ما الذي يجري بين اسرائيل وحماس / د. عبدالله صوالحة

د. عبدالله صوالحة ( الأردن ) – الأربعاء 4/12/2019 م …



تشير كل التطورات الاخيرة في قطاع غزة إلى أن اسرائيل وحماس في طريقهما الى تهدئة طويلة الامد ، وهناك تغير ملحوظ في وجهة نظر اسرائيل تجاه حماس ، من مصدر تهديد حقيقي الى مصدر تهديد وعامل استقرار بنفس الوقت ، وينسب الى رؤساء بلديات مدن غلاف غزة قولهم أن على دولة إسرائيل إيجاد حل لمشكلتين مترابطتين معا هما إطلاق الصواريخ من القطاع تجاه هذه المدن وايضاً حل الأزمة الانسانية في القطاع ، التحول في رؤية اسرائيل لحماس ايضا عبر عنه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي اڤيڤ كوخافي في وثيقته غير المعهودة التي أرسلها لكافة وحدات الجيش الاسرائيلي بعد انتهاء العمليات العسكرية الاخيرة في قطاع غزة والتي وصف فيها حماس كعامل استقرار ويجب مساعدتها في تعزيز سيطرتها على القطاع ، في حين وصف حركة الجهاد الإسلامي بأنها تسعى لتشويش عملية التهدئة.

حماس من جهتها أكدت أكثر من مرة ان الأوضاع المعيشية لسكان القطاع أصبحت غير مقبولة وانه لا بد من الوصول الى التهدئة جنبا الى جنب مع اتباع اليات لكسر الحصار المفروض على القطاع ،وقد صرح اسماعيل هنية بان الحاجة تتطلب حمل علمين في يد واحدة علم المقاومة وعلم البناء .

على الأرض هناك ثلاثة مشاريع يتم الإعداد لها تكرس اعتماد غزة الذاتي ككيان منفصل قادر على ادارة شؤون الحياة اليومية لسكان القطاع ، المشروع الأول هو المستشفى الأمريكي الذي سيقام على الحدود الشمالية بين غزة واسرائيل يضم هذا المستشفى سبعة عشر تخصصا طبيا أهمها معالجة الأمراض المزمنة مثل السرطان وغيرها ، ورغم اعتراض حركة فتح والسلطة الفلسطينية على هذا المشروع متهمين حركة حماس بكونها تتبنى مسار الحل الإنساني والاقتصادي كأحد مخرجات ورشة البحرين الا ان حركة حماس أكدت ان المشروع هو انساني بحت وليس له دوافع سياسية .

المشروع الثاني هو إقامة جزيرة صناعية بتمويل ألماني قبالة شاطئ غزة تضم ميناء عائم ومطار ومنطقة صناعية يكون الإشراف الخارجي عليها بوساطة أوروبية ألمانية ، تشير أوساط اسرائيلية ان هذه الخطوة تحظى بدعم أمريكي حيث ترى الادارة الامريكية فيها بارقة أمل لتحسين الأوضاع الاقتصادية في غزة وبداية انفتاح القطاع على العالم الخارجي ، ويذكر أن هذا المشروع هو مقترح كان قد تقدم به وزير المواصلات السابق ووزير الخارجية الحالي يسرائيل كاتس وتم تأييده ايضا من قبل وزير الدفاع الحالي نفتالي بنت.

المشروع الثالث هو مد خط كهرباء بين قطاع غزة وإسرائيل يسمى خط 161 بتمويل من دولة قطر التي أعلنت عن استعدادها لتمويل المشروع الذي سيولد 100 ميجاوات لسد احتياجات القطاع بدل الاعتماد على السلطة الفلسطينية ويستغرق المشروع ثلاث سنوات تبني فيه قطر البنية التحتية اللازمة منها إنشاء مسار خط للغاز بطول 40 كم وبناء ثلاث محطات لضخه بكلفة تصل الى 88 مليون دولار ، وتحتاج غزة الى 500 ميجاوات يتوفر منها حاليا 200 ميجاوات من محطات التوليد والشبكات المصرية والاسرائيلية .

المؤشر الأخير على التحول في العلاقة بين حماس واسرائيل هو إلغاء المظاهرات الأسبوعية على الجدار الفاصل والامتناع عن الرد على استهداف القيادي في حركة الجهاد الاسلامي بهاء ابو العطا ، ويبقى السؤال المهم هل يمكن للسلطة الفلسطينية وجامعة الدول العربية أن تدعم جهود التوصل الى تهدئة طويلة الأمد وهل يمكن اعتبار تغيّر البيئة الاستراتيجية بين حماس واسرائيل دليل آخر على التحولات التي يخضع لها الصراع العربي الإسرائيلي ؟

[email protected]

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة.