العراق ليست هامشية والخلاف مع ايران ليس ثانوياً / ابراهيم ابو عتيلة




نتيجة بحث الصور عن ابو عتيلة

ابراهيم ابو عتيلة ( الأردن ) – الجمعة 1/11/2019 م …

 * من المحرر: المقال يعبّر عن وجهة نظر الكاتب فقط…

تصويب الأوضاع الخاطئة لا يتم دون معرفة وتحليل الأسباب التي كانت سبباً فيها ، ولعل أهم ما ابرزته المظاهرات التي اجتاحت العراق هو فساد الفئات السياسية التي حكمت العراق منذ عام 2003 والتي كانت سبباً في تفشي وتعميق المحاصصة بسبب تحكم أحزاب الدين السياسي ، تلك الأحزاب التي لم يكن لها دور قبل الاحتلال بل لم تكن موجودة أو معلنة … فمنذ الحرب العراقية الايرانية قام البعض من المعارضة للنظام الحاكم حينذاك باللجوء إلى ايران التي وجدت فيهم الأخيرة سهاماً يمكن توجيهها ضد النظام الحاكم في العراق على المدى الطويل …

ولكن … وما أن ارتكب صدام خطيئته الكبرى باحتلاله للكويت ووقوع العراق تحت البند السابع والحصار القاسي الذي فرض عليها حتى سارعت ايران ببذل المزيد من الجهد لتقوية تلك المعارضة العراقية الذي يتواجد رموزها على الأرض الايرانية فقامت بدعمها ورعايتها بشكل أكبر من ذي قبل مستغلة كون غالبية شخوص تلك المعارضة من اتباع المذهب الشيعي الجعفري المماثل لمذهب ملالي ايران ، ومع الرعاية الايرانية كبرت تلك المعارضة وتعمق نفوذها وتوجه شخوصها لتأسيس الأحزاب على أساس ديني مذهبي ، وتجاوز الدعم الايراني لتلك المعارضة حدود الدعم المالي والمعنوي فوصل الأمر إلى تدريب وعسكرة أفراد تلك الأحزاب وتحويلها إلى ميليشيات عسكرية بانتظار ساعة الصفر للإنقضاض على النظام الحاكم .

وحانت ساعة الصفر مع بدء الغزو الأمريكي الأطلسي ” وللأسف ” العربي على العراق .. وبدأت الميليشيات العراقية التي دربتها ايران بالدخول من ايران إلى العراق بتنسيق مع أمريكا ، وما ان سقط النظام وهُزم الجيش العراقي حتى تولت الأحزاب الدينية وميليشياتها حكم العراق واستولت على الحكم ، وفرضت دستور المحاصصة وتقاسمت مع معارضي النظام السابق من الكرد القرار العراقي … كل ذلك تحت أعين وبمظلة الاحتلال الأمريكي المباشر ، وهنا بدأ النهب والسرقة ونسي هؤلاء المعارضون كل شعاراتهم بتحرير الشعب وتوفير الحياة الكريمة له ، وأضحى كل همهم جمع الثروات والتحكم بالعراق شعباً وموارد ، وما كان ذلك ليحدث لولا الدعم الايراني من جهة والأمريكي من جهة أخرى لقيادات تلك الأحزاب فازدادت ثروة قادة الأحزاب ونهبوا ثروات العراق الكبيرة فجاع الشعب وتعمقت الطائفية وتفشت البطالة …

وبعد … أصبحت العراق تحت نير احتلالين ، احتلال أمريكي مباشر واحتلال ايراني غير مباشر يتم بواسطة الأحزاب الدينية التي تدعي إيمانها بالمرجعيات الدينية الشيعية ، وخضعت العراق للمحتلين ليس بالقرار السياسي فحسب بل وفي نهب الثروات ، فأمريكا والكرد ينهبان النفظ ، وايران تنهب كل شيء من المياه ” نهري قارون والوند ” إلى السيطرة على كل مفارق التجارة والسيطرة على الاقتصاد العراقي ليبقى تابعاً بشكل مطلق لايران في ظل ابتعاد عربي كبير عن كل ما يجري في العراق وكأن العراق ليست من الدول العربية ، وجاء دور ايران لتنتقم من العراق وإلحاقه بها انتقاماً لكل الصراعات والحروب السابقة من معركة ذي قار ومن حروبها مع العراق وهي التي لم تنفك عن ذلك طيلة العقود الماضية حتى ما قبل الخمينية حين كانت تقدم للكرد كل انواع الدعم في حربهم مع الحكومة العراقية ، وكان لايران هدف ىخر وهو الوصول لمياه شط العرب وتامين الملاحة الايرانية فيه الامر الذي رضخ له صدام بعد توقيع اتفاق الجزائر عام 1975 مقابل تخفيف الدعم الايراني للكرد .

ونتيجة للنهب والسرقة والفساد … جاء الوقت الذي ينتفض فيه شعب العراق العظيم ليقول كلمته ، لا للفساد ومع الاصلاح ” والعراق حرة حرة وايران بره بره ” .. ورغم القمع الذي مارسته السلطة باحزابها الدينية ذات الولاء الايراني إلا أن الشعب العراقي مازال مستمراً في ثورته ولن يهدأ حتى يفرض إرادته على حاكميه والمتسلطين عليه .

ومن كل ما تقدم يتضح بأن الخلاف مع ايران ليس بسيطاً ولا هامشياً فإن كانت ايران قد دعمت سوريا ولبنان وبعض الفصائل الفلسطينية ، إلا أن كل ذلك لا يقارن بأهميته مما فعلته في العراق من تخريب ودمار ونهب وسرقة ، ومن الغريب بأن يقول المحسوبون على محور المقاومة بأن خلافنا مع ايران هامشي وثانوي ، فالخلاف الرئيسي مع الصهاينة وهو واجب الحل وما عدا ذلك يمكن تأجيله وهي فرضية ساذجة فالعراق دولة محورية وركن اساسي في الصراع مع الصهاينة ولا تستقيم الأمور ولا يمكن لمقاومة الصهاينة ان تؤدي دورها دون وجود العراق ولا يمكن أن يكون للعراق دور في ظل رزوحه تحت أنياب الاحتلالين الأمريكي والايراني آخذين بعين الاعتبار ادراك وفلسفة الصهاينة منذ انشاء الكيان الصهيوني التي ترتكز على تدمير دول ثلاثة من دولنا العربية وهي مصر وسوريا والعراق .

إن الوقوف مع الشعب العراقي أمر واجب تفرضه الأخوة العربية ” إن بقي لها دور ” ويفرضها أهمية الدور العراقي في الصراع مع العدو الرئيسي للأمة العربية وهزيمة المشروع الصهيوني ولن يتم ذلك في ظل الاحتلالين الأمريكي والايراني للعراق …..

 

ابراهيم ابوعتيله

عمان / الأردن

31 / 10 / 2019

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.