محمد شريف الجيوسي … الى أين يتجه الصراع في المنطقة العربية ؟
الأردن العربي ( الثلاثاء ) 22/9/2015 م …
من الواضح أنه كلما حقق محور المقاومة تقدماً على الأرض بمواجهة الحرب الإرهابية الدولية التي تشن عليه، فتح تحالف القوى الإمبريالية الاستعمارية الصهيونية الرجعية ، باباً جديداً لخلط الأوراق،في محاولات بائسة يائسة لتغيير النتائج وتحقيق مكاسب سياسية لم يحققوها خلال الحرب، التي أنجزوا فيها الكثير من التدمير والتخريب والقتل وتجارة البشر ونشر الجريمة المنظمة ، تجارات سلاح ومخدرات وتهريب وفتن ، لكنهم لم يتمكنوا رغم ذلك من كسر إرادة الصمود والمقاومة حتى تحقيق النصر عليهم جميعاً .
فالورقة الجديدة التي يجري استحدامها الآن هي الهجرة الى البلدان التي رسمت خطوط المؤامرة ووزعت الأدوار بين أطرافها وسلحت ودرّبت وموّلت أو أمنت مصادر التمويل ودعمت المؤامرة إعلامياً واستخبارياً وسياسيا .
ومن غير المعقول أن تكون خطط التهجير وتقاسم أعداد المهجرين ابنة ساعتها، وردة فعل على صورة ذاك الطفل السوري الكردي البريء، فدفع سكان المنطقة للهجرة على اختلاف مكوناتهم الدينية والمذهبية والطائفية والإثنية والمناطقية ، فالهجرة جارية منذ قرن وزيادة ، ولكن الهجرات السابقة كانت تتم على نحوٍ فردي ، طلباً لعمل أو علم أو فرصة للنجاح أو مغامرة ، أو تسلية تحولت إلى مكوث طويل أو نهائي، ولم تكن في كل حالاتها لتدخل في نطاق المؤامرة المباشرة ، ولكنها تدخل في مجال وضع المنطقة بعامة في مناخ يفتقر للأمن والسلام والعمل لكل مواطني المنطقة ؛ الأمر الذي كان يضطر البعض للهجرة .
أما هجرة اليوم فمختلفة،من حيث أنها تستهدف تهجير مهجّرين مختارين يقيمون في مخيمات اللجوء في دول محيطة بسورية، ومن خارج المخيمات ممن هم على ملاءة مالية أو يمتلكون كفاءآت علمية، غادروا غالباً مناطق تسيطر عليها العصابات المسلحة طلباً للأمن وهروباً من تطرف هذه العصابات وضغوطها بفرض سلوكات اجتماعية وطقْسية متطرفة غير مقبولة ومعاقبة من لا يتبع هذه الطقوس الغريبة الشاذة ، فضلاً عن الإتجار بالبشر واستعباد الأقليات وسبي النساء، ومصادرة إنسانية وطفولة الأطفال وتدريبهم على سفك الدم.
وهجرة اليوم تقوم على التشتيت الجغرافي،حيث تتوازع دول راسمالية عديدة أسلاب المهجرين ، وهناك يجري نزع الأطفال والشباب عن أسرهم وتاريخهم، وإدخالهم ما يشبه الغيتوات ، وتجري عمليات غسيل للأدمغة،يلقنوا خلالها ما يجردهم من أنسنتهم وحضارتهم العربية وإنتمائهم، بحيث يصبحوا أعداء موضوعيين ومحتملين لماضيهم وأسرهم ووطنهم .
وستستقبل دول الغرب (وربما الكيان الصهيوني أيضاً ) ما لا يقل عن 200 الف مهجر سوري ، من كفاءآت علمية وملاءآت مالية وقدرات شبابية صالحة كعمالة رخيصة وقدرات قتالية يجري تجنيد ما أمكن منها ضد وطنهم لاحقاً كـ إرهابيين وجواسيس وخلايا نائمة.
لقد طوّر التخالف الغربي الأمريكي الصهوني الرجعي العربي والتركي، أشكال تآمرهم على سورية وشقيقاتنها، منذ مطلع الألفية الثالثة (وكان البعض منهم مستتراً ) وهم الآن يعملون على جبهتي: الهجرة وتفاصيلها ، والمناكفة السياسية حينا وطرح الحلول السياسية حيناً آخر.
لقد توصل الغرب الأوروبي والأمريكي ( دون الصهاينة والرجعيتين العربية والتركية ) إلى قناعة مفادها أن إستمرار الحرب على سورية والمنطقة بشكلها الراهن غير ذات جدوى ، بل على النقيض ، هي ترتد عليهم وعلى تابعيهم ومريديهم ، بالأسوأ ، لذا هم بقدر هذه القناعة يريدون كسب الوقت ، حتى تعديل ( عقيدة الحرب ) هذه ، بحسر مخاطر الإرهاب عن بلادهم وإعادة الكرة باتجاه الدول ذاتها سورية وأخواتها العربيات ، بل ومدها وفق رؤى عدوانية جديدة ضد إيران وروسيا والصين وفنزويلا واخواتها .
لا صحة بالمطلق أن واشنطن والتابعين لها دولا كبرى ورجعيات ، يريدون حلولاً سلمية تقود إلى الإستقرار والأمن والسلام العادل والدائم والشامل سواء في فلسطين أو في المنطقة ككل ، بل ولن يتحقق ذلك إلا بإلحاق هزيمة شاملة كاملة عميقة بذاك التحالف، والحاق هذه الهزيمة بكل أطرافها ليس أمراً سريعا متاحاً، لكنه ممكن في المدى الأدنى للمدى المتوسط ..
ويصبح إلحاق الهزيمة أسرع وأشمل واعمق كلما شملت الحرب وتداعياتها كل أطراف التحالف الغربي الصهيوني الرجعي ، واستباق محور المقاومه وأصدقائه مناورات الغرب لكسب الوقت ، وكذلك استباق محاولاته نقل دائرة الصراع إلى موسكو وبكين وطهران وكراكاس .
يعلم الغرب أن نتائج حربه على الدولة الوطنية السورية وشقيقاتها سيرسم خارطة مستقبل المنطقة والعالم لعقود وربما لقرون، فهو يستشرس ، فضلا عن طبائعه الموغلة في سفك الدم وحروبه العالمية، وبين أطرافه على مدى 1000 عام .. وبهذا لن توقف الحرب إلا بهزيمته الشاملة ، أما سورية واخواتها ومحور المقاومة والحلفاء فيخوضون حربهم العادلة على أراضيهم ، والهزيمة ستكون في النهاية للغرباء لسافكي الدم ناشري الدمار القادمين من الخارج.
الثلاثاء 22/9/2015 م …
عن البناء اللبنانية
التعليقات مغلقة.