المشهد السياسي: في الصميم في سورية / علي الدربولي

 

علي الدربولي* ( سورية ) الأحد 20/9/2015 م …

إن ما يلوح في الأفق من تباشير استقرار المعادلات الكونية ذات الصلة في الحرب على العروبة والإسلام ، ومثال ذلك  الأعظمي ما يجري في سورية ، يشجعني على استحضار ما قرأته يوما لأضعه بين يدي القاريء الكريم بتصرف وهو التالي:

لا تأتي الثور من الأمام.

لا تأتى الحمار من الخلف.

وأنا أضيف هنا:

لاتأتي الدب (الروسي) من أي جانب.

لكني قبل أن أستفيض، وأقدر أني بالاستفاضة ربما سأشكل حرجا لصحيفتنا الموقرة فعليه أشير إلى أن العرب ،كما يروي التاريخ، وهذا ليس بخاف على الصحيفة، قد درجوا على تسمية أنفسهم وأبنائهم بأسماء الحيوانات، والباحث في أسماء القبائل العربية الكبرى يرى ذلك، وكثيرنا قرأ أن أعرابيا أجاب بقوله على سؤال من غير عربي لماذا تتسمون بأسماء الحيوانات؟:

نحن نسمي أبناءنا بذلك لأعدائنا كي يستشفون بأسنا فيرون أفعالنا.

    إن السياسة الهوجاء بأعلى درجاته التي مارستها الجامعة العربية ضد الدول الأعضاءى فيها ،خاصة ليبيا وسورية والعراق، مع ذلك الاستحياء المريب الذي يلوح على سحنة الجامعة في مواجهتها للتهديد الإرهابي المباشر لبقية الدول العربية ،خاصة الظاهر منه كما في مصر وتونس والكويت والمبيت كما في بقية الدول،إضافة إلى حرب(التحالف العربي) على اليمن،الحرب المريرة والظالمة مهما كانت مبرراتها وذرائعها.والأهم ماذا نقول عن موقف الجامعة تجاه فلسطين ومسجدها الأقصى الذي يتعرض لغزو (ناعم )وخطير من حيث دلالاته الآن.؟! من هنا ، وعبر السياسات البينية ،الباردة والساخنة،بين العرب ، أجد أن بعض العرب يجب ألا يأتوا بعضهم الآخر من الأمام .؟!

     تقوم الإدارة الديمقراطية الحاكمة في أميركا والتي شعارها ،كحزب، الحمار بتعميم الحرب الناعمة ، ربما انسجاما مع السياسة الهادئة التي تؤتي أكلها مع الزمن “الحرب على داعش كي تنجح، تحتاج إلى عقدين أو ثلاثة من الزمن”.لأميركا أسطول من حاويات الأسرار والأخبار ، تأتيها البشائر من السماء عبر الأقمار الصناعية ومن الأرض عبر كل سلك وموجة كهرطيسية وتبصير وتنجيم وكل ما لايخطر على بال ، حتى اشتغل لديها المشتغلون بأقلاهمهم وأشكالهم وعضلاتهم ومقدراتهم من مال وعيال وسلطان..إلخ . كل ذلك في جل العالم وأخصه في منطقتنا العربية والإسلامية،حتى باتت أميركا ، وعبر تاريخها،عصية على الأخذ من الخلف .!

      بعد سباته الشتوي يتحرك الدب الروسي ،بعد هزال، مستطلعا مصادر الغذاء ليجد ما يستعيد به حيويته ،فتراه يمشي رافعا انفه إلى الأعلى ملتقطا روائح فرائسه ،مستمرا يتبع طريق الرائحة إلى مبعثها وخطواته ثابتة بمخالب لا تخطيء التشبث حتى وصوله إلى الهدف فيحقق مراده ، من غير أن ينال منافسوه منه من أي جانب أتوه. شمرت روسيا الا تحادية عن ساعدها لتزج بقوتها وخبرتها وخبرائها وربما تاليا بجيشها برا وبحرا وجوا في مواجهة الإرهاب ، مرحبة بمن سينضم إليها برفقة الجيش العربي السوري استنادا إلى الشرعية الدولية التي صنفت بقراراتها الإرهاب والإرهابيين وحددت مواقعهم في  بلاد الشام والعراق،وذلك بعد أمرين:

الأول:فشل التحالف الدولي الذي تقوده أميركا في مواجهة الإرهاب الذي يتراكم خبرات ويتضخم أعداد ويتعدد جنسيات.

الثاني: بات وصول هذا الإرهاب  إلى تخوم روسيا الاتحادية والصين أمرا ميسورا إذا لم يواجه في عقر داره قبل أن يتمدد فيواجه على الأرض الروسية، وتاليا أو مرافقة، الصينية، مع الفارق  الكبير في الكلفة في الاحتمالين ؟

الانتفاض الروسي بهذا الاتجاه والتعبير عنه ميدانيا في سورية يدرك تماما أشخاصه من ساسة ومن عسكر ، وعلى رأسهم الرئيس “فلاديمير بوتين” أنه لا يمكن مواجهة الولايات المتحدة من الخلف ، لذلك رأينا ولمسنا ذلك السيل من الخطاب الناعم الموجه إلى أميركا ،بغية دعوتها إلى التعاون والتنسيق في محاربة الإرهاب ، كما رأينا الاعتراف الأميركي بأنه لا يمكن إتيان روسيا الاتحادية من كل جانب من خلال إعلانها عن إمكانية التنسيق بين الجانبين على مستوى وزارتي الدفاع ..

الآن بدأت كفتا ميزان الحرب تميل نحو التعادل في سورية أخذا بعين الاعتبار أوزان القوى الدولية، وذلك بعد أن تأخر تحرك روسيا الاتحادية ، وإصرار الطرف الأميركي المقابل لها على فهمها كما تتصرف وترتيب خططه على هذا الأساس،لا كما هي بالفعل ، وما صارته بعد انهيار الاتحاد السوفييتي،وها نحن نرى ما صارته اقتصادا قويا وخبرة سياسية وقوة عسكرية..لكن الأهم أن أميركا هي التي ترى ورأت بأم العين الحالة الروسية الضاغطة باتجاه معاملتها شريكا أمميا لا تابعا إقليميا كغيرها من الدول الرخوة.من هذه النقطة نستطيع القول أن الحل السياسي في سورية قد أطلقت صافرته ..هناك من يسمع وهو مختار من الأقوياء ، وهناك من سيسمع وهو مجبر من الحلفاء .فلننتظر وننظر.

*كاتب سوري

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.