اليوم الوطني للمرأة الفلسطينية:استلهام الماضي وصناعة المستقبل/ فيحاءعبدالهادي
فيحاء عبد الهادي ( فلسطين ) الأحد 27/10/2019 م …
ما الذي يضيفه اعتماد يوم وطني للمرأة الفلسطينية، أسوة بالدول العربية التي اعتمدت يوماً وطنياً لها؟
وكيف يتم الاحتفال بهذا اليوم، عربياً؟ هل يكون باستعراض إنجازات النساء في البلاد التي اعتمدت هذا اليوم؟ أم يكون الاحتفال مناسبة للإعلان عن مكتسبات سياسية واجتماعية وثقافية وقانونية جديدة للنساء، ولوقفة مسؤولة، تراجع فيها النساء ما تم تحقيقه من إنجازات على الصعد كافة، دون أن تغفل الحديث عن الإخفاقات، وسبل معالجتها؟
وما سبب اختيار يوم 26 تشرين الأول، من كل عام، ليكون يوماً وطنياً للمرأة الفلسطينية؟
*****
ارتبط تخصيص يوم وطني في العديد من الدول العربية بنضال نسوي، ضد الاستعمار من جانب، وضد التخلف الاجتماعي من جانب آخر، وارتبط في دول أخرى بالنضال الاجتماعي لتحقيق مطالب نسوية، وهناك بعض الدول العربية، التي لم تحدد سبباً لاختيار يوم النساء الوطني. وما زالت نساء في دول عربية أخرى تناضل من أجل اعتماد يوم وطني للمرأة.
في مصر، ومنذ عام 1956؛ تمَّ اعتماد: 16 آذار من كل عام، يوماً وطنياً للمرأة المصرية، يستلهم سيرة كفاح النساء المصريات، عام 1919، في نضالهن ضد الاحتلال البريطاني، ويستلهم نضالهن السياسي المرتبط بالاجتماعي، في اليوم ذاته من عام 1923، وعام 1956.
عام 1919 تظاهرت أكثر من 300 سيدة مصرية، بقيادة «هدى شعراوي»، ضد الاستعمار، وهن يرفعن أعلام الصليب والهلال، كرمز للوحدة الوطنية، ويطالبن بالاستقلال، ونتج عن هذه التظاهرة استشهاد مجموعة من النساء المصريات.
وعام 1923، تأسس أول اتحاد نسائي مصري، تبنى مطلب مساواة المرأة بالرجل، سياسياً واجتماعياً، من ناحية القوانين، وفي عام 1956؛ حصلت النساء المصريات على حق الانتخاب والترشيح، والذي تحقق بفعل الدستور.
وفي تونس والمغرب اعتمد اليوم الوطني للنساء، نتيجة نضال المرأة على الصعيد الاجتماعي؛ إذ تحتفل المرأة التونسية يوم 13 آب، من كل عام، في ذكرى صدور قانون الأحوال الشخصية، عام 1956.
كما اعتمد يوم 10 تشرين الأول، يوماً وطنياً للمرأة المغربية، في ذكرى الإعلان عن مدوّنة الأسرة الصادرة عام 2003.
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، تم الإعلان عن يوم المرأة الإماراتية يوم 28 آب من كل عام، في ذكرى تأسيس الاتحاد النسائي عام 1975.
وفي دولة الكويت، وفي عام 2016، أعلن عن يوم 16 أيار، عيداً للمرأة الكويتية، وهو اليوم الذي صدر فيه قرار بمنح المرأة الكويتية حقوقها السياسية، عام 2005. أما في البحرين وعُمان ولبنان، فقد تمّ اعتماد يوم وطني للنساء، دون تحديد سبب لاختيار التاريخ المحدد. اعتمدت البحرين الأول من كانون الأول، يوماً للمرأة البحرينية، واعتمدت عُمان يوم 17 تشرين الأول، يوماً للمرأة العُمانية، كما اعتمدت لبنان يوم 4 تشرين الثاني، من كل عام يوماً وطنياً للمرأة اللبنانية.
*****
بم ارتبط يوم 26 تشرين الأول، في ذاكرة النساء الفلسطينيات؟ حتى استحق أن يعتمد يوماً وطنياً للمرأة الفلسطينية؟
ارتبط هذا التاريخ بذكرى انعقاد «المؤتمر النسائي العربي الأول في فلسطين»، يوم 26 تشرين الأول، 1929، وبذكرى أول تظاهرة نسائية، في القدس.
