فلا نامت اعين السياسيين / علي السنيد

النائب الاسبق علي السنيد* ( الأردن ) السبت 26/10/2019 م … 
*نائب سابق في البرلمان الأردني …



وقت الاردن لا ينتظر، واللحظات الفارقة في مسيرته تستدعي استنفارا في الوعي العام، وكي لا نفوت الفرصة، ونترك مصيره معلقا على المجهول، وتداعيات الاقليم الخطرة.

والاردن يسكن في الضمائر، ويعيش في هواجسنا، ولا يجوز ان نخلي مسؤوليتنا عنه، ونلوذ بالصمت امام المخاطر الجمة التي تحيق بمستقبله وخاصة ممن شغلوا المواقع المتقدمة في نظامه السياسي فلا نامت اعين السياسيين.

ولذا انا اجد ان خروجنا من دائرة الخطر والاضطرابات التي باتت تتوسع في الاقليم اليوم تقتضي اتخاذ قرارات عاجلة وحقيقية وتتعامل مع دقة الظرف والمرحلة وتبدأ فورا من اعلان رفع رواتب كافة موظفي القطاع العام بدفتيه المدني والعسكري، وكذلك المتقاعدين العسكريين والمدنيين وعلى قاعدة ان معيشة الاردنيين هي الاولوية الاولى في الدولة، وتكون الزيادة بنسبة منطقية وقابلة للتعامل مع حالة الغلاء التي يكتوي بها الاردنيون، وذلك كبادرة حسن نية ولاخذ مهلة من قبل الشعب المتحفز تكفي لاعادة النظر في الوضع الداخلي. ويلي ذلك مباشرة اتخاذ قرار بتصويب احوال السوق الاردني ويتعلق باخلاء الاردن من كل العمالة الوافدة، وتأهيل الاردنيين للاحلال بمكانها في مهلة لا تتجاوز السنة الواحدة.

وعلى ان يسبق هذه الاجراءات الذهاب الى مرحلة مصالحة وطنية قوامها الافراج عن كافة معتقلي الرأي، وتبريد الساحة من عوامل الشد والجذب والتأزيم.

ولايصال رسالة تطمين حول المستقبل فانا ارى ان تباشر الاجهزة الامنية والجهات المختصة باجراء مسح لثروات وممتلكات كافة من شغلوا مواقع سياسية متقدمة في الدولة، ومن فوق منصب مدير عام من الاحياء، ووضع تصور لامكانية اجراء تسويات مالية مع من يثبت تورم ثروته وممتلكاته بلا وجه حق، وبذلك يصار لاسترداد حقوق الخزينة، وهي اجراءات مباشرة ضد الفساد، وللخلاص من هذه الافة التي شوهت صورة الدولة الاردنية، ومست بسمعة كل السياسيين، وافقدت الاردنيين الثقة بمؤسساتهم الوطنية.

وتوجه محاربة الفساد ان صدقت النوايا سيكون اكبر اعمال الدولة تثمينا لدى المواطن الاردني، وستكون هذه الاجراءات مستندة على دعم شعبي كبير.

وعلى هذه الحكومة – المفلسة شعبيا للاسف- ان تتقدم بالدورة العادية التي هي على الابواب الى مجلس النواب بقانون انتخاب يحظى بتوافق شعبي، واجراء انتخابات نزيهة وموثوقة على اساسه وتكون قادرة على تبديد حالة الاحتقان الشعبي، ولتكوين برلمان سياسي في الاردن، وعلى ان يتم تكليف الاغلبية البرلمانية مباشرة بتشكيل الحكومة البرلمانية القادمة، وكي ننشئ عملية سياسية متجددة تستند على نتائج كل انتخابات، وبذلك يتغير المناخ السياسي العام في الدولة، وتتحرك الاحزاب وقوى المجتمع المدني الى الواجهة، وتصبح فاعلة، وتدفع ببرامجها للتنافس على الصوت الانتخابي. وبذلك نحدث نقلة سياسية حقيقية وتتحدد جهة المسؤولية على الشعب نفسه، وميوله الانتخابية التي تفرز اعضاء السلطة الام، وهي التي ينبني عليها شكل الحكومة التي تتولى المسؤوليات العامة، وبذلك تدار عملية سياسية وفق قاعدة الاغلبية والاقلية البرلمانية، وتكون ممثلة للشعب. وتساهم في فرز قيادات مجتمعية اكثر موثوقية الى دوائر الحكم والمعارضة.

الحكومة البرلمانية القادمة منوط بها اتخاذ سياسات اقتصادية وضريبية تصحيحية قادرة على مواجهة عجز الموازنة، وتقليص المديونية، ووقف التهرب الضريبي، وجذب الاستثمار، وتحفيز الاقتصاد، وتوليد فرص العمل ومكافحة الفقر والبطالة، واكتشاف الهوية الاقتصادية للمحافظات، وربط الخريجين بسوق العمل، وتحويل الاردن الى مركز اقليمي للتعليم المهني، ووقف الهدر المالي، واحكام الرقابة على المشاريع الرأسمالية، وتحديد الاولويات المناطقية، ومحاربة الترهل والواسطة والمحسوبية والفساد في مؤسسات الدولة، وتحقيق الحلم الوطني في الاصلاح الاداري وتطوير مستوى الخدمات العامة، واستغلال موارد الدولة وثرواتها الطبيعية، وايجاد موارد مالية لرفد الخزينة، وكذلك اعادة النظر بتحالفات الاردن، واحياء علاقات الاردن الخارجية التي تضررت بسبب انصاف المواقف التي اتخذناها، وافقدتنا كل الاطراف.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.