لبنان، هوامش من الإحتجاجات … ضرورة الفرز الطبقي والوطني / الطاهر المعز
الطاهر المعز ( تونس ) السبت 2/11/2019 م …
أعلنت الحكومة الأمريكية أنها حريصة على “عدم التّدخّل في مسار الأحداث في لبنان”، بحسب تصريح لوزير الخارجية، نُشر بالتوازي مع قرار نفس الحكومة الأمريكية “حجب مساعدات عسكرية عن الجيش اللبناني بقيمة 105 ملايين دولار”، وإنها تَدْرُسُ “إصدار عقوبات جديدة على حلفاء لحزب الله، ولكن إعلان العقوبات قد يتأجّل كي لا يَبدو ذلك تدخّلا في الشأن اللبناني…”
تزامن إعلان القرار الأمريكي مع نشر خبرٍ يتعلّق باستخدام “حزب الله”، في الجنوب اللبناني، على حدود فلسطين، صاروخ “أرض- جو” للتصدّي لطائرة صهيونية من نوع “زيك”، اخترقت الأجواء اللبنانية، وتُستخدم لجمع المعلومات الإستخبارية، وهي قادرة على حمل صواريخ هجومية، بحسب إحدى القناة 13 للتلفزيون الصهيوني، ما يجعل طائرات التجسُّس قادرة على التّحوّل بسرعة، إلى طائرة هُجُومية مُقاتلة، وقادرة على قَصْف أي مكان في لبنان، في غياب جيش مُسلح بالعتاد، وبعقيدة وطنية، للدفاع عن أراضي ومياه وأجواء الوطن، الذي يتقاسمه زعماء الطوائف، وحيث تتقاطع المصالح الطبقية مع الرتبة الطائفية…
يسعى القرار الأمريكي المُشار إليه في بداية النّص، إلى ربط “المساعدات” والقُروض إلى لبنان بتجريد حزب الله من السلاح، دعْمًا للكيان الصهيوني، ودعما للقوى العميلة في لبنان، داخل الحكومة المُستقيلة، التي يشارك بها “حزب الله، ومن خارجها (المنظمات “غير الحكومية”، وما يُسمى “المجتمع المدني”، وغير ذلك)، وتستغل الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، المُشاورات في لبنان لتأليف حكومة جديدة، للضغط بشأن إقصاء حزب الله، والتهديد بالعُقوبات التي تَضُرّ بمصالح القطاع المصرفي، وبالإقتصاد اللبناني، لكي يتعلّل بعض قادة العُملاء (على رأسهم سمير جعجع) بالتأثيرات السلبية للعقوبات، على اقتصاد لبنان، لحرف الإحتجاجات عن أهدافها (معارضة الفساد وعُمْقَ الفجوة الطبقية…)، وتحويل وجهتها نحو مواجهات طائفية، تُلْغي الطابع الطبقي للإحتجاجات، خوفًا من ولادة تحالف طبقي شعبي، يَتَشكّلُ من الفُقراء ومن مجموع الفئات (بما في ذلك الفئات الوُسْطَى) المتضرّرة من مُقاولي السياسة والعقارات والمضاربات، ومن المصارف، والرّيع، الذين استفادوا من اتفاق الطائف (1989)، ومن هيمنة المحافظين الجدد والنيوليبيرالية الإقتصادية، وهي القوى التي تبيع البلد من أجل حماية مصالحها الطّبَقِيّة، وهي نفس القوى التي طالب رُموزُها الكيانَ الصهيونيَّ والولاياتِ المتحدةِ بسحق “حزب الله”، ولكنها اضطرت إلى قبول الحزب كقوة مُشاركة معها في السلطة، بعد عجزها عن القضاء عليه، بواسطة العدو الصهيوني، سنة 2006، وأتقنت قيادات حزب الله القفز بين حبال السلطة وحبال المُعارضة والمُقاومة، ولم يَرَ السيد حسن نصر الله في الإحتجاجات الأخيرة، سوى القوى التي تُنفذ أجَنْدات السفارات والمنظمات “غير الحكومية”، المُمَوّلَة أجنبيًّا، وهي موجودة بالفعل، لكنها لم تُطْلِق شرارة الإحتجاجات، ولم ترفع شعارات محاربة الفساد وإلغاء الطائفية وإلغاء الإمتيازات الطبقية، بل ركبت الموجة، كقوى سياسية (القوات اللبنانية والحزب الإشتراكي وتيار المستقبل، وغيرها)، وهذا من دورها، ومن مهامها، لتخدم أَجَنْدَتَها الخاصة، مُستغلّة اعتداء المجموعات المحسوبة على حزب الله وحركة أمل، على المُحتجّين، خاصة في صور والنبطية، وساحة الشهداء وساحة رياض الصّلح، في بيروت…
التعليقات مغلقة.