ارتبط بحدوث «أكبر تغيير في حياة المرأة العربية في فلسطين»، على حد تعبير الرائدة «ماتييل مغنم».
ولم تكن هذه أول خطوة منظمة تخطوها النساء، إذ تأسست جمعيات نسائية، في العديد من المدن الفلسطينية، منذ أوائل القرن الماضي، وتشكل أول اتحاد نسائي فلسطيني، عام 1921، بقيادة الرائدتين: «زليخة الشهابي»، و»ميليا سكاكيني».
وفي عام 1929؛ استجابت نساء فلسطين لتحديات اللحظة التاريخية، والثورة التي اشتعلت، بعد هبة البراق، وبادرن إلى تنظيم مؤتمر نسائي، في القدس، لمناقشة أفضل الوسائل لمقاومة الاستعمار البريطاني، وتوحيد صفوفهن، لتطوير عملهن، ليمتد إلى عمقه العربي في الأقطار المجاورة.
تلخصت قرارات المؤتمر بالاحتجاج على وعد بلفور، وعلى الهجرة الصهيونية، وعلى قانون تنفيذ العقوبة الجماعية، ومعاملة البوليس السيئة للسجناء العرب.
أرسلت النساء المجتمعات قراراتهن برقياً إلى رئيس الوزراء البريطاني، ووزير المستعمرات، وقدَّمن تقريراً بقرارتهن إلى لجنة التحقيق، والمندوب السامي البريطاني، وأعضاء السلك الديبلوماسي، والصحافة المحلية والأجنبية، وإلى لجنة المرأة في عصبة الأمم المتحدة في لندن.
قابلت لجنة ممثلة عن المؤتمر المندوب السامي البريطاني، وحين عادت إلى المؤتمر، وعرضت ما جرى في المقابلة؛ تقرر تنظيم تظاهرة، سارت في 120 سيارة، جابت شوارع القدس، وقدَّمت مذكراتها إلى القنصليات الأجنبية. انتخبت لجنة تنفيذية من 14 سيدة لمتابعة قرارات المؤتمر.
تأسس العديد من الجمعيات النسائية، وفقاً لقرارات المؤتمر، في العديد من المدن الفلسطينية، وتواصلت النساء الفلسطينيات مع النساء العربيات، حيث أرسلن رسائل مؤثرة إلى رئيسة الاتحاد النسائي المصري، طالبن فيها بنصرة فلسطين.
لبى الاتحاد النداء، وأرسلت الجمعيات النسائية العربية تفويضاً رسمياً للرائدة «هدى شعراوي»، للدفاع باسمها عن قضية فلسطين، لدى الهيئات الدولية. وجهت بعدها الرائدة نداء إلى نساء الشرق، من أجل تنظيم مؤتمر نسوي في القاهرة، في 15 تشرين الأول/ أكتوبر، من العام 1938، «لبحث مشكلة فلسطين، وطرق معالجتها».
*****
ما الذي سوف يرتبط به يوم 26 تـشرين الأول، 2019؟
هل يرتبط بإقرار القانونين، اللذين نسّبهما، مؤخراً، مجلس الوزراء الفلسطيني للرئيس، فحسب؟
الأول: تعديل المادة الخامسة من قانون الأحوال الشخصية لعام 76، بتحديد سن الزواج إلى 18 سنة لكلا الجنسين؟ مع استثناءات يقرِّرها قاضي القضاة، – هذه الاستثناءات التي تفتح الباب لإعاقة تنفيذ هذا القانون- والثاني: تعديل البند القانوني الخاص بحق الأم بفتح حسابات مصرفية لأبنائها القصّر.
تنتظر المرأة الفلسطينية أن يرتبط هذا اليوم بما هو أعمق، وأشمل: تطبيق قرارات المجالس المركزية، التي أقرت تمثيل المرأة في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية بنسبة لا تقل عن 30%، وإقرار قانون حماية العائلة من العنف، وإقرار مشروع مسودّة قانون العقوبات لعام 2010، بالإضافة إلى نشر اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة «سيداو»، -التي تكرِّس المساواة، وتحترم الكرامة الإنسانية-، في الجريدة الرسمية، إيذاناً بمواءمتها مع التشريعات الفلسطينية.
[email protected]
www.faihaab.com
التعليقات مغلقة.