطقة الشرق الاوسط ودول القارة الافريقية خاصة عن الدول التي لاتعرف سوى واشنطن ولندن وباريس في علاقاتها مع تلك العواصم التي تمتد الى عقود من السنين.
وتحولت انظار تلك العواصم الان الى موسكو مثلما تحولت انظار الدول الافريقية اليها ايضا في مساعدتها وحل مشاكلها المستعصية التي هي من صنع الغرب الاستعماري بعد ان ادركت تلك الدول ان الولايات المتحدة ودول الغرب الاستعماري تقف وراء المشاكل والمصائب الموجودة في تلك الدول وتغذيها من اجل البقاء هناك لسرقة ونهب موارد وثروات القارة السوداء وافقار شعوبها.
زيارات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاخيرة التي تمت للسعودية والامارات نتج عنها توقيع اتفاقيات بمبالغ كبيرة كسرت الطوق الاقتصادي والسياسي و حتى العسكري الذي تحاول فرضه و احكامه دول الغرب الاستعماري والولايات المتحدة حول روسيا لجعل الدب القطبي لايعرف العوم سوى فوق ثلوج سيبيريا بعيدا عن المياه الدافئة واذا به يعوم بحرية في مياه البحار والمحيطات بحرية بعيدا عن اصقاع سيبيريا.
مثلما كسرت روسيا الطوق الذي تحاول واشنطن فرضه عليها في القارة الاوربية وباتت معظم دول الاتحاد الاوربي لن تستمع الى نصائح واشنطن ومزاعمها من ان روسيا تشكل خطرا على اوربا باستثناء بعض من تلك الدول التي كانت منضوية تحت لواء الاتحاد السوفيتي قبيل انهياره والتي تضمر كرها تاريخيا بغيضا لموسكو مثل بولونيا ودول البلطيق الثلاث وفي المقدمة استونيا .
موسكو اطفات ديونا على عدد من الدول الافريقية تقدر بعشرات المليارات من الدولارات لتصبح القارات الثلاث اسيا واوربا وافريقيا و حتى امريكا اللاتينية ساحات للدب القطبي بعد القمة الافريقية في مدينة سوتشي وزيارات بوتين للمنطقة العربية خاصة الدول التي تحتكر واشنطن العلاقات معها وتواصل حلبها لاكثر من ثمانية عقود من السنين وموقف روسيا الداعم لفنزويلا .
كسر الطوق هذا يعود الفضل فيه الى السياسة الحكيمة للقيادة الروسية بزعامة الرئيس فلاديمير بوتين بحكم خبرته ومعرفته الطويلة بالاعيب واكاذيب الغرب وحيله التي تكشفت لشعوب العالم وافتضح امرها ويعود الفضل في ذلك ايضا الى المواقف الروسية الجديدة في التعامل مع هذه الدول سواء في التصدي لمشاريع قراراتها المجحفة في اروقة الامم المتحدة من خلال استخدام حق النقض ” الفيتو”او في الساحات الاخرى بحضور عسكري فاعل خاصة في المناطق التي تشهد صراعات دامية وبالذات منطقتنا العربية ” سورية تحديدا” الى جانب العراق وليبيا وغيرها من الدول العربية التي كانت يد الغرب وراء تحريك الصراعات فيها سواء تلك الصراعات قومية او دينية او عرقية او اثنية .
تركيا التي تعد دولة مهمة في حلف شمال الاطلسي العدواني ” ناتو” والتي كانت ولاتزال تقف الى جانب انظمة وحكومات فاسدة في الحرب الارهابية ضد سورية ضمن المخطط الامريكي الغربي في المنطقة رغم عنجهيتها ورؤوس حكامها الساخنة روضها الدب القطبي واستطاع ان يبرد تلك الرؤوس خاصة راس اردوغان ووقاحته بعد فشل واشنطن الحليف في الناتو وجعلها تنصاع الى الكثير من المواقف التي افشلت المخطط الامريكي مما اضطر الولايات المتحدة الى سحب معظم قواتها المرابطة في اكثر من قاعدة عسكرية على الارض السورية والانصياع للامر الواقع الجديد الذي انبثق مؤخرا حين تصدرت روسيا المشهد في سورية بمواجهة فصل المؤامرةالجديد الذي حاولت تنفيذه انقرة من خلال غزوها لشمال وشرق سورية عسكريا تحت ذريعة وكذبة محاربة الارهاب في تلك المناطق.
روسيا وبالرغم من انتهاج سياسة قد يعتقد البعض انها تتسم بالبرود لكنها سياسة حازمة حين يتعلق الامر بالامن الوطني القومي للبلاد والكل يتذكر كيف تعاملت موسكو مع الاوضاع التي استجدت جراء محاولات تدخل الغرب في جزيرة القرم او تحريك الجارة اوكرانيا مثلما هو الحال في الدرس الذي تلقاه اصحاب الرؤوس الساخنة في انقرة وعلى راسهم اردوغان عندما غامرت انقرة في محاولة لجس النبض باسقاط طائرة السوخوي في الاجواء السورية.
سورية ورغم الماساة التي حلت بها جراء تكالب الدول الاستعمارية من اجل شرذمتها وتقسيمها من خلال ارسال الالاف من الارهابيين كانت المحطة التي وقف عند تخومها اعداء روسيا صاغرين عندما تدخلت موسكو بقوة من اجل حماية امنها من خلال وجودها العسكري في سورية لان موسكو شعرت ان ضياع سورية مثلما ضاع العراق وليبيا يعني تكرار نفس السيناريو الارهابي في اراضي دول اسلامية مجاورة لروسيا وبالتالي نقل التجربة الارهابية هذه الى اراضي تلك الدول فكان الموقف الروسي واضحا وصارما.
لقد افشلت الدبلوماسية الروسية المدغمة بالقوة المسلحة مخطط الولايات المتحدة والغرب الاستعماري في سورية واخذ الدب القطبي يعوم بحرية في المياه الدافئة بعيدا عن اصقاع وثلوج سيبيريا التي سعى الغرب من اجل محاصرته هناك.
مثلما استطاع بوتين بحكمته ودرايته ان يروض تلك الشخصيات المتغطرسة في تركيا منتهجا سياسة حصيفة تسندها قوة عسكرية حاول الغرب ان يستهين بها خاصة استخدام الصواريخ المجنحة من طراز ” كليبر” واسلحة اخرى ضد الارهابيين في سورية انطلاقا من بوارج وغواصات حربية روسية ترابط مئات الكيلومترات عن الشاطئ السوري و التي حاول الغرب ان يقلل من شانها عندما زعم ان بعضا منها سقط في الاراضي الايرانية وان البعض الاخر لم يحقق اصابات مباشرة.
ان كل تلك السياسات الروسية والحقائق جعلت انقرة نفسها الحليف لواشنطن والعضو في ناتو العدواني تهرول وراء موسكو للحصول على اسلحة روسية في مقدمتها ” منظومة صواريخ اس 400 وغيرها من الطائرات المقاتلة مما اثار حفيظة الغرب وواشنطن بالذات التي افشلت روسيا مخططها بالمنطقة واضطرتها الى سحب جزء كبير من قواتها في سورية تحت اعذار واكاذيب واسباب واهية يحاول الرئيس الامريكي ترامب تبريرها لاقناع الاخرين .
التعليقات مغلقة.