تقرير هام … الرواية الكاملة لآخر تحركات البغدادي قبيل مقتله




الأردن العربي – الإثنين 28/10/2019 م …

 عبرت الطائرات المروحية الامريكية من محور أعزاز باتجاه دارة عزة، ثم سرمدا، حتى وصلت إلى منزل معزول يقع بين قريتي باريشا وحتان في منطقة جبلية قريبة من الحدود التركية السورية، حيث كان البغدادي يختبئ بحماية خلية سرية لتنظيم الدولة تعمل في ادلب منذ عام 2015.

بحسب شهود عيان قرب المنطقة، فإن العملية استمرت أكثر من ساعة، بدأت بالإنزال المروحي على الموقع المستهدف، وقُتلت خلاها زوجتان  للبغدادي إحداهما من مدينة الباب السورية، وعدد من الأشخاص الذين كانوا في الموقع، وصل عدد القتلى بحسب مصدر خاص في ” تحرير الشام ” الإرهابي  الى عشرة قتلى، يعتقد ان معظمهم من الخلية المرافقة للبغدادي، وفيها عراقيون وسوريون وتونسي، قتلوا جميعا، وفجّر البغدادي حزامه الناسف، وكذلك فجر عنصر آخر نفسه، وبحسب نفس المصدر من تحرير الشام الذي عاين موقع العملية، فإن هناك جثة بلا رأس وبلا يد، وجثث ثلاث نساء وطفلين، وطبعا بقية مرافقي البغدادي، وقام الامريكيون بنقل جثة البغدادي لإجراء فحص الـ”دي ان ايه” عليها، ونقلت جثة مرافقه معه.

 مصادر من إدلب، تحدثت عن أن ” تحرير الشام ” اعتقلت منذ فترة أحد مرافقي البغدادي، وكانت تنوي اقتحام هذا الموقع بحثا عن قيادي آخر للتنظيم.

البغدادي في إدلب

ليس مفاجئا تواجد البغدادي في ريف ادلب، فالآلاف من عائلات تنظيم الدولة، من العراقيين والسوريين، نزحوا لإدلب من دير الزور والموصل خلال السنوات الاخيرة، وأمكن للكثير من القيادات التنقل خلال الحواجز بدفع مبالغ مالية، والتخفي بين السكان المحليين في بيئة لفصائل جهادية في ادلب تشبه بيئة تنظيم الدولة، وكثيرا ما اعتقلت ” تحرير الشام ” عناصر منتمين لتنظيم الدولة واعلنت عن ضبط خلايا نائمة للتنظيم داخل ادلب، ومنهم مرافق للبغدادي.

ولعل ما شجع عناصر التنظيم وعائلاتهم للقدوم إلى إدلب، أنها تحت سيطرة تنظيمات إرهابية، رغم الخصومة معها، إلا أنها تبقى الأرض الأقل خطرا وعدائية ضد التنظيم، من أراض يسيطر عليها الأكراد أو الجيش الحر الموالي لتركيا أو الحكومتان السورية أو العراقية.

وتمكنت الكثير من عائلات عناصر تنظيم الدولة، من العبور لداخل تركيا مستخدمين هويات سورية مزيفة، أو حتى حقيقية طالما أن أسماءهم غير مدرجة على قائمة المطلوبين للسلطات العراقية والسورية كونهم مدنيون، وهذا ربما ما شجع البغدادي على التفكير بإرسال عائلته لتركيا، كما تقول مجلة “نيوزويك” الامريكية، التي كشفت ان المعلومات وصلت للاستخبارات الأمريكية من خلال التجهيز لعملية تهريب عائلة البغدادي.

