اكتشافات جديدة تؤكد عروبة القدس / د. فايز رشيد
د. فايز رشيد ( الأردن ) الثلاثاء 22/9/2015 م …
ما يجري في الأقصى حالياً من اعتداءات سلطات الاحتلال ومستوطنيها على أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وعدا عن كونه جريمة فاشية صهيونية بامتياز، هو أيضاً محاولة محمومة للمضي قُدُماً لتحقيق الهدف الصهيوني القديم – الجديد بإلصاق التاريخ اليهودي بالمدينة المقدسة ولو عنوة!. القدس عربية خالصة..كانت وستظل. يدّعون «يهوديتها» و«أنها العاصمة الموحدة والأبدية» لدولتهم! لا يدركون أن دولة الكيان طارئة الوجود،عابرة في تاريخ القدس وفلسطين والتاريخ العربي برمته. دولتهم محكومة بالزوال وليس فقط محاولاتهم المستميتة ل«تهويد» المدينة المقدسة!
مثلما فشل غيرهم من الغزاة في البقاء في فلسطين وانصرفوا عنها.. سينصرفون هم، وسيكتب التاريخ صفحة سوداء في إحدى صفحاته بأنهم احتلوا وقتاً ما فلسطين العربية!… بمعنى: إن نهاية دولتهم ستكون بضع صفحات سوداء في ملف تسجيلي مرتبط بكل ما هو قبيح وكريه وعنصري ومجرم وفاشي، وغيرها من المعاني المتوحشة، والتي لا تمت للحضارة ولا للإنسانية بصلة.
لقد بيّنت اكتشافات أثرية جديدة، أجرتها سلطة الآثار التابعة للاحتلال «الإسرائيلي»، في منطقة القدس المحتلة، وحتى الساحل الفلسطيني، عدم وجود «مملكة النبيين داود وسليمان» الواردة في التوراة.
وكشفت حفر أخرى جرت في منطقة قرية «الصافي» الفلسطينية المدمرة منذ العام 1948، في السهل الساحلي الجنوبي، في منطقة «بيت جبرين»، آثار مدينة «جت الفلاشتية»، وهي إحدى مدن الفلسطينيين الخمس المعروفة جيداً من قصص التوراة. ومجد «جت» كان خلال مدة النبيين داود وسليمان، أي القرن العاشر قبل الميلاد، «جت» هي المدينة الأكبر من بين المدن الفلسطينية.ويتم الحفر في هذا الموقع منذ عشرين سنة على يد طاقم قسم تعليم الآثار في ما يسمى ب «أرض إسرائيل» في جامعة بار ايلان برئاسة البروفيسور أهارون مائير. وخلال الحفر تم اكتشاف أدلة كثيرة من تلك الفترة، منها مذبح استعمل للطقوس الدينية، وبقايا مبانٍ ومواقع لصناعة الحديد وآلاف قطع الفخار والأدوات.
وخلال عمليات حفر العام الحالي 2015 التي انتهت قبل أسبوعين، بدأ الفريق بالحفر في موقع جديد أسفل التلة، ليس بعيداً عن مكان وجود المذبح… وقريباً من وجه الأرض تم اكتشاف الطرف العلوي لجدار حماية واسع.
من خلال حفر أخرى في قرية «خربة كيفا» الفلسطينية المدمرة، القريبة من قرية «الصافي»، كشف فريق الآثار برئاسة البروفيسورين يوسي غرفنكل وساعر غانور عن مدينة محصنة من القرن العاشر قبل الميلاد، وهذا الاكتشاف يعني أن المملكة الفلسطينية وصلت إلى خربة كيفا على الأقل.
وتبين لطاقم الآثار «الإسرائيلي»، من مكتشفات عدة، أن الفلسطينيين هم الذين سيطروا على الساحل وليس العبرانيون، كما تقول مزاعم «إسرائيلية» سابقة. ويقول الخبير مئير:«لقد قلت خلال سنوات إن«جت»مدينة فلسطينية كبيرة، لكن تم الادعاء ضدي… الآن عندما عثرنا على الحصن الضخم، فمن الواضح أنها المدينة الأكثر أهمية في القرن التاسع أو العاشر».
