خبر وتعليق : الجيش الإستعماري الفرنسي في إفريقيا / الطاهر المعزّ




نتيجة بحث الصور عن الجيش الفرنسي في افريقيا

الطاهر المعز ( تونس ) الإثنين 4/11/2019 م … 

نشرت وكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب) يوم 24 تشرين الأول/اكتوبر 2019 خبر إقدام الجنود المغاوير (كونادوس) الفرنسيين، الذين يحتلون شمال “مالي”، على قتل ما لا يقل عن ثمانية “إرهابيين”، ووقعت عملية القَتْل قبل أسبوع كامل من نشر الخبر، الذي لم يُثِرْ أي رُدُود فعل أو تساؤلات عن دور الجيش الفرنسي، في “مالي” الذي يُعتَبَرُ دولة مُستقلة، وأوردت الوكالة أن الجيش الفرنسي استخدم الطائرات المروحية وطائرات مُقاتلة، مع الإشارة إلى تمويل السعودية والإمارات تكاليف الإحتلال العسكري لشمال مالي، وتكاليف القواعد العسكرية حول الصحراء الكبرى، على حدود الجزائر وليبيا، منذ سنتَيْن، وتدعم الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي هذا العدوان والإحتلال، بحجة “محاربة الإرهاب”…  

بعد نحو أسبوع من نشر الخبر، أعلنت نفس الوكالة، مقتل 53 جنديًا، بالإضافة إلى مدنيً واحد، وإصابة ما لا يقل عن عشرة جنود، وجميعهم من السكان المحليين (أي من الجنسية المالية)، خلال هجوم إرهابي على معسكر للجيش المالي، قريبًا من حدود النّيجر، بين 30 أيلول و 1 تشرين الأول/اكتوبر 2019، وكتبت وكالة “فرنس برس” أن الإرهابيين شنوا سلسلة من الهجمات، منذ بداية شهر أيلول/سبتمبر 2019، ضد الجيش المالي، ولم يفعل الجيش الفرنسي شيئًا لدعمه أو نجدته أو مساعدته على صد الهجمات، أو تنفيذ هجمات مُعاكسة…

نشرت نفس الوكالة الفرنسية الرسمية، يوم الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر 2019، خبر مقتل جندي فرنسي في ساحة الحرب في مالي، وأوردت نشرات الأخبار المسموعة والمَرْئِيّة، والصحف المكتوبة، وأدوات التواصل “الإجتماعي” الخبر، باعتباره كارثة قومية فرنسية، وأصدرت الرئاسة الفرنسية بيانًا رسميًّا “يحيي تضحيات هذا الجندي الفرنسي الذي قتل أثناء إنجاز مهمته”، ووردت في البيان عبارات التهديد والوعيد للمجموعات الإرهابية…

التعليق:

يُشارك الجيش الفرنسي في كافة الحروب العدوانية الجارية حاليا في العالم، من أفغانستان إلى سوريا والعراق واليمن وليبيا والقَرن الإفريقي وتوجد قوة فرنسية كبيرة، ضمن القوات العسكرية الأجنبية التي تحتل لبنان، لحماية العدوان الصهيوني، بغطاء الأمم المتحدة، وفرنسا عضو مؤسس لحلف شمال الأطلسي، ولها عدد هام من الجنود والضباط في القواعد العسكرية للحلف، ولا توجد معارضة تُذْكَر للسياسة الإمبريالية الفرنسية، فقد دعمت مُعظم، ولرُبّما كُلّ التيارات السياسية، ومعظم أو كافة نواب البرلمان، احتلال أفغانستان وقصف ليبيا واحتلال شمال مالي، وشمال سوريا، والحُروب العدوانية الأخرى التي تَشُنُّها أو تُشارك بها أو تدعمها الإمبريالية الفرنسية، ولا يُثِير خبر قتل عشرات الجنود المَحَلِّيِّين في أفغانستان أو مالي، ولا عشرات أو مئات المدنيين من سكان البلاد في سوريا أو اليمن أو ليبيا أو غيرها، أي اعتراض على الحرب، وعلى مشاركة الجيش الفرنسي في عمليات القصف والقتل، أما إذا قُتِلَ جُنْدِي فرنسي واحد، فتلك مأساة قومية، تُشكل مناسبة لكيل الشتائم والتُّهَم للشعوب “المُتخلّفة” و”المُتهمِّجَة”، والنّاكرة للجميل، لأن الجنود الفرنسيين، والأمريكيين والبريطانيين وغيرهم، غادروا بلادهم وأُسَرَهم “لينْشُرُوا الحضارة في بلاد الهَمَج”…

من جهة أخرى، أدّت الحُروب العدوانية التي يُبادِرُ أو يُشارك بها الجيش الفرنسي، إلى تَشْرِيد الملايين من الأفغانيين والسوريين والعراقيين والماليين وغيرهم، من بلادهم، كما حُرم ثلاثة ملايين إفريقي، من عملهم في ليبيا، منذ تخريبها وتفتيتها، وتَشُنُّ أجهزة الدولة الفرنسية (الشرطة والقضاء والإعلام ) حملة عُنْصُرية ضد هؤلاء اللاجئين الذين يأتون إلى أوروبا، وإلى فرنسا، هربًا من الفَقْر الذي تُساهم في نَشْرِه الشركات العابرة للقارات، ومنها الشركات الفرنسية في إفريقيا الغربية والوسطى، والحرب التي يَشُنّها الجيش الفرنسي…

لا تزال “الثقافة الإستعمارية” سائدة في المُجتمع الفرنسي، عبر انتشار العُنصرية في الدّاخل، وعبر العدوان والحُروب والإحتلال في الخارج…     

 

 

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.