خلية الحلبي – الشالاتي آوت البغدادي

اما الخلية التي آوت البغدادي، فهي خلية من المناصرين القدماء لتنظيم الدولة في سوريا، والذين أخفوا انتماءهم التنظيمي وانضموا لفصائل جهادية اخرى، أبرز عناصرها، أبو البراء الحلبي، وهو الشخص الذي قال السكان المحليون إنه قيادي في حراس الدين، وهو المستهدف بالعملية، لأن البيت عائد له، قبل ان يتبين أنه استأجر البيت من مواطن من بلدة باريشا من خلال عنصر “مهاجر” ينتمي للتنظيم.

الحلبي، مناصر سابق لتنظيم الدولة منذ 2015، وقد اشتهر في وسائل التواصل الاجتماعي باسم “اللواء مهيب الشالاتي” ، كما امتلك حسابات أخرى تحت مسميات عديدة، انضم الحلبي لتنظيم حراس الدين المنشق عن تحرير الشام والمرتبط بالقاعدة، لكنه وبحسب اشخاص مقربين منه، فإن انتماءه لحراس الدين كان مجرد غطاء لارتباطه  بشكل سري مع تنظيم الدولة، كما أنه ترك تنظيم حراس الدين منذ ثلاثة أشهر، وأغلق حسابه منذ ذلك الحين، وهي الفترة التي يعتقد أنه انخرط فيها بإيواء البغدادي.

وبحسب مقربين من الحلبي-الشالاتي، شكل خلية في إدلب تتولى توفير ملاذات آمنة لعناصر وعائلات تنظيم الدولة النازحين من دير الزور وقبلها الموصل، التي توافد منها آلاف العراقيين المنتمين للتنظيم، وتولى عمليات نقلهم من مناطق درع الفرات لإدلب وتهريب العائلات عبر الحدود لتركيا، وهو ما يبدو أنه كان الخيط الذي كشف وجود البغدادي عنده، اذ قالت “نيوزويك” إن مقر البغدادي كشف بعد محاولته التخطيط لنقل عائلته لداخل تركيا.

وبحسب مصدر خاص من تحرير الشام، فإن المنزل الذي أقام فيه البغدادي قرب بلدة باريشا، يعود لمواطن سوري قال إنه “قام بتأجير المنزل مفروشا لعنصر مهاجر”، وهذا يعني أن هذا العنصر المهاجر قام بمنح المنزل للحلبي الذي جعله مخبأ البغدادي الاخير.

ويعرف عن الحلبي، نشاطه الإعلامي كمناصر للتنظيم، إذ أنه أدار أكثر من حساب مؤيد للتنظيم ومنها اللواء مهيب الشالاتي وعبد الله جند، كما تعاون مع شبكة للمراسلين الصحافيين في سوريا والعراق لنشر اخبار التنظيم، دون التنسيق مع وكالة أعماق، وبحسب القريبين منه، فإن الحلبي كان شديد العداء لـ”تحرير الشام” وقاد لعدة مرات، حملات إعلامية في وسائل التواصل الاجتماعي ضد الجولاني، وتأييدا لجند الاقصى، حيث عمل منذ 2016 على تشكيل خلايا دعم للتنظيم في سراقب بإدلب وما حولها، ومن ثم قام بعمليات استقبال وإيواء عناصر التنظيم وعائلاتهم الفارين من الموصل وبعدها الرقة ودير الزور،  وبعد ان انضم لحراس الدين، كغطاء لارتباطه بتنظيم الدولة، عاود  الانسحاب من حراس الدين قبل عدة اشهر، وتفرغ لاستضافة عناصر التنظيم في إدلب وحمايتهم من ملاحقة تحرير الشام التي كثيرا ما كانت تشن مداهمات لاعتقال خلايا التنظيم، وأقفل الحلبي آخر حساباته قبل عدة شهور، فيما يبدو أنها الفترة التي انخرط فيها في ايواء البغدادي، ويتفق هذا مع اعلان مظلوم عبدي قائد قسد أن عملية ملاحقة البغدادي استمرت لخمسة أشهر، وهو ما يعني ان قسد كانت تمتلك معلومات عن تحركاته أو تحركات مرافقيه منذ تواجده في ريف دير الزور.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.