لا مناطق نفوذ .. الجيش العربي السوري يقض مضاجع الأتراك والأمريكان ! / هشام الهبيشان
هشام الهبيشان ( الأردن ) – الثلاثاء 29/10/2019 م …
بدا واضحاً لجميع المتابعين أنّ عمليات انتشار الجيش العربي السوري وبدعم من الحلفاء والتي جرت في الآونة الأخيرة في محافظة الرقة وتحديداً في ريفها الغربي والجنوبي الغربي، ما هي إلا هدف من سلسلة أهداف استراتيجية كجزء من خطة ورؤية أكبر، لمسار التصدي العسكري التي يعمل عليه الجيش العربي السوري،لمواجهة الغزو التركي للأراضي السورية “نبع السلام ” والهدف بالأساس هو منع الأتراك والأمريكان من وصل مناطق نفوذ في شمال وشمال شرق سورية ،واالهدف من وصل مناطق النفوذ هذه هو تحقيق شروط وإملاءات تحاول بعض القوى الإقليمية والدولية الحليفة والشريكة والداعمة للمشروع الصهيو ـ أميركي بالمنطقة فرضها على الدولة السورية.
هنا لا يمكن إنكار حقيقة أنّ محافظة الرقة بموقعها الاستراتيجي بشمال شرق سورية، تشكل أهمية استراتيجية بخريطة الجغرافيا السورية وتحتلّ أهمية استراتيجية، باعتبارها مفتاحاً لسلسلة مناطق تمتدّ على طول الجغرافيا السورية، فهي نقطة وصل بين مناطق وسط سورية وشرقها وشمالها، امتداداً على طول شريط المناطق الحدودية المرتبطة بالجانب العراقي والتركي، إضافة إلى كونها تشكل نقطة ربط بين المناطق الجغرافية السورية المرتبطة بمدينة دير الزور شرقاً وحلب شمالاً، وهذا ما يعكس حجم الأهمية الاستراتيجية الكبرى لمحافظة الرقة في خريطة الجغرافيا الساسية بالشرق والشمال الشرقي والشمال السوري بشكل عام.
اليوم، لا يمكن إنكار أنّ انتشار الجيش العربي السوري على طول الحدود الممتدة من مدينة عين العرب في ريف حلب الشرقي وصولا إلى قرى 8 آذار والحرية وبندر خان وبغديك في ريف منطقة تل أبيض الغربي وقد أصبح على بعد أقل من 15 كيلومترا غرب مدينة تل أبيض”، ،سوف تشكل بمجموعها عبئاً ثقيلاً على التركي والأمريكي ،لما تمثله من ضربة قاسمة لمشروع “المنطقة الأمنة “التي يسعى لها التركي والأمريكي ، وهنا، يمكن القول إنّ الجيش العربي السوري قد خلط اوراق الأتراك والأمريكان ،ومنع وصل أي مناطق نفوذ للتركي والأمريكي في شمال وشمال شرق سورية ،والمتوقع أن ينتشر الجيش العربي السوري في الأيام القليلة المقبلة في مواقع هامة بريف الرقة الغربي والجنوبي الغربي ،وسط الدفع بتعزيزات كبيرة للجيش العربي إلى محافظة الحسكة وشمال شرق مدينة حلب .
في هذه المرحلة، أصبح الجيش العربي السوري على مشارف العمق الاستراتيجي للحدود التركية من جهة محافظة الرقة ،وخصوصاً بعد النجاح الملحوظ بتقطيع أوصال طرق مناطق النفوذ التي يسعى لها التركي والأمريكي والسيطرة على مجموعة طرق رئيسية، كان التركي يسعى لتكون خطوط وصل لمناطق نفوذه في شمال وشمال شرق سورية ،والتي كانت حسب المخطط العسكري لأنقرة تشمل مدنا وبلدات من محافظات حلب والرقة والحسكة،وستكون تحت الادارة التركية ، وتمتد على طول 460 كيلومترا، على طول الحدود التركية السورية، وبعمق 20 ميلا (32 كيلومترا). وأبرز المناطق المشمولة في المنطقة الآمنة، المناطق الواقعة شمالي الخط الواصل بين قريتي صرّين (محافظة حلب)، وعين عيسى (محافظة الرقة). كما تضم المنطقة الآمنة التي يريدها الأتراك مدينة القامشلي، وبلدات رأس العين، وتل تمر، والدرباسية، وعامودا، ووردية، وتل حميس، والقحطانية، واليعربية، والمالكية (محافظة الحسكة)… وكذلك ستضم المنطقة الأمنة حسب ما يخطط له الأتراك كلا من عين العرب (حلب)، وتل أبيض (الرقة).
ختاماً، يبدو أنّ الأكثر وضوحاً اليوم، أنّ منظومة مشروع مناطق النفوذ التي يريدها التركي والأمريكي في شمال وشمال شرق وشمال غرب سورية ، قد بدأت بالتهاوي بالتزامن مع انتشار الجيش العربي السوري بريف الرقة الغربي والجنوبي الغربي ، واليوم نرى أنّ هذه المنظومة تعيش فترة ترنح ما قبل السقوط مع استمرار سلسلة الانهيارات التي تتعرّض لها المجاميع المسلحة الإرهابية في إدلب ،وسط استعدادات عسكرية للجيش العربي السوري ،لبدء المرحلة الثانية من عمليات تحرير إدلب،فاليوم القيادة العسكرية السورية تدير المعركة بحنكة وبحرفية عالية، والأيام المقبلة ستكون حبلى بالتطورات وستشهد تغيّراً ملموساً وواضحاً في طبيعة المعارك السياسية والعسكرية وبعموم خرائط المعارك الميدانية في شمال وشمال شرق سورية ، ومن هنا سننتظر نتائج وتداعيات تطورات الميدان، والتي ستعطينا إجابات منطقية وأكثر وضوحاً وواقعية من مجمل التغيّرات التي سنشهدها بالساحة العسكرية بمحافظة الرقة بشكل خاص وعموم الساحة العسكرية السورية بشكل عام.
*كاتب وناشط سياسي – الأردن .
التعليقات مغلقة.