أقول لايران: ” الشمس ما بتتغطى بغربال ” / ابراهيم ابو عتيلة

نتيجة بحث الصور عن ابو عتيلة

ابراهيم ابو عتيلة ( الأردن ) – الأربعاء 6/11/2019 م …




ما كادت الحرب العالمية الأولى أن تنتهي حتى سقط حلم العرب بإقامة دولتهم الموحدة التي يفرضها منطق التاريخ خاصة في الشرق العربي ” الجزيرة العربية والعراق وبلاد الشام ” ، فقد لعبت قوى الاستعمار الغربي لعبتها في استمالة العرب إليها في حربها مع تركيا العثمانية فوقف العرب مع دول الاستعمار مقابل منح العرب الاستقلال والدولة الموحدة ، وقبل صمت المدافع اتفقت سلطتي الاستعمار في حينه ( بريطانيا وفرنسا ) قبل على تقسيم المنطقة إلى مناطق نفوذ بينهما مع حفظ حصة لشركائهما روسيا القيصرية وايطاليا .. فتم تقسيم المنطقة إلى مناطق نفوذ  للمستعمرين والتي أصبحت دولاً فيما عدا عن فلسطين التي وهبوها للصهاينة اليهود لإنشاء كيانهم فيها وكأنها أرض خلاء لا ناس فيها ولا شعب يملكها … فبتنا مهزومين ضعفاء أمام قوى  الاستعمار وازدادت المصائب عنددما طمعت فينا دول الجوار ( تركيا وايران ) فابتلعت ايران الأحواز ( عربستان ) بتنسيق مع بريطانيا عام 1925 وابتعلت تركيا الإسكندرونة عام 1939 بتنسيق مع فرنسا …

واستمر نهبنا ونهب ثرواتنا واستمر الكيان الصهيوني بمؤمراته علينا من احتلال وقتل وارهاب ، وأخذت تركيا بنهب منابع مياه دجلة والفرات إلى أن وصل بها الأمر إلى غزو شمالي سوريا والعراق بحجة محاربة الأكراد وهي في ذات الوقت تطمع باحتلال شمال العراق وسوريا ” إذا تمكنت من ذلك ” كما وقامت تركيا بإدخال كل بغاة الأرض من إرهابيي العالم لتدمير الدولة السورية وهي ما فشلت بتحقيقه حتى الآن ، ولن تنجح في ذلك .

أما ايران فقد اتخذت مساراً آخر لأطماعها، فبعد أن ثبتت أقدامها في الأحواز العربية ، استمرت باحداث القلاقل مع العراق إلى أن وصلت عام 1969 إلى نقض معاهدة الحدود الإيرانية العراقية التي تم توقيعها عام 1937 ، وهي المعاهدة التي رسمت الحدود بين العراق وايران والتي نصت على أن الحدود بين الدولتين هي المنطقة الواقعة على الضفة الإيرانية لشط العرب بحيث تكون السيطرة الكاملة على شط العرب للعراق ( للدولة العثمانية حينذاك ) ما عدا في المنطقة المحيطة ببلدة المحمرة حيث تتبع خط القعر ، ومن أجل تحقيق مطالبها بتجسيد رفضها لاتفاقية 1937 قامت بدعم الأكراد في شمال العراق وقدمت لهم من أجل ذلك كل أنواع الدعم المالي والعسكري مما عزز وضعهم في حربهم مع الدولة العراقية وتسبب في الكثير من الخسائر ، وهنا حدثت خطيئة كبرى حين تم توقيع اتفاقية الجزائر بين العراق وإيران في 6 آذار/مارس عام 1975  والتي وقعها صدام حسين نائب الرئيس العراقي حينذاك وشاه إيران محمد رضا بهلوي ، حيث وتم الإتفاق على نقطة خط القعر كحدود بين الدولتين وبما يسمح لايران بالملاحة بحرية في شط العرب ، ولكن عاد العراق في عهد صدام حسين ” وهو رئيس العراق حينذاك ” و ألغى هذه الأتفاقية عام 1980  بعد سقوط حكم الشاه ووصول الخميني إلى الحكم، الأمر الذي تسبب مع أسباب أخرى بإشعال الحرب بين العراق وايران والتي استمرت لثماني سنوات .