فلسطين عربية خالصة… هذا ما يقوله التاريخ، فالمؤرخ الإغريقي هيرودوتس يؤكد «أن فلسطين هي جزء من بلاد الشام»، المؤرخون الفرنجة يؤكدون بإجماع بالنص: «أن فلسطين ديار عربية». المؤرخ الشهير هنري بريستيد يذكر بالنص «أن القدس هي حاضرة كنعانية»، بالطبع الكنعانيون هم قبائل عربية.. ولهذا أطلق على فلسطين اسم «بلاد كنعان». اليبوسيون العرب استوطنوا الأرض الفلسطينية منذ 4000 عام قبل الميلاد، واستوطنوا منطقة القدس عام 2500 ق.م. القدس عربية قبل ظهور الدين الإسلامي الحنيف، والتأريخ لعروبتها لا يبدأ من الفتح العربي الإسلامي لها في عام 638 م مثلما يذهب العديد من المؤرخين للأسف ! القدس جزء أساسي من فلسطين ولذلك فالتأريخ للبلد ينطبق على مناطقه ولا يكون منفصلاً!
الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان بنى مسجد قبة الصخرة والقبة ذاتها تأكيد لدخول الإسلام إلى المدينة. أما أصل ما يعتمد عليه اليهود من تسمية القدس ب «أورشاليم» فالأصل في هذه التسمية أن اليبوسيين العرب هم من أطلقوا عليها الاسم وأسموها «أورسالم» أي «مدينة السلام» من الأصل.. بالتالي لا علاقة للاسم باليهود لا من قريب ولا من بعيد، ولا علاقة لهم بمدينتنا الخالدة.
صلاح الدين الأيوبي القائد العسكري والاستراتيجي الكبير، أدرك أهمية القدس بالنسبة لفلسطين وتاريخها العربي.. لذا انتقل إليها مباشرة بعد معركة حطين، واعتبرها المفتاح الرئيسي لتحرير باقي المناطق الفلسطينية. هذه نتف صغيرة من حقائق مدينة القدس التاريخية وارتباطها العضوي بالعروبة والإسلام بعد بضعة عقود من ظهوره.
بالمقابل، اعترف أبو الآثار «الإسرائيلي» ( وهو لقب يطلق عليه في الكيان)، وهو عالم الآثار الأبرز: «إسرائيل فلنكشتاين» من جامعة «تل أبيب» بعدم وجود أي صلة لليهود بالقدس.جاء ذلك خلال تقرير نشرته مجلة جيروزاليم ريبورت «الإسرائيلية»، توضح فيه وجهة نظر فلنكشتاين الذي أكد لها: أن علماء الآثار اليهود لم يعثروا على شواهد تاريخية أو أثرية تدعم بعض القصص الواردة في التوراة، كانتصار يوشع بن نون على كنعان. من جانبه، قال رفائيل جرينبرغ، وهو عالم آثار يهودي ويحاضر في جامعة «تل أبيب»:«إنه كان من المفترض أن نجد شيئاً حال واصلت» «إسرائيل» «الحفر لمدة ستة أسابيع، غير أننا نقوم بالحفر في القدس لأعوام دون العثور على شيء».
بالطبع، ما قاله العلماء اليهود الثلاثة، الذين يعيشون في الكيان، ليس جديداً، فكثيرون من علماء الآثار والتاريخ العالميين وصلوا إلى هذه الحقيقة المؤكدة، منهم عالمة الآثار كاتلين كينون، كذلك تصب في هذا الاتجاه دراسات المؤرخ بيتر جميس، وأيضاً ما كتبه توماس تومسون في كتابه «التاريخ المبكر للشعب «الإسرائيلي»، والحقائق التي أكدها المؤرخ العالمي الذائع الصيت أرنولد توينبي، والمؤرخ غوستاف لوبون، والمؤرخ اليهودي ذائع الصيت آرثر كوستلر، والمؤرخ شلومو ساند… وغيرهم (والقائمة تطول).
خسئوا.. فالقدس لم تكن ولن تكون يوماً يهودية، ولا وجود لمملكتهم ولا لهيكلهم.. بل هي عربية خالصة..كما الأرض الفلسطينية من الناقورة إلى رفح ومن النهر إلى البحر إضافة إلى المياه الإقليمية الفلسطينية كانت.. وهي.. وستظل عربية.
التعليقات مغلقة.