منظمة الأمم وجامعة الرمم – « قمم لا ولــن ولــم » / م. سامر عبد الكريم منصور
م. سامر عبد الكريم منصور ( الجمعة ) 18/9/2015 م …
مائة وسبعون موضوعاً على طاولة الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي انطلقت دورتها السبعون اليوم الثلاثاء 15 أيلول 2015. في مقدمة القضايا التي سيتم بحثها،
الحفاظ على السلام والأمن الدوليين، والتصدي للإرهاب، وحماية البيئة، والتنمية المستدامة. الأزمات في سوريا واليمن والعراق وليبيا ستكون في الصفوف الأمامية، أمام علم “الأزمة” الفلسطينية الذي سيرفع للمرة الأولى، بعد سبعين عاما, كشاهد على مأساة أممية.
مع نهاية الحرب العالمية الأولى، ولدت «عصبة الأمم» في العام 1919 للحفاظ على السلام والأمن الدولي، ومنع العالم من الإنزلاق إلى صراعات مدمرة. لم تنجح العصبة في تحقيق هدفها، فبعد عقدين فقط، اشتعل العالم مجددا في حرب عالمية ثانية استمرت حتى العام 1945، الذي شهد ولادة «منظمة الأمم المتحدة» على أنقاض «عصبة الأمم»، لتحفظ السلم والأمن الدولي، وتنمي العلاقات الودية بين الأمم، وتحقق التعاون الدولي في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية. من الواضح أن العالم خلال سبعين عاما من عمر المنظمة، كان أبعد ما يكون عن السلم والأمن والعلاقات الودية والتعاون بين أممه “المتحدة”، عرفت خلالها حربا باردة قسمت الأمم إلى معسكرين متصارعين، قبل أن تغرق في زمن القطب الواحد والهيمنة الأمريكية، وهي الآن تفتش عن معادلات جديدة تتناسب مع أقطاب صاعدة بقوة وثقة وهدوء!
في دورتها السبعين، سيقف على منبرها، الكثير من قادة “العالم الحرّ”. سنسمع عويلا على الشعوب المنكوبة، وبكائيات على الحرية والديمقراطية المفقودة، وقلق من الإرهاب المتنامي، ونواح على اللاجئين. أوباما المنتشي بإيقاف إيران على العتبة النووية، سيعلن مرة أخرى أنه لا مكان للأسد في مستقبل سوريا، وسيقلق ويحذر من تزايد الدعم الروسي للنظام السوري، وبأنه سيتابع دعمه للمعارضة المعتدلة، وأن الحرب على داعش مستمرة، وضرورة مساعدة اللاجئين، وأخيراً سيؤكد وقوفه مع الحل السياسي للأزمة السورية. ميركل الواقفة على الحدود الألمانية، لتستقبل اللاجئين بإنسانية وتعاطف، ستحضر دموعها على المسرح الأممي، وربما لن تستطيع إكمال كلمتها حين تتذكر إيلان، الذي فجّر كل مواهبها الإنسانية. أما كاميرون الذي لم يكتف بتعيين وزير للاجئين، فقرر الوقوف ميدانيا في مخيمات اللاجئين لسماع معاناتهم ومشاركتهم مأساتهم. أردوغان سينبح كثيرا، قبل أن يصمت وهو يفكر بانتخابات خريف العدالة والتنمية.
الجامعة العربية كذلك، تأسست قبل سبعين عاما، وهي تقول بأنها كانت تتويجا لحركة القومية العربية والفكر القومي العربي على امتداد التاريخ، وبأنها تجسد حلم الوحدة العربية. نجحت الجامعة العربية في إحباط الحركة القومية العربية، ووأد كل المحاولات الوحدوية بين أعضائها. أما دورها النضالي خلال مرحلة الربيع العربي فهو تجسيد حلم المشروع الصهيوني الأمريكي في تفتيت وتقسيم الدول العربية، والعمل بكل إخلاص على تدمير القوة العربية، والتفريط بالحقوق العربية، والتبعية الكاملة لأعداء القومية العربية والوحدة العربية.
خلال الأيام الماضية، تحولت الجامعة العربية إلى “خلية نحل”، فانطلقت يوم الأحد 13 أيلول الدورة العادية الـ (144) لمجلس جامعة الدول العربيةعلى مستوى وزراء الخارجية في القاهرة، برئاسة الإمارات. قرارت الدورة العادية جاءت في 167 صفحة!. في البند العاشر من القرارات، والمعنون بـ «تطورات الوضع في سوريا»، أكدت الجامعة على موقفها الثابت في الحفاظ على وحدة سورية واستقرارها وسلامتها الإقليمية، و استمعت إلى مداخلة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة السيد ستيفان ديمستورا، فأعربت عن بالغ قلقها إزاء تفاقم الأزمة السورية، وأكدت على ضرورة تحمل مجلس الأمن لمسؤولياته الكاملة، ورحبت بالمبادرات والجهود الهادفة لتوحيد المعارضة السورية حول خطوات الحل السياسي للأزمة السورية.
في البند الثاني والعشرين الذي جاء تحت عنوان: « صيانة الأمن القومي العربي ومكافحة الإرهاب», تضامنت الجامعة مع الدول التي تعرضت للهجمات الإرهابية، وأعربت عن الدعم الكامل لكافة الإجراءات التي اتخذتها الدول الأعضاء لمواجهة الإرهاب وهزيمته واجتثاث الفكر المتطرف من جذوره، وأكدت على عزمها في مواصلة جهود مقاومة الإرهاب ومواجهة الفكر المتطرف، وأدانت داعش والنصرة والقاعدة والمنظمات المرتبطة بها، ودعت الدول الأعضاء إلى سن التشريعات والقوانين واتخاذ الإجراءات والتدابير لتجريم الفكر المتطرف التكفيري لخطورته وتغذيته للإرهاب وإثارةالنزعات الطائفية، وطلبت الاستفادة من الإمكانيات التي يوفرها مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب الذي تم إنشاؤه بمبادرة من خادم الحرمينالشريفين، ومركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الديانات والثقافات في فيينا.
هل حقاً كانت الجامعة حريصة على وحدة وسلامة واستقرار سوريا!؟ هل تضامنت يوما مع مآسي الشعب السوري الذي يتعرض يوميا للهجمات الإرهابية؟ هل واجهت الأرهاب وعملت على اجتثاث الفكر المتطرف من جذوره!!؟ الجامعة التي كانت ومازالت سكينا بيد الإرهاب، والتي صدّرت أقذر فكر متطرف وتكفيري عرفه التاريخ، مستفيدة من الإمكانيات الكبيرة لخادم الوهابية ومركز عبد العزيز العالمي للإرهاب، والتي جندت كل إرهاب العالم ومولته ودعمته ليقتل الشعب السوري ويدمر كل منجزاته خلال العقود الماضية.
عن أي أمن قومي عربي تتحدث الجامعة!؟، وهي الشريكة في كل الحرائق المشتعلة في العالم العربي، وفي كل الدماء البريئة التي سالت على الأرض العربية.
ما بين منظمة الأمم وجامعة الرمم، قاسم مشترك غير تاريخ الولادة المشبوهة. إنها منصات النفاق السياسي للغرب وذيله الإقليمي وعبيده من ممالك الجهل والخنوع، منابر الخداع والكذب والتضليل. هي صدى صوت سيدها في البيت الأسود و”الكنيست الإسرائيلي”.
قمم منظمة الأمم وجامعة الرمم, لن تغير من الحقيقة شيئاً. الحقيقة التي تحفرها سوريا، على جبين التاريخ بأحرف من نور ودم.
التعليقات مغلقة.