ومع حصار العراق الذي فرضته أمريكا على العراق ، على ضوء الغزو التي قام به العراق للكويت والذي تسبب بهروب الكثير من العراقيين إلى دول العالم المختلفة ، ومنهم من لجأ إلى ايران وعلى رأسهم الحركات التي يعتمد برنامجها منهاج الدين السياسي والتي احتضنتهم ايران ودربتهم على أيادي الملالي ليكونوا ورقة بيدها عند الضرورة ، وبعد هزيمة العراق وانسحاب جيشها من الكويت عمت المظاهرات والاحتجاجات كافة المحافظات الجنوبية ذات الأغلبية الشيعية والتي واجهها النظام بالقمع الشديد مما تسبب في فشلها وتسببت بقتل الكثير من معارضي النظام وهروب كثير من المعارضين لايران …. وما أن سقط النظام العراقي عام 2003 ودخلت القوات الأمريكية إلى بغداد  حتى دخلت حركات وميليشيات الدين السياسي التي كانت محط ترحاب في ايران وتدربت فيها …

دخلت تلك الحركات والأحزاب التي ترتبط بالمرجعية الدينية في ايران إلى معترك السياسة الداخلية في العراق ، فرسخت ارتباط العراق بالاسلام السياسي الشيعي وحدت الارتباط بالدول العربية مع ابتعاد الدول العربية عن العراق وعن تلك الأحزاب المذهبية ،  كما وشاركت تلك الأحزاب بتشكيل مجلس الحكم على أسس طائفية باشراف أمريكي وصمت ايراني ، كما شاركت تلك الأحزاب بوضع الدستور العراقي ” دستور بريمر ” وبمباركة ايرانية ذلك الدستور الذي فتت العراق وحد من هوية العراق العربية ورسخ الدين والمذهبية والشعوبية أرضاءاً لحلفاء الصهاينة من الكرد الانفصاليين ، كما شاركت بالانتخابات وتسلمت كل مفاتيح السياسة العراقية واستغلت الوضع لتجسيد طائفية بغيضة ومحاصصة أكثر بغضاً والأهم من كل ذلك زيادة النفوذ الايراني في العراق مما حدا ببعض السياسيين الايرانيين للقول ” الآن عادت أمبراطوريتنا وعاصمتها بغداد ودعوة العراقيين لخلع الكوفية ” ونتج عن سلطة ايران على رجالات الدين السياسي تحكم ايران بمفاتيح السياسة العراقية حتى بالانتخابات وتشكيل الوزرارات وقامت بنهب ثروات العراق المائية ” نهري قارون والوند ” .

لاشك بأن ايران تعلم ما يقوم به رجالاتها في العراق من ظلم للعامة ، ومدى ما يرتكبوه من فساد ودمار في جسد الشعب العراقي فأصبحت بذلك الراعية الأولى للظلم والدمار الذي لحق بالشعب العراقي بأيدي تابعيها إلى أن وصلت العراق إلى أكثر الدول فساداً في العالم في ظل صمت عجيب من المرجعية التي ترتبط بايران بعلاقات راسخة … فصمت ايران عن كل ما حصل ويحصل في العراق يكفل لها وللأسف مزيداً من التسلط والنفوذ فهي المستفيد الأول من كل ذلك .

وهنا فإنه لمن المستغرب وقوف من يعتبرون أنفسهم من محور المقاومة بالدفاع المستميت عن ايران وافعالها الشيطانية في العراق ، واتهامهم للحراك الشعبي بانه نوع من الشغب المدسوس ” صرح خامئني بان ما يقوم به المتظاهرون في العراق أعمال شغب ”  وأن من يقوم بالمظاهرات سببه مندسين تحركهم دول أخرى متناسين بأن هذا الحراك هو حراك شعبي مطلبي كان متوقعاً منذ مدة في الوقت الذي عانى الكثيرون من الشعب العراقي من القمع في الفترات الماضية .

وفي اعتقادي فإن لا أحد يمكن أن يعفي ايران من مسؤوليتها إلا المتعصبين ومن يجد في ايران دولة غير قابلة للنقد ” لقيادتها !!!!!!!! لمحور المقاومة ” ، إن ما تقوم به ايران في العراق علاوة على حقارته يخدم بالضرورة معسكر الأعداء الصهاينة وأمريكا وحلفائها ، فتدمير العراق هدف راسخ في النظرية الصهيونية ، إن كل ما قدمته ايران من دعم لمعسكر المقاومة لايساوي شيئاً أمام ما فعلته في العراق ، ولا يعد شيئاً أمام إفقار دولة من أغنى دول الإقليم ولا يساوي شيئاً أمام ظلم وتجويع ملايين الشعب العراقي المؤمنين بعروبتهم .. فما تقوم به ايران لا يمكن تغطيته بغربال فقد يخفف من الشمس ولكنه قطعاً لا يخفيها .

ابراهيم ابوعتيله

عمان / الأردن

6 / 11 / 2019

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.